عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

 صوت الإمارات -

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

بقلم : فهد سليمان الشقيران

بانعقاد القمة العربية الإسلامية تبدو الأمور أكثر هدوءاً، وآية ذلك أن الخطاب العام الذي طُرح فيها ارتكز على التهدئة مع الجوار، والبُعد عن التنميط الاستراتيجي، والتوجه نحو الواقعية الإقليمية والدولية، ذلك أن المتغيّرات موسومة بالسرعة في التغيير، والجرأة على التهجير، والتأسيس لنمطٍ ديموغرافي وجغرافي صاعد. والسرعة مرتبطة بالخطورة المحدقة التي لن تميّز أحداً في الإقليم، وعليه فإن الرغبة العامة بالحلّ موجودة، وإن كانت هناك خطابات تصعيد غير مسؤولة فيجب ألا تأخذ الحيّز الأكبر من الاهتمام. حين تغلب الخطابات الحكيمة على غيرها، نكون وضعنا القطار على السكّة، وما كانت المرحلة مضطربة حالياً إلا بسبب عدم تقدير الأمور، والتقليل من شأن الخصم، وعدم فهم السياسات العالميّة، ولا غرو أن من بدأ بهذا الخصام لم يكن داخل هذا العالم وإنما خارجه.

إن السيولة الخبريّة التي تصدر يوميّاً فيها الحق والباطل، ولكن هذه القمة تمنحنا الرؤية العامة التي يُراد للإقليم أن يسير إليها، وأحسب أن أفكارها يمكن تلخيصها بهذه النقاط التالية:

أولاً: ركّزت كلمات كثيرة على معنى الدولة، ولكن هذا المفهوم لن يتم من دون تفاوضٍ بين الخصوم، أو حوارٍ بين الأفرقاء، فالدول لم تُبنَ بثمنٍ بخس؛ وإنما علّمنا التاريخ أن التأسيس الراسخ بُني على كثير من الحروب الأهلية، ومزيد من الأثمان المادية، والكوارث الدموية، وتاريخ أميركا وأوروبا وروسيا شاهدٌ على ذلك، حين تأسست الدول المستقرة في الإقليم كانت هناك حروب تأسيس، وعليها بُنيت قواعد راسخة من أجل إيجاد نمط حكمٍ وثيق بتفويض من الشعوب، وبتقديرٍ عالٍ للجهود والرؤى والأفكار التي تقود مستقبلهم ومستقبل أجيالهم.

ثانياً: التأسيس لمسار تفاوضي جدّي، من المفيد أن تعيد حركة «فتح» لملمة شتاتها بحوارٍ مفتوح ومضبوط، وهذا ما ننتظر ثمرته، والأهم أن يكون الحوار بين الفلسطينيين كلهم من أجل الذهاب نحو حلّ الدولتين المثالي، وهذه فرصة من أجل ترتيب البيت الفلسطيني والذهاب نحو المستقبل، وإعادة الإعمار والرخاء الاقتصادي، والنعيم الأمني. مرّ دهر من الصراع الطويل منذ نقض اتفاق مكة الذي رعتْه أعلى القيادات السعودية، وهو صراع راحت ضحيته زوايا القضية الفلسطينية، ودُمّرت على أثره مكتسبات سياسية وجغرافية يدفع الفلسطينيون ثمنها إلى اليوم، وما كان سببها الشعب المكلوم، وإنما أطماع سياسييهم ونزعاتهم وطموحاتهم، وعليه فإن التفاوض هو رمانة الميزان بُغية الدخول نحو المجتمع الدولي.

ثالثاً: نحن في زمن المنافسة لا أزمان الحروب، لو تأملنا التاريخ فسنجد أن القرون من الخامس عشر حتى العشرين زاخرة بالحروب والدماء، والكل يعرف ذلك، لكن نحن الآن في زمن التنافسية الاقتصادية، والتفوّق التكنولوجي، والريادة العلمية. اكتشاف دولة لمصلٍ طبي أهمّ من تركيب صاروخ باليستي، المسألة لم تعد كما كانت في الماضي، وهذا ما لم يدركه قادة الفصائل والميليشيات. إن التفوّق التكنولوجي تفوّق على أفكار الحرب، والريادة الطبية صنعت لدولٍ صيتاً وقوةً ونفوذاً أكثر ممن يطلق الصواريخ والمسيّرات، حتى الحروب التي تُخاض من قِبل الدول المتفوقة مصحوبة ومدعومة بالتقنيات والأفكار العلمية. لم تعد الحرب هي وسيلة النجاة، بل إن المنافسة، والاستثمار بالإنسان هما أساس التطوّر المقبل.

الخلاصة هي أننا في عالم جديد، والدوّل تغيّرت، وثمة فرص مواتية، والنهر لا يجري مرتين، والسرّ مكنون في طريقة التأقلم مع هذا التغيير الحاليّ، والأفكار الماضية والمواثيق حول لبنان وفلسطين مهددتان بالتجاوز، ومن دون الوعي بذلك، فإن الغرور الذي نسمعه لدى بعض قادة الفصائل سيجعل الحظوظ لخصومهم أكبر، والحفاظ على ما تبقى من فرص ضروري. الساعة تدقّ والعبرة بكسب الوقت، والفرصة الآن سانحة نحو التفاوض، وإنهاء النزاعات، والإبحار نحو شاطئ الأمان بُغية النموّ والاستثمار والاستقرار، والتوجّه نحو ثقافة الحياة لا ثقافة الحرب والموت.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 00:42 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كردستان تحتضن معسكر المنتخب العراقي لكرة السلة

GMT 01:57 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

عقبة تُواجه محمد صلاح وساديو ماني أمام برشلونة

GMT 05:18 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ريماس منصور تنشر فيديو قبل خضوعها لعملية جراحية في وجهها

GMT 17:03 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

استقبلي فصل الخريف مع نفحات "العطور الشرقية"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates