حروب الوسائل وحروب الغايات

حروب الوسائل وحروب الغايات

حروب الوسائل وحروب الغايات

 صوت الإمارات -

حروب الوسائل وحروب الغايات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

 

مرّ عام على الحرب الشرسة على غزة، معركة ضربت شررها، بالإضافة إلى غزة كلاً، من سوريا والعراق ولبنان واليمن.

توقّع المقاتلون أن المسألة سهلة، وما كانت كذلك، وإنما اهتبل الإسرائيليون الفرصة المنتظرة، وقد كانت سانحة. كان بالإمكان أفضل مما كان إن قَبِل المقاتلون بالمبادرات العربية العديدة، أو بمقترح بايدن المعقول الذي تضمن مكاسب جيّدة للفلسطينيين، وأهمها التعهّد بحشد دولي لإعادة إعمار غزة، وما كانت حركة «حماس» تفكر تفكيراً واقعياً، بل انغمست في الموضوع الآيديولوجي الصاعد. لم تقبل «حماس» بهدنة رمضان، ولا بالتفكير النقدي للحرب، وحتى كتابة هذه المقالة يصعّد خالد مشعل بالخطاب، وتقصف «كتائب الدين القسام» إسرائيل برشقاتٍ صاروخيّة، ما يؤكد أن الحرب مستعرة، ومستمرة.

بعد اغتيال إسماعيل هنيّة تغيّرت المعادلة، ثمة انكشاف عالٍ على محور الممانعة كلياً، صارت أفكار التفاوض أكثر وعورةً، خالد مشعل وقادة «حزب الله» يصرّحون بخطابات غير واقعية، وأهمها أن لا مكان لإسرائيل في المنطقة، وهذا خطاب غير سياسي، وإنما خطاب حربي. زاد الإسرائيليون من وتيرة الحرب، وظنّ نصر الله أن الضربات الإسرائيلية ستكون محدودة. حدث خلافٌ كبير داخل الحزب حول مسألة الحرب، ولكن بسبب غياب نصر الله عن الواقع، وعدم عيشه مع العالم، ووجوده في كهف عميق لم يعلم أن الأمم تطوّرت. لم تعد الحروب تُدار بـ«الكاتيوشا» والطائرات محليّة الصنع والصواريخ القديمة، وإنما بالعلم والتطوّر الاستخباري العالي، والنموّ التكنولوجي.

حتى مع إعلان بدء إسرائيل عمليّة بريّة ومركزة في جنوب لبنان حالياً، غير أن الأهم من ذلك موضوع الاختراق؛ حيث استطاعت اختراق أصهار حسن نصر الله وأقاربه والعديد من محيطيه بالصفّ الأول من الحزب، ووصلت إليه في أدقّ مكان وأكثره حساسيةً وخطورةً، وزلزلت كل مقراته في لبنان وسوريا والعراق. كان العقلاء من اللبنانيين المعتدلين يحذّرونه من المغامرة، حروب «حزب الله» القديمة مع إسرائيل لم تعد قواعد اشتباكها كما كانت من قبل. حرب «البيجر» كانت مزلزلةً ولا تزال، إسرائيل أرادت أن تقول لـ«حزب الله» إن الحرب ستتفوق فيها تكنولوجياً، إضافة إلى التفوق العسكري الصارخ الذي لا يمكن للحزب حتى بعد مائة عام أن يصل إليه، وكانت حرب «البيجر» بمثابة الزلزال القاتل والمدمر في لبنان، واستطاعت أن تحوّل أسس الانتصار لصالحها.

لم يُقدّر «حزب الله» ولا السنوار ولا الآخرون مستوى التطوّر السيبراني الإسرائيلي، فهي من بين أكثر خمس دول بالعالم في هذا المجال. ولم يدرسوا الواقع بطريقة براغماتية تعطيهم فرص الخروج من أفكار الانتقام. تم القضاء على الصفوف الأولى في «حزب الله»، وتضرر لبنان؛ حيث تسببت هذه المغامرات في نزوح مليون ومائتي ألف، هذا عدا الضحايا، والأبرياء هم من تحمّلوا ضريبة الشعارات والخطابات والآيديولوجيات.

الخلاصة؛ أننا الآن أمام تحدياتٍ جيوسياسية، المنطقة تتغيّر، هناك ضربات يبدو أنها مؤجلة في العراق واليمن، هذا غير الضرب المُكثّف في سوريا ولبنان، والتصعيد الخطابي السياسي من قبل الطرف الخاسر يجب أن يتجه للعقلانية التي تقودها دول الاعتدال العربي، من دون التفاوض ستزداد المآسي الإنسانية والخسائر السياسية، والضربات العسكرية، والأحقاد المجتمعية.

علّمنا التاريخ أن الأفكار العاقلة هي التي توقف الحروب، فالحرب السياسية وسيلة وليست غاية، والحروب الآيديولوجية غاية وليست وسيلة، هذا هو الفرق، ثمة فرق بين حروب الدول السياسية الضرورية التي تولّد حلاً، وحروب الميليشيات التي تمزّق الأوطان وتزهق الأرواح. الأهم حالياً التوجّه نحو المساعدات الإنسانية لإنقاذ ما تبقّى من الأبرياء، وهذا موضع اهتمام لدى السعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة، ومن الجيد مبادرة الأثرياء بالعالم لدعم هذه الخطة، أما إنهاء الحرب في هذا التوقيت فشبه مستحيل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الوسائل وحروب الغايات حروب الوسائل وحروب الغايات



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين
 صوت الإمارات - العاهل الأردني يلقي خطاب العرش في افتتاح مجلس الأمة العشرين

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates