بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات

بين جنبلاط وحكمت الهجري... ومخاوف الأقليات

بين جنبلاط وحكمت الهجري... ومخاوف الأقليات

 صوت الإمارات -

بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات

فهد سليمان الشقيران

 

من الواضح أن المشهد الجديد في الإقليم يصعب طرح مآلاته؛ وخصوصاً حين نتحدث عن الأقليات، وهذا موضوع بحث ثقيل لدى الراصدين في المؤسسات البحثية أو التقييمات السياسية. الذي حدث في السويداء جعل الأمل أصعب؛ وما من وسيلةٍ لتجاوز هذه الوعورة المركّبة إلا في دراسة مفهوم الدولة المبتغى من المعنى الحالي، وتفكيك شيفرات الخطاب الآيديولوجي العالي بعد الوقائع المستجدة.

ليس سهلاً أن يكون الواقع الجديد أعلى من الإمكانات المعتادة، ثمة مشاهد يمكن أن تكون كارثية على المدى القريب. المسألة الأخطر التي تطرح بشكلٍ كثيف وتقلق الكثيرين مصائر الأقليات بالإقليم، كلنا شهدنا ماذا حدث بالإيزيديين الذين تعرضوا لأكبر مجزرة طائفية أو دينية في العقود الماضية، وما من مأمنٍ من تكرارها إلا بالعودة إلى مفهوم الدولة العتيد.

وما كان الدروز بمنأى عن التخوّف وحقّ لهم ذلك؛ فمكائن الخطابات الرنانة التي تهددهم موجودة وشغّالة، وقد أخذ ذلك بالحسبان زعماء الدروز في سوريا ولبنان. ولو تأملنا في مقابلة الرئيس الروحي لطائفة الدروز بسوريا، حكمت الهجري، على قناة «العربية» مع الصحافية رشا نبيل؛ فسنصل إلى نتائج أبرزها القلق من المقبل، ومن ثم تقييم المرحلة الحالية، والحديث عن أسس تسليم السلاح، وعلاقة السلاح بالجيش، ودرس إمكانات التعامل. لو دققنا بكل ذلك لفهمنا وعورة الدرب.

ثمة أطروحات حكم ذاتي متصاعدة، وانفعالات سياسية في الإقليم حول الفيدرالية وتغيير الدساتير، والبعض من اللبنانيين ينادون بمؤتمر وطني يغيّر من خلاله اتفاق الطائف، وخصوصاً بعد انتهاء هيكلية «حزب الله» وسقوط نظام الأسد والدخول بواقعٍ إقليمي جديد، وهذا يشعل قلق الأقليات التي تعد النمط الهادئ في الحركة السياسية أفضل لها من أجواء التوتر الصاعد والتغيير الحاد.

وآية كل ذلك أن حكمت الهجري كرر مرتين وربما أكثر في حواره التلفزيوني عبارة «الحكم الانتقالي» بمعنى أن ثمة معنى معيّناً يجب الاستناد إليه من دون الإيمان بالواقعة الحاليّة، وفي اليوم ذاته أجري حوارٌ مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وعدَّه أهم حوارٍ يعبر عن مصائر الأقليات وتحديداً الدروز. في الحوار اعتبر جنبلاط قائد العمليات في سوريا رجل دولة، وميّز دروز لبنان عن دروز فلسطين قائلاً: «لديهم مشاكلهم ولدينا مشاكلنا»، واستبعد التقسيم وأعاد موضعة الدروز الروحية، وقال بالنص: «مَن يريد أن يجعل من الدروز قوميين، أبداً الدروز ليسوا قوميين، الدروز مذهب توحيدي إسلامي الأصل عربي».

لا يمكن إهمال القلق الذي تعيشه الأقليات في الإقليم بجميع طوائفها ومذاهبها، فالأساس الذي يحرس كل هذا الفضاء المتنوّع هو الحفاظ على مفهوم الدولة ومعناها ومبناها، وصياغة دستور عادل يجعل الإنصاف أساسه، وهذا ما طرحه جون راولز، فيلسوف العقد الاجتماعي الأميركي.

معيار راولز باختصار لتحقيق العدالة المنصفة، انسجام الشخص ضمن حقه مع النظام العام مع حريته وتساويه مع الجميع والمتساوق مع النظام نفسه بالنسبة للكل، وكذلك أن يتم إخضاع التفاوتات الاجتماعية لترتبط بوظائف ومواقع مفتوحة بوجه الجميع حسب الشروط المنصفة لتكافؤ الفرص، ولديه فإن التفاوتات يجب أن تكون معياريتها للصالح الأفضل للأعضاء الأكثر حرماناً في المجتمع، راولز يتفرّد بهذا المعيار الناصع الذي يتجاوز الأداتية الديمقراطية، ليضع معاني المساواة وترتيب التفاوتات مداخل تحقيق العدالة، لأن الديمقراطية بوجهيها الفكري والتاريخي، ليست ضامنة للعدالة، وهذا ما يحمي الأقليات من الوحشيات المحتملة. فالإقليم يعيش حالةً من القلق الأقلّوي الصاعد، ولا بد من تطمينات عالية.

الخلاصة؛ أن موضوع الأقليات ومصائرها مقلق لهم وهذا مفهوم، ولكن الأساس يتجاوز التطمينات الاعتيادية العادية، بل العمل السياسي والقانوني والأمني لحمايتهم من غدر الآيديولوجيات المتصاعدة في الإقليم، وكذلك احترام عقائدهم وترسيخ حقوقهم داخل الدولة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات بين جنبلاط وحكمت الهجري ومخاوف الأقليات



GMT 20:13 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 20:12 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 20:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 20:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 20:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 20:08 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates