الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

 صوت الإمارات -

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان

بقلم : عثمان ميرغني

 

«الظروف غير متوفرة»... هذه الجملة التي وردت في تقرير أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، وتكررت بصيغ مختلفة في جلسة مجلس الأمن الدولي، أول من أمس، أبطلت مقترح إرسال قوات دولية إلى السودان تحت عنوان حماية المدنيين وإنشاء مناطق آمنة. وعلى الرغم من أن غوتيريش تعرض لحملة انتقادات من الأطراف المدنية في تنسيقية «تقدم» التي روّجت الاقتراح، فإنه كان واقعياً في موقفه، وفي قراءته للمشهد، وفهمه لتداعيات لمثل هذا القرار.

إنشاء مناطق آمنة ونشر قوات دولية يتطلبان جملة من المعطيات التي لا تتوفر بسهولة؛ أهمها وجود إرادة دولية والتزامات بتوفير الدعم المادي الكبير واللوجيستي، وبالأهداف الإنسانية البحتة للعملية من دون وجود تدخلات سياسية وأجندة خفية ترمي لاستغلال العملية لأهداف أخرى. أضف إلى ذلك أن نشر قوات دولية من دون أي اتفاق لوقف النار يعد مغامرة خطرة، تضع هذه القوات في مرمى النيران، ما يعرقل عملها ويحد من قدرتها على تحقيق أهدافها.

من هذا المنطلق يمكن فهم جملة «الظروف غير متوفرة» التي وردت في تقرير غوتيريش وأيدها أعضاء مجلس الأمن بمَن فيهم مندوب بريطانيا التي عوّل عليها البعض للدفع بمشروع نشر قوات وإنشاء مناطق آمنة.

الحقيقة أن الحديث عن إنشاء مناطق آمنة كان إعادة تغليف للطرح السابق المنادي بإرسال قوات دولية - أفريقية إلى السودان، بعدما لم يجد حماسة كافية في العواصم الدولية، وقوبل بالرفض التام من الحكومة السودانية. وقد وضح منذ البداية أن هذه القوات، إن تحققت، ستكون أفريقية في تشكيلها وليس لها من الدولية سوى «القبعة الزرقاء» لأن العديد من الدول وبينها جل الدول الغربية لا رغبة لديها في إرسال قواتها إلى أي مناطق نزاعات في الوقت الراهن. وللسودان تجربة في هذا المجال مع قوات بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) التي شكلت في عام 2007 وكانت إحدى كبرى بعثات حفظ السلام من حيث الحجم والكلفة، لكنها لم تكن ناجحة أو فعالة بالشكل الكافي وواجهت عقبات وتحديات شلتها في كثير من الأحيان.

الدعوة لنشر قوات أفريقية - دولية في هذه الظروف ليست بعيدة عن أجواء الاستقطاب الحاد في المشهد السوداني، والحسابات السياسية التكتيكية، وهي تثير الكثير من الأسئلة والمشاكل، أكثر مما تقدم حلاً للأزمة المستفحلة في السودان.

الطرف الذي يرتكب أبشع الانتهاكات، معروف للجميع، لكن تنسيقية «تقدم» في بياناتها وتحركاتها للترويج لاقتراحها باستدعاء قوات أفريقية - دولية، سعت للمساواة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، ووضعت نفسها مجدداً في موقع الاتهام بالانحياز.

فحتى لو سلمنا بأنه وقعت انتهاكات محدودة من بعض منسوبي الجيش ومن يقاتل في صفوفه، فإن ما حدث من الجيش لا يمكن مقارنته بما ارتكبته «قوات الدعم السريع»، لا في الحجم ولا بأي معيار. «قوات الدعم السريع» دمّرت ونهبت وشردت المواطنين من بيوتهم واغتصبت النساء والفتيات، ووصلت إلى حد تفكيك المصانع والمستشفيات ونقلها للبيع.

الأمر الآخر اللافت تمثل في الدعوة لحظر الطيران، وهو ما يخدم بوضوح هدفاً ظلت تسعى إليه «قوات الدعم السريع» التي تعرف أن الطيران كان عاملاً مرجحاً ضدها، وكبّدها خسائر فادحة. قد يتحجج البعض هنا بأن غارات الطيران أوقعت ضحايا مدنيين أحياناً، وهو أمر إذا حدث فإنه ليس مقصوداً ويحدث للأسف في كل الحروب، ومن كل الجيوش بما فيها الجيوش التي تمتلك التقنيات الأحدث على مستوى العالم مثل الجيش الأميركي. وما حدث في بعض غارات الجيش السوداني لا يمكن مقارنته أبداً بالجرائم الممنهجة والواسعة التي تقوم بها «قوات الدعم السريع»، فحتى في القانون فإن القتل الخطأ لا يمكن مساواته بالقتل المتعمد.

ربما أن أكبر شهادة على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة الجيش بـ«ميليشيا الدعم السريع»، أن المواطنين عندما يضطرون لمغادرة مناطقهم قسراً، فإنهم يبحثون عن الأمان في مناطق سيطرة الجيش. ما يحتاجون إليه إذاً، وفي هذه الحالة، ليس تجميعهم في معسكرات تقام لهم في مناطق حدودية معزولة تبعدهم أكثر عن قراهم ومدنهم وترسخ فيها وجود «الدعم السريع»، ما يحتاجون إليه هو الغذاء والدواء، ما يعني أن الجهد يفترض أن يتركز على كيفية إيصال المساعدات.

ما المتوقع الآن بعد فشل تمرير مشروع استدعاء قوات دولية؟

تقديري أن الجهود الإقليمية والدولية ستركز الآن على كيفية إيجاد آليات لتنفيذ التزامات إعلان جدة، وفي هذا الإطار ربما تأتي الزيارة التي تردد أن المبعوث الأميركي الخاص توم بيريلو سيقوم بها إلى بورتسودان في السابع عشر من الشهر الحالي. لكن الأهم من ذلك هو ما سيحدث على الأرض عندما تتضح نتائج الهجوم الواسع الذي يشنه الجيش وحلفاؤه في عدد من المحاور المهمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان



GMT 05:55 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 05:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 05:53 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 05:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

GMT 05:45 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

واقعية «سرقات صيفية» أم واقعية «الكيت كات»؟

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة - صوت الإمارات
ظهرت الفنانة إلهام شاهين في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وهي مرتدية فستانا أزرق طويلا مُزينا بالنقوش الفرعونية ذات اللون الذهبي.وكشفت إلهام تفاصيل إطلالتها، من خلال منشور عبر حسابها بموقع التواصل "فيسبوك"، إذ قالت: "العالم كله ينبهر بالحضارة الفرعونية المليئة بالفنون.. وها هي مصممة الأزياء الأسترالية كاميلا". وتابعت: "تستوحى كل أزيائها هذا العام من الرسومات الفرعونية.. وأقول لها برافو.. ولأن كثيرين سألوني عن فستاني في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.. أقول لهم شاهدوه في عرض أزياء camilla". يذكر أن فستان الفنانة المصرية هو نفس فستان الكاهنة "كاروماما" كاهنة المعبود (آمون)، كانت الكاهنة كاروماما بمثابة زوجة عذراء ودنيوية للمعبود آمون. وهي ابنة الملك (أوسركون الثاني) الذي حكم مصر خلال الأسرة الـ 22...المزيد

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates