إنجاب الأطفال العاملين

إنجاب الأطفال العاملين

إنجاب الأطفال العاملين

 صوت الإمارات -

إنجاب الأطفال العاملين

بقلم - أمينة خيري

 

مشهد مؤلم جدًا. درجة الحرارة تقترب من الخمسين، حيث الشمس تبدو وكأنها متعامدة على هذه الوجوه الصغيرة الكثيرة التى «تعزق» الأرض حينًا، وتركض حينًا ركضًا طفوليًا يليق بسنها. عشرات الأطفال يعملون فى الحدائق العامة بمدينة الشروق.

أجسادهم نحيلة، ووجوههم ضاربة فى سمرة شمس حارقة. عمر أكبرهم لا يزيد على ١٣ أو ١٤ عامًا. أقرانهم من الإناث يكنسن الشوارع جنبًا إلى جنب مع سيدات ورجال. يقوم الجميع بعمل عظيم. لكن يبقى السؤال عن «عمالة الأطفال»، هل أصبحت أمرًا واقعًا رغم أنف القوانين ودون النظر إلى حقوق الطفل؟، وهل الفقر المدقع هو الذى دفع أهالى هؤلاء الصغار للدفع بهم للعمل فى هذه الظروف القاسية؟، البعض من الأصدقاء ممن يدلون بدلوهم فى هذا الشأن يقول: مش أحسن ما يقعدوا يتسولوا على النواصى وفى الإشارات؟، وهنا أقول إن لمدينة الشروق نصيبها العادل جدًا من المتسولين والمتسولات عند كل مطب وأمام وحول كل مركز تجارى.

البعض متسولون محترفون، والبعض الآخر يتسولون بدوام جزئى «part time»، وبين هؤلاء عائلات بأكملها، حيث تجلس الأم وحولها خمسة وستة وسبعة عيال، بعضهم يبدو وكأنه ولد لتوه. ضخ هؤلاء العيال بلا هوادة يرتبط بهذه الوجوه الصغيرة المنقوعة حرفيًا فى الشمس. يظل هناك احتمال قوى أن عملية الضخ ترتبط مباشرة بهذا المشهد. فكر بعض الأسر يهديها لهذا الحل: الخروج من دائرة الفقر بإحكام الدائرة تمامًا، حيث إنجاب المزيد والمزيد من الصغار لتسريحهم فى سوق الأعمال الهامشية المضنية.

وحتى لو افترضنا أن بعض هؤلاء الصغار يذهب للمدرسة، ويعمل فى الصيف (أغلب من سألتهم ليسوا فى مدرسة)، ألا تؤدى الجنيهات القليلة التى يتمكنون من جنيها، والتى تؤهلهم بعد ذلك للعمل فى مجال البناء، حيث ينتقلون من مقلاة العمل فى الزراعة إلى نيران العمل فى التشييد والانقطاع التام عن التعليم؟، المصيبة أن هناك من يرى أن عمالة هؤلاء الصغار إنما هى عمل عظيم وإنجاز رائع. أسمع عبارات مثل «راجل يا بنى والله» «جدع من صغرك» وكأن الطفولة عار والانتقال إلى الرجولة فى سن العاشرة عمل عظيم يستحق الثناء!.

أعلم تمامًا أن تسيير حملة لإنهاء عمل هؤلاء الصغار ستلحق الكثير من الضرر بعائلاتهم التى ربما تكون منهمكة الآن فى إنجاب المزيد منهم، لا سيما أن التيار الأصولى، الذى يعتبر الإنجاب بلا هوادة طاعة وكلما زاد العدد كلما تفاقم الفخر وزادت الأمة قوة وبأسًا، مسيطر تمامًا على الشارع المصرى. الحل لن يكون أمنيًا؟، كما أن اعتبار هذه العمالة حلًا مؤقتًا فى الزمن الاقتصادى الصعب إنما هو تجذير لعمالة الأطفال، لا سيما أن أسرهم لا تعتبرها جريمة من الأصل. كلما رأيت هذه الوجوه المتزايدة أتذكر بكل خير العمل الدؤوب والرائع الذى قامت به السفيرة مشيرة خطاب وقت كانت أمينًا للمجلس القومى للطفولة والأمومة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنجاب الأطفال العاملين إنجاب الأطفال العاملين



GMT 00:14 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

زحام إمبراطوريات

GMT 00:14 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 00:13 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماذا وراء موقف واشنطن في حلب؟

GMT 00:13 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

أزمة ليبيا باقية وتتمدد

GMT 00:12 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

السينما بين القطط والبشر!

GMT 00:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

من الاندثار إلى الازدهار

GMT 00:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

روشتة يكتبها طبيب

GMT 00:10 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

التوريث الظالم

GMT 00:59 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 صوت الإمارات - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 00:55 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 صوت الإمارات - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:53 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 02:56 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أفضل مطاعم العاصمة الأردنية "عمان"

GMT 15:37 2014 الجمعة ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تسريحة "الريتو" تشهد إقبالًا شديدًا من النجمات العالميات

GMT 10:07 2012 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

"خدعنى الفيس بوك" مجموعة قصصية للكاتب أشرف فرج

GMT 15:15 2014 الجمعة ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة العيد ترجع بنا الذاكرة إلى سنوات الزمن الجميل

GMT 19:03 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

13.8 تريليون درهم تداولات «دبي للذهب والسلع» في 15 عاماً

GMT 14:48 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

كايلا موريس تستعرض جسدها بالبكيني في تينيريفي

GMT 20:45 2013 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

"سوني" تعرض أول فيديو تجريبي للعبة "DriveClub"

GMT 03:12 2015 السبت ,17 كانون الثاني / يناير

"كول أوف ديوتي" اللعبة الأكثر مبيعًا في 2014

GMT 16:14 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

هادي الجيار يجسد شخصية تاجر سلاح من مطروح في "الأب الروحي"

GMT 16:12 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"الأصفر" سيد الألوان في موضة 2015
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates