بقلم - أمينة خيري
جزء من التركيبة الفريدة غير المفهومة لغيرنا من شعوب الأرض تم الكشف عنها فى زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لمصر والجولات غير التقليدية التى اصطحبه فيها الرئيس السيسى.
مكونات الجولات لم تعلن قبل الزيارة، بل فوجئ الجميع بأخبارها وصورها تملأ الأثير. أما أماكنها، فلم تطرأ على بال أو خاطر. إنها أكثر الأماكن ازدحامًا بالناس واحتواء للحركة التجارية فى القاهرة. جزء من الانبهار بالطبع يكون لطبيعة خان الخليلى من حيث الحركة التى لا تهدأ على مدار ساعات اليوم، وجزء يعود إلى أن المحلات كانت مفتوحة، والشوارع كانت تعج بالمارة، والأجواء كانت أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها طبيعية. و«طبيعية» فى زيارة بهذا المستوى، وفى تلك الظروف الإقليمية الملتهبة، تعنى متفردة وغير مسبوقة.
صور السلفى مع المارة والعمال وأصحاب المحلات والزوار تساوى تريليونات الدولارات واليوروهات وغيرها من العملات قوية الشكيمة. لا أعنى أثرها على تنشيط السياحة، أو تشجيع الزوار، وإن كانت هذه نتائج بالغة الأهمية، لكن أعنى أن كل صورة من هذه الصور تسرد معلقات عن مصر وأهل مصر وقيادة مصر.
هذه الجموع التى احتشدت حول الرئيسين، والتقطت الصور، ولوحت لهما ليس جميعها من أكثر المهتمين بالسياسة، أو أعتى المؤيدين للرئيس بالضرورة. المؤكد أن بينهم من يعارض، أو يشكو همه الاقتصادى ليلًا نهارًا، أو لديه تصور كامل لكيف تدار الدول ويُصحح الاقتصاد ويتم تشغيل الصحة ويجرى إصلاح التعليم وتتم إعادة بناء منظومة الكرة وتسديد الأهداف وشراء اللاعبين وبيعهم، ويتم التعامل مع الرئيس ترامب والمواد التى ينبغى إضافتها لبطاقة التموين وتقييم الفستان الذى ارتدته رانيا يوسف والفتوى التى أصدرها دار الإفتاء والعاصفة الترابية وهلال رمضان ولعنة الفراعنة وصفقة زيزو وحكم من ماتت وهى تضع أظافر صناعية، وجميعها مواقف وآراء لا تتسق أو تتطابق أو تتوافق بالضرورة مع المواقف الرسمية والأداءات الحكومية. ورغم ذلك، جاء «سلفى الرئيسين» ليقول إن الخلاف فى الرأى، والاعتراض على سياسات وأوضاع، لا يفسدان للسلفى قضية.
المسألة رمزية بحتة. تحمل الكثير من المعانى والرسائل والفيتامينات النفسية والعصبية، لنا قبل غيرنا. كما أن «سلفى الرئيسين» جاءت كاشفة لأمور أخرى. بيننا من هو كياد غياظ شكاء بكاء، لا يرى إلا الشوكة فى الوردة. أكرر، المسألة لا علاقة لها بمدى حبك للرئيس، أو تأييدك للقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، المسألة لها علاقة بلحظة اصطفاف شعبى نحن فى أمس الحاجة لنعيشها ونشهدها ونعاود التأكيد لأنفسنا على وجودها.
بمعنى آخر، ليس المقصود أن نقول جميعًا «آمين» على كل قرار أو توجه سياسى واقتصادى، وليس المقصود أن يتم إخراس المعارضة، كل المطلوب أن نفرق بين الكيد والسخط وسواد القلب من جهة، والمعارضة من جهة أخرى.
أحببت «سلفى الرئيسين» وأهل مصر فى مقدمة الصورة.