التسول الرمضانى

التسول الرمضانى

التسول الرمضانى

 صوت الإمارات -

التسول الرمضانى

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

المصريون شعب طيب بالفطرة.. على الأقل، جزء غير قليل منهم. ترى المتسول وقد بدت عليه آثار بذل المجهود الجبار من أجل إتقان الدور وابتزاز المشاعر؛ حيث الجلباب المتسخ والشعر المشعث وعلامات البؤس، أو سجادة الصلاة والصلاة عليها طيلة اليوم، أو ادعاء البؤس والدموع التى يتم سكبها ساعة خروج الموظفين ثم تجف بعد الخامسة بقليل، ورغم ذلك تجد مواطنين بسطاء يمدون أياديهم فى جيوبهم ويخرجون ما يملكون من قليل يدسونه فى يد مدعى الفقر ومحترف التسول بكل بساطة وبراءة.

وجميعنا يعلم أن شهر رمضان بات يرتبط بظهور جيوش من المتسولين، وتختفى غالبيتهم المطلقة فى اليوم التالى لثالث أيام العيد ليعودوا إلى مواقعهم قبل عيد الأضحى بيوم أو يومين.. وهلم جرا.. لذلك، فإن جزءًا من ذكريات شهر رمضان تتعلق بالتسول والمتوسلين. والفرق بين التسول والمتسولين من جهة، وعمل الخير ومستحقيه من جهة أخرى كبير. وأعود إلى الذكريات، وأقول إن رمضان ارتبط بالمتسولين على مدار سنوات طويلة. كان والدى- رحمه الله - رجلًا طيب القلب، ولكن صارم فى قراراته وأحكامه. كان يُكن احترامًا كبيرًا لكل من يقرر العمل فى ظروف صعبة، ولا سيما النساء والشباب. لا أتذكر يومًا أنه حقّر من شأن مهنة أو قلل من حجم عمل يقوم به حداد أو بواب أو خباز أو عامل نظافة.. لكن كانت عفاريت الدنيا «تتنطط أمامه» إن تتبعه متسول أو متسولة وكرر مطالبات إعطائه مالًا مع ادعاء البكاء. وكانت العفاريت تتحول إلى «أشاكيف» حين يكون السائل أو السائلة عتيدًا قويًا موفور الصحة. «الأولى به أن يعمل أى عمل ولا يمد يده إلى الناس» كانت عبارته المشهورة. وفى حال كان المتسول العفى القوى يصطحب طفلًا «يشحت به»، كان الأمر يصل بوالدى إلى درجة الغضب والاكتئاب لأيام عدة. رأيه الذى نشأت عليه واقتنعت بكل كلمة فيه كان أن الإنجاب مسؤولية، وأن قرار المساهمة فى زيادة سكان الأرض يجب أن يكون مصحوبًا بقدرة عقلية ونفسية، وإلى حد ما مادية لضمان الحد الأدنى من الحياة الجيدة للقادم الجديد

. مفهوم الحياة الجيدة لم يكن سيارة فارهة وفيلا فاخرة وأموالًا متلتلة بقدر ما كان مقدرة على تعليم الصغير وتنشئته ورعايته صحيًا ونفسيًا فى بيئة معقولة. وكان يرى من ينجبون لمجرد الإنجاب أو لأن من سبقوهم أنجبوا، أو حتى يلعب القادمون الجدد أدوار الكفيل والراعى عبر زواج مبكر أو عمل أطفال أو تسول بهم، هذا جريمة لا تغتفر. وكان قلب أبى يرق للبعض ممن لا يتسولون بشكل مباشر، بل يبيعون أمشاطًا بلاستيكية أو عسلية أو ما شابه، ولا سيما لو كانوا من ذوى الإعاقة، فكان يقول: «المحتاج بجد لا يمد يده فى الشارع ولا يتسول فى رمضان ثم يختفى بقية العام».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التسول الرمضانى التسول الرمضانى



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates