«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة

«جائزة صموئيل حبيب»... شجرةُ العطاء الوارفة

«جائزة صموئيل حبيب»... شجرةُ العطاء الوارفة

 صوت الإمارات -

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة

بقلم: فاطمة ناعوت

أدرك فى مقتبل عمره أن «الأميّةَ» هى مِعولُ الهدم الأولُ فى أى مجتمع، والعدوُّ الأخطرُ الذى يعوق مصرَ عن النهوض والتحضّر الذى يليقُ باسمها العريق؛ لهذا سافر إلى أمريكا، بعد حصوله على البكالوريوس من الجامعة الأمريكية بمصر لإنجاز درجة الماجستير من جامعة سيراكيون حول: «الصحافة المقروءة للمتعلمين الجُدد فى المجتمع المصرى»، وعاد من فوره إلى وطنه لتطبيق أول برنامج مصرى لمحو الأمية فى خمسينيات القرن الماضى فى قرية «نزلة حرز» بمحافظة المنيا. ثم ألحق هذا البرنامج ببرامج أخرى مُطوّرة لتعليم المتسربين من التعليم. ثم أصدر فى منتصف الخمسينيات أول مجلة مصرية تهتم بمتابعة المتعلمين الجدد لكيلا يرتدوا إلى الأمية من جديد، وأطلق عليها اسم: «رسالة النور». فى مطلع خمسينيات القرن الماضى، أسّس مشروعًا تنمويًّا ضخمًا مازال يشعُّ نوره حتى اليوم، هو «الهيئة القبطيَّة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، واحدة من أهم مؤسسات العمل الأهلى الرائدة فى مصر، هدفها الارتقاء بجودة المواطن المصرى تثقيفيًّا واجتماعيًّا، ومكافحة وباء الأمية. هذا شابٌّ مثقف ووطنى من صعيد مصر اسمه «صموئيل حبيب» عرف فى مقتبل صباه كيف يحبُّ مصرَ «عمليًّا»، فقضى عمرَه كلَّه يغرسُ فى تربتها شتلات النور. لهذا اختاره المجلس القومىُّ للكنائس الأمريكيَّة عام ١٩٩٠ واحدًا من ثلاث شخصيات على مستوى العالم، اهتمت بمكافحة الأميَّة فى بلادهم، واختاره الرئيس الراحل «أنور السادات» ضمن الأعضاء المؤسسين لجامعة الشؤون الإسلامية والعربية عام ١٩٨٠.

خلال مسيرة عطائه النبيل، وإلى جوار عمله الميدانى النشط، ألف وترجّم أكثر من ٦٠ كتابًا، من بينها كتبٌ فى تطوير المجتمعات النامية وتثقيف شعوبها. القسُّ الراحل الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى تحتفل الهيئة كل عام فى عيد ميلاده يوم ٢٨ فبراير بتوزيع جائزة «صموئيل حبيب»، التى أُطلقت عام ٢٠٠٠، لتقدير رموز مشرقة فى المجتمع المصرى ساهمت فى الارتقاء بالمواطن والوطن، هكذا يكون رجلُ الدين المنخرط فى هموم وطنه والناشط فى حلّ مشاكله غير مدخرٍ لعلم ولا جهد ولا مال. كان القسُّ «صموئيل حبيب» من أوائل رجال الدين المسيحى المصريين الذين دعوا إلى تنظيم الأسرة عبر جولات ميدانية وندوات فى ستينيات القرن الماضى، كما اهتم بدور رجل الدين فى التنمية، فعقد العديد من البرامج المشتركة لرجال الدين الإسلامى والمسيحى، حول قضايا التنمية المجتمعية. العطاءُ المجتمعى والأخذ بيد الناس هو الذى يحدد قيمة الإنسان الحقيقية أمام الله، وعلى ميزان الإنسانية.

لا تنهضُ المجتمعاتُ إلا بانتظام أضلع مثلث التنمية: الحكومات، مؤسسات المجتمع المدنى، والقطاع الخاص. لهذا تعتزُّ مصرُ بالنجباء الوطنيين من أمثال الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى منح عمرَه للخدمة المجتمعية والعمل التطوعى الرفيع. وهو شخصية مصرية عالمية حاصل على العديد من درجات الدكتوراه الفخرية من كبريات جامعات العالم والجوائز الدولية المرموقة. رحل عن عالمنا فى تسعينيات القرن الماضى، لكن جهوده مازالت فاعلةً لا تتوقف على مدار الساعة من خلال «الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، التى تترأس مجلسَ إدارتها الصيدلانية الجميلة الدكتورة «ميرفت أخنوخ»، ويترأسُها الدكتور الأكاديمى المثقف «أندريا زكى»، رئيس الطائفة الإنجيلية.

على مدار أربعة وعشرون عامًا، تمنح الهيئةُ جائزتين سنويًّا: إحداهما تُقدَّم لجمعية أهلية مصرية تقوم بدور بارز فى مجال خدمة المجتمع، والثانية تُقدّم لشخصية دينية مسيحية أسهمت فى العمل التطوعى لخدمة المجتمع، تشجيعًا لرجال الدين المسيحى للانخراط فى قضايا المجتمع وحل مشاكله، وتكريسًا لفكرة أن رجل الدين بشكل عام لابد أن يقدم خدمات عملية للارتقاء بمجتمعه. ولهذا تشيدُ وزارةُ التضامن كل عام بجهود الهيئة الإنجيلية وتعاونها الدائم فى المشروعات القومية التى تعمل على الارتقاء بذوى الهمم ومحو الأمية.

فى حفل هذا العام، قال د. «أندريا زكى» إن الدولة القوية لا تقومُ إلا على أعمدة مجتمع مدنى قوى تتضافر جهودُه مع مؤسسات الدولة للنهوض بالمجتمع لبناء مصر الحديثة. وذهبت جائزتا هذا العام إلى: جمعية «الجورة» لتنمية المجتمع فى شمال سيناء تقديرًا لدورها المجتمعى التنموى فى دعم فرص التنمية المستدامة لشباب سيناء، وتسلّمها «الشيخ عرفة»، ممثّل الجمعية، وحصد الجائزة الأخرى نيافة الأنبا «بولا شفيق، مطران إبراشية الإسماعيلية للأقباط الكاثوليك، تقديرًا لجهوده فى العمل الاجتماعى التطوعى طوال تاريخه الخدمى.

حضر الحفلَ الحاشد الذى أُقيم فى مقر الهيئة الأربعاء الماضى، كالعادة نخبةٌ جميلة من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، والقيادات السياسية والشعبية وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ وعددٌ من الشخصيات العامة من رموز الفكر والإعلام وقيادات المجتمع المدنى. وشَدَا مُرنِّمون رائعون من شباب الهيئة الإنجيلية بالأغنيات الوطنية الساحرة التى أدفأت قلوبنا بحب مصر. تحيا مصرُ الطيبة التى تعلّم أبناءها العطاء والحب. وشكرًا لكل مَن يحبُّ مصرَ. »الدينُ لله والوطنُ لمَن يحبُّ أبناء الوطن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة «جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة



GMT 06:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 06:12 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:08 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates