بقلم : محمد أمين
فى ألبوم أغانى كوكب الشرق أم كلثوم، أغنية اسمها ذكريات تقول فيها «كيف أنسى ذكرياتى وهى فى قلبى حنين» وتستكمل «كيف أنسى ذكرياتى وهى أحلام حياتى، إنها صورة أيامى على مرآة ذاتى، وتختم فتقول «كيف أنساها وقلبى لم يزل يسكن جنبى إنها قصة حبى»!.
أتذكر الأمس الذى كنا نشترى فيه كيلو اللحمة بسبعين جنيها، وكيلو اللبن بجنيه ونصف، وكيلو البانيه بعشرين جنيهاً. وأحن إلى قصة الأمس عندما كنا نركب التاكسى بعشرة جنيهات فى المشوار والسائق يدعو لنا.. وأتذكر صورة أيامى يوم كانت الدنيا براحا، وتمد يدك فتساعد المحتاج وتعطيه جنيها فيحمد الله ويقبل الحسنة.. الآن الخمسة جنيهات لا تصنع له شيئا.. ولو أعطيت المتسول خمسة جنيهات سيقول لك أجيب بيها إيه؟!.
أغرب حاجة الآن بعد الزيادات الأخيرة أن مصر أصبحت بلدين، حتى أخلاق الناس تغيرت، تركب التاكسى يقولك هتدفع كام؟ فتقول له العداد يقول «مش شغال» ومش معقول هتتخانق فتسكت، وتركب الأتوبيس فتجد نفسك فى عالم غير العالم!.
المثير للدهشة أن التوك توك أيضا أصبح يسألك: هتدفع كام؟!.. طبعا الكلام عن التوك توك وكده ميعرفهوش أصحاب الياقات البيضاء.. الكلام للغلابة ومن يقرأ من الحكومة والمحافظين.. فلا شىء له سعر محدد سواء طعام أو خدمات!.
كان الجنيه يحل كل مشكلة وكان معترفا به.. حاليا أقل وحدة خمسة جنيهات وتشترى بها مصاصة للعيل.. عفوا أتحدث فى هذه الأمور، لأنها يومية ولأننى واحد من الشعب، أعيش معهم وأشعر بهم وأتابع الأسواق على الأقل لكى أكتب كلاما موزونا صحيحا!.
لست يائسا ولا حاجة، لكن هفرقع.. ومع ذلك أشعر بالرضا وأشعر بأن الفرج قريب، وأن دوام الحال من المحال.. كنت مستغرقا فى هذه النوستالجيا وأسعار اللحوم والفراخ والبيض واللبن فوقعت عيناى على تقرير مثير للدهشة، كأنه كان رسالة، يقول التقرير: تخلص من ذكريات الماضى الأليمة وقد اعتبرها التقرير أليمة!.
وقال: هناك أربع خطوات للتخلص من الماضى الأليم، هى: «عدم الاستسلام والاندماج فى المجتمع، وحب النفس والرضا والإيمان بالعوض!». وكانت رسالة حقيقية وعلاجا فى الوقت نفسه لحالات كثيرة حتى لا نتذكر أى شىء مؤلم، فقد كان الجنيه المصرى أغلى من الجنيه الذهب وزيادة.. أين ذهب؟ ومع ذلك تأقلمنا مع الحياة وسنتأقلم الآن أيضا باقتناع أن الفرج قريب لا محالة!.