بقلم : محمد أمين
كثيرًا ما سمعت تعريفات فى الفترة الماضية تخلط بين الدولة ونظام الحكم، أى نظام، بالذات عندما تتحدث الحكومة عن إجراءات لحماية حق الدولة.. فهل نعيد تعريف الأشياء من جديد؟.. بمعنى: تعرف يعنى إيه معنى الدولة؟!
بالمناسبة، التعريف يختلف عن مفهوم الحكومة للدولة.. فالدولة هى عدد من البشر يمارسون كافة نشاطاتهم على رقعةٍ جغرافيّة محددة، ويخضع هؤلاء لنظام سياسى تمّ الاتفاق عليه فيما بينهم، بحيث يتولّى هذا النظام شؤون الدولة، بحيث تشرف الدولة على أنشطة اقتصاديّة وسياسية واجتماعية، والتى تهدف جميعها إلى تقدّم تلك الدولة وازدهارها، وتحسين المستوى المعيشى والحياتى للأفراد فيها!
يقسم العالم إلى عدد كبير من الدول، تختلف جميعها فى أنظمتها السياسية وأشكالها. فى تعريف الدولة، جاء فى لسان العرب: «الدّولة والدُّولة: العُقبة فى المال والحرب»، أى إنّ الغلبة والانتصار لا يتم إلا بها، وجاء أيضًا: «الدولة الفعل والانتقال من حالٍ إلى حال»، أمّا فى القاموس المحيط فقد جاء تعريف الدولة: «الدولة انقلاب الزمان»، وتعنى تغيّره، فمرةً يكون لهؤلاء، وأخرى لغيرهم!
نقول: «الأيام دول»، أى تتغير من حال إلى حال، وفى القرآن: «وتلك الأيام نداولها بين الناس».
والذين يفهمون معنى الدولة على أنها السلطة يفهمونه خطأ، فلا يجب أن تحصرها فى هذا المعنى وحده، وحق الدولة هو حق جميع البشر على رقعة معينة من الأرض.. والحكومة التى تحمى حق الدولة فإنها تحمى حقوق جميع الأفراد فيها ولمصلحة هؤلاء الأفراد!
وتضمن الدولة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواطن، ومنها الحق فى الغذاء الكافى، والحق فى السكن اللائق، وفى التعليم، والصحة، والضمان الاجتماعى، والمشاركة فى الحياة الثقافية، والمياه والصرف الصحى، والعمل.
والحقوق الثقافية للمواطن مضمونة ومصونة، وقد رأينا فى هذا الملف تحركًا من جانب الحكومة فى قضية هدم المقابر الأثرية، فحدث تراجع عن الهدم عندما ثار المواطنون باعتبار هذه المقابر تراثًا إنسانيًا يجب الحفاظ عليه، وعلق البعض على رغبة مصر فى السباق على اليونسكو بأنها ليست فى محلها لأنها لا تهتم بالتراث الإنسانى، وأن ما حدث من هدم قد يُعطل منافسة مصر على المنصب العالمى!
وأخيرًا، فإن أهم ما يميز مصر عالميًا هو آثارها وتراثها الإنسانى، وكان يجب أن يكون أول سطر فى كتاب معنى الدولة!.. ويجب أن يُدرَّس معنى الدولة من جديد على هذا الأساس، للحفاظ على الآثار والتراث كما نحافظ على حدود الوطن وترابه!