بقلم : محمد أمين
مصر لها دور كبير فى دعم قضية فلسطين ومناهضة الاحتلال، ووقف نزيف الدم.. القضية قديمة منذ حكومة الوفد أيام مصطفى النحاس.. النحاس بشكل شخصى كان مهمومًا بالقضية.. وُلد مصطفى النحاس فى 15 يونيو 1879 فى سمنود، محافظة الغربية، لأسرة ميسورة الحال. والده محمد النحاس أحد تجار الأخشاب المشهورين، يمتَلك عدة ورش وعقارات، له سبعة من الإخوة والأخوات. تلقى تعليمه الأساسى فى كُتاب القرية فى سن السابعة.
انتقل مصطفى النحاس لأول مرة إلى مدينة القاهرة، والتحق بالمدرسة الناصرية الابتدائية بالقاهرة، وحصل منها على الشهادة الابتدائية، ثم التحق عام 1892 بالمدرسة الخديوية الثانوية، ثم التحق بمدرسة الحقوق (كلية الحقوق الآن).
كانت أول وظيفة للنحاس فى مكتب محمد فريد المحامى، الذى تولى زعامة الحزب الوطنى بعد مصطفى كامل. ترك مكتب محمد فريد، وبعد فترة قصيرة أصبح شريكًا للمحامى المشهور حينها، محمد بك بسيونى، بمدينة المنصورة!.
ظل يعمل فى المحاماة حتى عام 1903. عرض عليه عبدالخالق ثروت باشا العمل بالقضاء ضمن وزارة حسين رشدى باشا أثناء ما كان وزيرًا للحقانية. رفض النحاس هذا العرض، لكن ذهب ثروت إلى والد النحاس ليُقنع النحاس بقبول الوظيفة حتى قبلها.
كان أول تعيين له كقاضٍ فى أكتوبر 1903 بمحكمة قنا الأهلية وأسوان أمضى فيها الفترة من 1903 إلى 1908، ثم بعد ذلك تسعة أعوام متنقلًا بين مدن الدلتا والقاهرة وطنطا حيث تولى آخر مناصبه، رئيسًا لدائرة محكمة طنطا، وحصل وقتها على رتبة البكوية!.
يُعد دخول مصطفى النحاس الحياة السياسية مرتبطًا بإعلان الرئيس الأمريكى وودرو ويلسون للمبادئ الأربعة عشر، التى أُذِيعت بعد الحرب العالمية الأولى. حينما نادى الرئيس الأمريكى بحق الشعوب الصغيرة فى تقرير مصائِرها، أثر هذا فى وجدان النحاس، الذى كان يكن شعورًا عدائيًّا تجاه الاحتلال البريطانى لمصر.
بدأ سعد زغلول بتشكيل الوفد، وأدرك حينها أنه لو سمح للحزب الوطنى بإرسال مرشحيه، لأرسل المُغالين منهم، ما كان سيُجهض أى مفاوضات. سعى سعد زغلول إلى ضم عناصر من الحزب الوطنى من اختياره تجنبًا لأى صراعات، لذا اختير مصطفى النحاس وحافظ عفيفى فى 20 نوفمبر 1918 ضمن أعضاء الوفد السبعة!.
عند اشتعال ثورة 1936- 1939 فى فلسطين، أسس النحاس اللجنة العربية العليا كمحاولة لتهدئة الأمور فى المنطقة. وكان مسؤولًا عن المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936م، إلا أنه لاحقًا ألغاها، الأمر الذى أشعل اضطرابات مضادة للإنجليز، مما أدى إلى حل وزارته فى يناير 1952م. وبعد ثورة يوليو 1952 سُجن هو وزوجته، زينب الوكيل، من 1953م إلى 1954م، ثم تقاعد من الحياة العامة!.
على أى حال، لم يحدث فى أى عصر ولا أى حكومة وطنية أن تخاذلت فى نصرة القضية الفلسطينية واعتبارها القضية الأم، حتى أصبحت قضية العرب الأساسية، إلى اليوم، فهى قضية وطنية وقضية أمن قومى، وليست قضية شعب شقيق بقدر ما هى قضية مصر أولًا، وهذا قدَرها!.