حالة انتخابية في أميركا

حالة انتخابية في أميركا

حالة انتخابية في أميركا

 صوت الإمارات -

حالة انتخابية في أميركا

بقلم - عبد الرحمن شلقم

حدثان كبيران يشدَّان اهتمام العالم كل 4 سنوات، وهما دوري كأس العالم لكرة القدم، والانتخابات الرئاسية الأميركية. في كلا الحدثين تبدأ مواجهات التصفيات، التي يتقدم فيها فائزون، ويغادر خاسرون. العدّ التنازلي في معركة سلاحها الأقدام، في بطولة كرة القدم العالمية، التي تدور فوق ملاعب تركض فوقها مليارات الدولارات، وتزدحم مدرجات ملاعبها، بألوف المتفرجين وهم يصفقون ويصرخون، تحفيزاً للفريق الذي يشجعون، أو احتجاجاً على نفخة صافرة من حكم المباراة. الانتخابات الرئاسية الأميركية، مباراة دورية تعيشها الولايات المتحدة، كل 4 سنوات. يبدأ الدوري بمنافسة بين مرشحين من كل حزب. الحزبان الديمقراطي والجمهوري يفتحان مزاد المنافسة بين عدد يزيد أو يقل من المتقدمين للترشح إلى انتخابات الرئاسة. تمضي معركة المنافسة بخروج الخاسرين، ويبقى الفائز الأول من كل حزب، ليخوضا المباراة النهائية، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني). الانتخابات الرئاسية الأميركية تنفرد بنظام لا مثيل له في كل دول العالم. انتخابات مباشرة يشارك فيها جميع البالغين من أفراد الشعب، وانتخابات يصوت فيها أعضاء منتخبون عن كل ولاية، يشكلون ما يُعرف بالمجمع الانتخابي، وعدد أعضائه 538 عضواً، وهم الذين يملكون قرار الحسم في الانتخابات الرئاسية. في حالات عدة، فاز مترشحون بالأصوات الشعبية، لكنهم لم يحصلوا على الأغلبية المطلوبة في المجمع الانتخابي.

الانتخابات الرئاسية هذه السنة لها خصوصية لم تكن في كل ما سبقها من انتخابات رئاسية في أميركا. المترشح عن الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، والمترشحة عن الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الحالي، كامالا هاريس. كل منهما يحمل مواصفات، لم تكن في من سبقه من المتنافسين على اعتلاء سدة الرئاسة الأميركية.

دونالد ترمب قفز إلى الرئاسة في ولايته السابقة، من دنيا المال والإعلام، ولم يكن حاكماً لولاية أو عضواً بالكونغرس. ملاحق في أكثر من 50 قضية من طرف القضاء. تعرض لـ3 محاولات اغتيال وهو يخوض معركته الانتخابية، وجرت محاولتان في الكونغرس لعزله من الرئاسة. وإذا فاز في الانتخابات المقبلة، فسيكون هو الرئيس الثاني في تاريخ الولايات المتحدة، الذي يتولى الرئاسة في دورتين غير متصلتين، بعد كليف لاند، الذي ترأس أميركا في القرن التاسع عشر، وهو الأكبر سناً بين من ترشحوا للرئاسة. وصفه كثيرون، بعضهم من المقربين منه، بالنرجسية المفرطة، وبهجومه العنيف على خصومه، وسخريته بصوت عالٍ من معارضيه، ومن كل من يختلف معه. هو ملاكم لا يقيم وزناً لقواعد اللعبة، ويضرب فوق الحزام وتحته. يخوض حرباً متواصلة وعنيفة ضد المهاجرين، وخاصة اللاتين الذين يعبرون المكسيك، التي شرع في بناء سور على الحدود معها، عندما كان رئيساً لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين عبر الحدود معها. لا يزن المرشح دونالد ترمب ثقل كلماته، عندما يوجّهها إلى خصومه. قال عن المهاجرين من دولة هاييتي إنهم يأكلون القطط والكلاب، وقال إذا فازت كامالا هاريس بالرئاسة فإن إسرائيل ستدمر، لأنها تكره إسرائيل، ومتعاطفة مع الفلسطينيين، ويتهمها بتأييد قتل الأطفال، لأنها تدعم تشريع الإجهاض، وأنها يسارية ليبرالية متطرفة. يشكك في حقيقة أصلها، ولون بشرتها، ومدى انتمائها لأميركا. معركة دونالد ترمب مع وسائل الإعلام المختلفة حامية الوطيس، يخوضها بكل أسلحته. معارك ترمب عابرة للحدود.

شعاره الانتخابي، «لنجعل أميركا عظيمة مرة ثانية»، وضعه في برنامج اقتصادي وعسكري وسياسي. الصين هي الخصم الاقتصادي الأكبر للولايات المتحدة، لأنها تصدر لها منتجات رخيصة، تدمر الصناعة في أميركا، وتقضي على فرص العمل للأميركيين، ويعارض بشدة الحد من إنتاج النفط والفحم الحجري، الذي يدعو له المدافعون عن البيئة. معركته الأكثر حساسية، مع حلف شمال الأطلسي، فهو يطلب من كل دولة عضو، أن تدفع 2 في المائة من ناتج دخلها القومي لميزانية الحلف. موقفه من الحرب الروسية على أوكرانيا لا يخلو من غموض مشحون بقدر من التفاؤل. إذ قال لو أنه كان في السلطة، لما قامت تلك الحرب بين البلدين، ولو عاد إلى كرسي الرئاسة، فسوف يوقفها في ساعات.

في المقابل، المرشحة عن الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، فهي تمثل طرفين كبيرين من المهاجرين. والدها من جامايكا، وأمها من الهند، وتعبر عن الثقل السياسي الذي يمثله المهاجرون في الولايات المتحدة الأميركية. وإذا فازت فستحوز صفات لم يسبقها لها أحد. فهي أول سيدة تتولى منصب نائب الرئيس الأميركي، وستكون الرئيس الثاني الذي يحمل لوناً أفريقياً، بعد الرئيس الأسبق باراك أوباما. بالإضافة إلى أنها كانت السيدة الأولى التي تتولى منصب النائب العام في ولاية كاليفورنيا. وهاريس ليست لها إنجازات تذكر في العمل السياسي.

الانتخابات الرئاسية المشتعلة في أميركا الآن هي «حالة» بكل ما تعنيه الكلمة. تعلو فيها موجة الشعبوية الفوضوية العامة. وتعصف فيها لغة التنابز بالمثالب، وتطغى الشعارات على البرامج. وأياً كان الفائز من المتنافسين، فسيكون تعبيراً عن حالة، يشهد فيها العالم اضطرابات واسعة، وصراعات، يصعب التنبؤ بنتائجها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالة انتخابية في أميركا حالة انتخابية في أميركا



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates