جنوب لبنان وشمال إيران

جنوب لبنان وشمال إيران!

جنوب لبنان وشمال إيران!

 صوت الإمارات -

جنوب لبنان وشمال إيران

بقلم - محمد الرميحي

عندما يستطلع الإنسان أمراً له أهمية السلم والحرب في منطقتنا، يجد نفسه في دوامة الدم المستمر. ومن استقراء مجموعة من التطورات الأخيرة يتبين أن المنطقة لن تهدأ قريباً، فصراع المشروعين قائم، الصهيوني والإمبراطوري الإيراني، لن يهدأ ذلك الصراع إلا بجلب أحدهما إلى ساحة التسوية، وهي تسوية صعبة، لأن كل طرف يريد الانتصار.
 
فوضع اللاحرب واللاسلم المعطل للتنمية في المنطقة يبدو أنه لم يصل إلى نهاياته، بل يتصاعد. المعركة المقبلة سوف يدفع ثمنها بالدم والخراب أهلنا في جنوب لبنان وربما كل لبنان، والمفارقة أن التعليمات تأتي من شمال إيران (طهران) البعيدة، مستفيدة من الوجع العربي تجاه صلف الصهيونية العنصرية. 
 
مصادر "حزب الله" تروّج لقبضتها العسكرية وتهدد الجوار الإقليمي، وتتحدث عن أسلحة فتاكة لم يعلن عنها بعد، ولقدرة على حشد الملايين مع مقاتليها إن وقعت الحرب، مشعلة حرباً إقليمية شعواء. كل ذلك يقودنا إلى القول إن تلك التصريحات تناقض أول درس في الحروب وهو الكتمان، لذلك في الغالب فإن الحرب الموسعة في الجبهة الجنوبية اللبنانية لن تقع بمبادرة من الضاحية، بل هي آخر من يرغب في الحرب. 
 
السبب لأن طهران لا تريد أن تقع تلك الحرب التي قد تفقدها إحدى أذرعتها وهي تريد أن تحتفظ بقوة ميليشيوية في كل من لبنان واليمن والعراق، أو في أي بقعة عربية تستطيع أن تجند لها مجموعات موالية لإشغال المنطقة متى ما كانت لها مصلحة، أو حتى تطويعها لمشروعها. 
 
لإيران كما هو معروف مجموعة من الأذرع استخدمتها ولا تزال لتحقيق أغراضها الاستراتيجية، منها "حماس" و"الجهاد" في غزة و"حزب الله" في لبنان وفصائل مسلحة في العراق والحوثي في اليمن. تلك هي المجموعات المسلحة التي ترى طهران أنها تحارب بها، حتى لا تنتقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية، كما أعلنت طهران تكراراً، غير الخلايا النائمة في أماكن أخرى. 
 
واضح أن الحرب في غزة قد قاربت على تصفية إحدى أذرع إيران، بصرف النظر عن المخزون العاطفي الذي يحمله العربي. واقع الأمر أن هناك توافقاً شبه دولي على تصفية تلك الذراع البديلة في غزة لم يخرج إلى العلن حتى الآن، إلا أن من السذاجة الافتراض أن ليس هناك بديل مطروح لمستقبل غزة في الحجرات المغلقة في العواصم ذات الشأن! 
 
خروج "حماس" و"الجهاد" من المعادلة هو خسارة بيّنة لطهران، كما أن الاشتباك المباشر بين إسرائيل وإيران أصبح مستبعداً، بعد تجربة قصيرة، ولكن في نيسان (أبريل) الماضي اكتشفت إيران أن أفضل السبل للربح من دون خسارة هي الحرب بالوكالة فتم استبعاد الاشتباك المباشر، ومع قرب تصفية مناصري المشروع الإيراني في غزة، فإن الباقي وذا الثقل النسبي هو "حزب الله" والحوثي.
 
المعركة الأخيرة لطهران في غزة هي الإبقاء على ما أمكن من نفوذ لـ"حماس" ولو بشروط، وذاك بيّن في المفاوضات الأخيرة، فلا ذكر لدولة فلسطينية، ولا ذكر لتحقيق المصير، المطلوب في المفاوضات أن تبقى "حماس" في غزة، حتى من دون سلاح، وتقوم هي بإعادة الإعمار!
 
ذلك مطلب إيراني، وفي الغالب لن يتحقق. 
المخطط في طهران ربما يسلم بأن أحدى أذرعه لم يعد لها نفع كما في السابق، بقيت ذراعان، أهمهما ذراع البحر الأبيض (حزب الله) ويمكن التهويش به، ولكن لا يمكن استخدامه، لأن بقاءه أولوية تتقدم على أي أولوية أخرى، بما فيها الحرب.
 
تلك الضجة الإعلامية والتضخيم الذي يقول بأن دخول "حزب الله" إلى حرب واسعة مع إسرائيل يعني التحرير الكامل وفناء إسرائيل يسمعان في آذان المتحمسين، كما كانت تسمع موسيقى فاغنر في آذان جنود الرايخ الثالث الألماني إبان الحرب العظمى الثانية، ولكنهم خسروا الحرب!
 
قرار الحرب من عدمها في جنوب لبنان هو إسرائيلي، ومطلب إسرائيل هو تحقيق حرفي لقرار أممي هو القرار 1701 الذي صدر في 11 آب (أغسطس) 2006 بالإجماع في مجلس الأمن، وقد صرح حسن نصر الله وقتها أن قواته سوف تحترم القرار، بما فيه وجود فاصل جغرافي بين الحدود الشمالية لإسرائيل وميليشيات "حزب الله" يشغله الجيش اللبناني وقوات دولية، مع خطوة مضافة أخرى هي تجريد الحزب من سلاحه الاستراتيجي! 
 
النتيجة النهائية أن لا ايران ولا "حزب الله" لهما رغبة أو حتى نية في شن حرب، كل ما يقال هو للاستهلاك من قبل السذج، لأن بقاء شوكة مهددة إيرانية في شرق المتوسط هو بالنسبة إلى إيران أفضلية، حتى لو كان البديل الافتراضي تحرير كل فلسطين! 
 
يبقى هل يمكن إسرائيل أن تصرف النظر عن بقاء شوكة قد تنبت لها حربة في وقت لاحق؟ من تجربة "حماس" الصعبة، ذلك أمر غير مضمون لسلام دائم، وبالتالي قد تقدم على عملية عسكرية في جنوب لبنان تطال البنية التحتية للحزب، وتنزع من وجهة نظرها تهديداً آخر. ربما يناسب ذلك الأغلبية الإسرائيلية، وحتى الاعتراض عليه من الإدارة الأميركية سيبقى شكلياً.
 
تقع الحرب الموسعة في لبنان أو لا تقع، هو بيد تل أبيب، قد تتكيف أميركا مع تجميد الصراع، ولكن في الغالب لن تتكيف إسرائيل، غير ذلك هي أمنيات تكتنفها العواطف!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنوب لبنان وشمال إيران جنوب لبنان وشمال إيران



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates