مقتل هنيّة السّرديّة الأخرى

مقتل هنيّة... السّرديّة الأخرى

مقتل هنيّة... السّرديّة الأخرى

 صوت الإمارات -

مقتل هنيّة السّرديّة الأخرى

بقلم : محمد الرميحي

 

ما إن عرف العالم بمقتل السيد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، حتى انطلقت كمية من التفسيرات، بعضها يمكن أن يكون مقبولاً، والآخر قريب إلى سيناريوات هوليوود المليئة بالمغامرات، وتغيرت معلومات طريقة القتل مع مرور الساعات، وحتى من قام بالفعل تغيرت خلفيته.

يكاد يجمع المؤرخون الجدد في إسرائيل على أن الدولة العبرية لم يكن بالمستطاع أن تقوم لولا الإمبراطورية البريطانية، ولم يكن بالمستطاع أن تبقى لولا الولايات المتحدة، هذا يعني الأهمية القصوى للدول الكبرى في رسم خرائط الدول في العالم الثالث وتقريرها، وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية. أما العنصر الثالث للدولة العبرية، فهو الجهد المنظم والقريب إلى الفهم العلمي في إنشاء مؤسسات الدول وتطويرها، من جهة، ومن جهة أخرى، الاعتماد على قوة ضاربة، ولكن ليست متصلة علناً بالدولة وهي الإرهاب. يكفى أن نتصفح مجلد الموسوعة البريطانية الصادر في السنوات الأولى من سبعينات القرن الماضي ونذهب إلى موضوع الإرهاب في الشرق الأوسط، فلن نجد إلا موضوعاً واحداً وهو إرهاب العصابات الصهيونية في فلسطين، قبل أن يُعرف أي إرهاب آخر في المنطقة. المعنى هنا أن إسرائيل قامت على ثلاث ركائز واضحة: العلاقات الوثيقة مع الدول الكبرى النافذة، واستخدام العنف المفرط، والهندسية الاجتماعية/ السياسية الحديثة.

لا يحتاج القارئ الفطن إلى التعرف إلى الثلاث، وبخاصة العلاقات مع الدول الكبرى! تكفي الإشارة إلى أن السجناء لدى "حماس" في غزة هم إما ألمان أو بريطانيون أو روس أو أوكران أو فرنسيون! وغيرهم من مزدوجي الجنسية.

وعندما اختار أنور السادات الذهاب إلى السلام، وهو رئيس أكبر الدول العربية، لم يكن جباناً، ولكنه كان مطلعاً على البعد الدولي في تأمين الوجود الإسرائيلي، ليس في صيغته الغربية فقط، ولكن أيضاً الشرقية، فمن الوثائق التي قالها في العلن إنه زار الاتحاد السوفياتي ثلاث مرات قبل حرب عام 1973، وفي كل مرة كانت القيادة السوفياتية وقتذاك تؤكد احترام حدود إسرائيل!

الفكر السياسي العربي المزايد، من "جبهة الرفض" إلى "محور المقاومة" بسبب أزمة فكرية متأصلة، لم يستطع ولا يستطيع هضم تلك الحقائق. عرفت تلك الحقائق نسبياً منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن تحت سيل المزايدة، تلكأت حتى فوتت تلك المزايدة الفرص المتاحة!

بعد مقتل هنية سمعنا الكثير من المزايدات، إلى درجة أن صحافياً فلسطينياً يعيش منذ سنوات في لندن، وفي راحة تامة، بدا يزأر: أين أنت يا إيران، كيف تقبلين بالإهانة؟ إلى آخر ذلك الزئير الفج.

التضحيات التي قدمت في غزة هائلة ولا حاجة لترديد أشعار البكاء، ولكنها تعني من جانب آخر عدم وجود قراءة صحيحة وموضوعية للساحة السياسية. متخذ القرار في 7 تشرين الأول (أكتوبر) في الغالب خدع، على أقل تعبير، من أجل تنفيذ أجندة إيرانية تتكئ على المناكفة، إذ تحركت الأمور إلى مسيرة صلح يأخذ الفلسطينيون منها بعض حقوقهم، فأريد قطع ذلك التوجه، وتحت وهم "وحدة الساحات" أدخل أهل غزة إلى الجحيم، ولم تكن وحدة الساحات إلا وهماً عرفه الجميع اليوم عملياً، وكان من قبيل المزايدة لا أكثر.

نعود إلى من قام بقتل هنية، واضح أن الأمر تم في الداخل الإيراني، وهو جزء من الصراع بين أهل الدولة وأهل الثورة في إيران، والجسم الأخير (فصيل الثورة)، وبسبب تطور المشهد في إيران وخارجها، له اليد الطولى في تقرير ما يجب أن يتم معتمداً على المزايدة، وبانتخاب رئيس قيل إنه إصلاحي كان القلق لدى هذا الفصيل من أن يعيد مسيرة محمد خاتمي أو حتى هاشمي رفسنجاني ذوي البعد التصالحي النسبي، فلا بد من صعقة مدوية، كمثل مقتل هنية لإيقاف أي تفكير في الإصلاح حتى ولو شكلياً. في خلفية الصورة تشابه قد يكون من قبيل الملهاة بين مقتل هنية وأحداث 7 أكتوبر، فكلاهما عمليات مسبقة لأي تغيير يسد الطريق على مسار التشدد والمزايدة والعنف.

قوى التشدد في إيران أصبحت لها مؤسسات ومصالح وأذرع اقتصادية وسرى فيها الكثير من الفساد، كل ذلك أدخل الخوف في بعض فروعها، فقام جزء منها بعملية الاغتيال، أو ربما التعاون مع الفاعلين، في عملية توحد المصالح، وكثيراً ما يحدث في السياسة وفي غيرها أن يجتمع نقيضان ضد شر ثالث يراه الجميع أكثر خطورة!

هنا يكون اعتراف النظام الإيراني بذلك الصراع بمجرد الإعلان عن القبض على عشرين شخصية من الأمن، وربما من الحرس الثوري، هو اعتراف بأن العملية داخلية، أو فيها عناصر مؤثرة داخلية، في امتداد للصراع المحتدم بين الجناحين والذي لا يمكن أن تحسمه صناديق الانتخاب.

هناك أيضاً مصلحة للدولة العبرية في الحدث، أكانت مشاركة أم مراقبة، هو تضخيم لقدرة اليد الطويلة الإسرائيلية، وهي بحد ذاتها تقدم للجمهور الإسرائيلي نوعاً من الاطمئنان، كما تبعث الرعب في جمهور واسع يصدق قدرة اليد الطويلة، بعدما فشلت في تسعة أشهر ونيف حتى الآن في أن تصل إلى يحيى السنوار في غزة، وهي تكاد تكون بالكامل تحت البندقية الإسرائيلية.

تلك هي السردية الأخرى في مقتل هنية!

نقلا عن النهار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتل هنيّة السّرديّة الأخرى مقتل هنيّة السّرديّة الأخرى



GMT 22:53 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات وبهجة اللقاء..

GMT 22:17 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

اعتذار عن عدم حضور

GMT 22:16 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

وقف إطلاق النار... سباق مع الوقت

GMT 22:15 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

حربٌ كبرى تنتظر «الشيطان الأكبر»

GMT 22:15 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن الاستمرار مع المستقل... والنار متقدة؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 22:05 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لغز استشهاد القائد السنوار

GMT 22:04 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

المراهقة السياسية والحديدة حامية!

النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

القاهرة - صوت الإمارات
ننتظر إطلالات النجمات الأسبوعية للإستلهام منهن أجدد صيحات الموضة الرائجة، خاصة في المناسبات. فالنجمات تحبذن اختيار اجدد التصاميم الرائجة من أشهر العلامات التجارية والمصممين العرب والعالميين. وفي جولتنا لهذا الأسبوع، رصدنا لكم العديد من الإطلالات التي لفتتنا، بين النقشة البرية التي راجت جدا لهذا الموسم الى جانب الفساتين المرصعة بحبات الترتر اللامعة، فدعونا نلقي نظرة على إطلالاتهن لتستلهموا منهن. إطلالة الفنانة وعد بفستان سهرة مطبع بالورود النجمة السعودية وعد أبهرتنا بأحدث اطلالاتها في حفل غنائي لها خلال إحيائها حفلة لأحد الأعراس، مرتدية فستاناً أنيقاً وفخماً مرصعاً بحبات الترتر اللامعة. تألف الفستان من قطعتين، القطعة الأولى جاءت على شكل تصميم حورية البحر مع الفتحة العميقة عند الصدر المغطاة بقطعة قماش من الشيفون، وال...المزيد

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

طيران الإمارات تتوج بلقب أفضل ناقلة جوية في العالم
 صوت الإمارات - طيران الإمارات تتوج بلقب أفضل ناقلة جوية في العالم

GMT 22:42 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس الإمارات محمد بن زايد يصل إلى موسكو في زيارة رسمية
 صوت الإمارات - رئيس الإمارات محمد بن زايد يصل إلى موسكو في زيارة رسمية

GMT 15:44 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"لانكوم" تُعلن عن عطر جديد للنساء في عام 2017

GMT 17:16 2015 الأربعاء ,11 شباط / فبراير

"لا تنس الهدهد" رواية جديدة لفؤاد حجازي

GMT 21:26 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نجمة المغربية تقدم تشكيلة من الفساتين لعشاق الموضة

GMT 20:13 2013 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جامعة الإمارات تستقبل دفعة جديدة من طلبة الدكتوراه

GMT 06:43 2013 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

معرض المشاريع الكبرى في جدة يشارك في عكاظ 7

GMT 01:12 2016 الأحد ,06 آذار/ مارس

منزل ساحر يجمع بين الأصالة والإبتكار

GMT 22:20 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

كأس آسيا " المنتخب السعودي الأولمبي يلتقي ماليزيا الثلاثاء"

GMT 19:59 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

عاصمة كوريا الجنوبية تنفي فضيحة محطات الطاقة الإماراتية

GMT 18:51 2013 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

"القصبة" موقع إلكتروني جديد للحكومة التُّونسيَّة

GMT 11:10 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

الجراد يدمر شجر المانجروف في محمية رأس محمد

GMT 22:36 2012 الأحد ,30 كانون الأول / ديسمبر

"الوهج" رواية جديدة لـ أماني خليل عن "روافد"

GMT 10:38 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

Chance من "شانيل" عطر خريفي بامتياز لإظهار أنوثتك

GMT 09:11 2017 الأحد ,23 إبريل / نيسان

جزيرة "بربجاني" تحتوي على شاطئ سحري صغير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates