البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة

البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة!

البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة!

 صوت الإمارات -

البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة

بقلم : محمد الرميحي

 

مع تجدد محاولة الاعتداء على حياة المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترمب، تجدد الحديث عن «الحرب الأهلية الأميركية» تعبيراً عن الانقسام العمودي في المجتمع الأميركي.

ومن اللافت أن كاتباً سياسياً مهماً هو توماس فريدمان، صاحب العمود الأسبوعي في «نيويورك تايمز»، نشر مقالاً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 قال فيه: «بعد الساعة الحادية عشرة بتوقيت شرق الولايات المتحدة من 4 نوفمبر 2008، عندما حصل أول رجل أسود على نتيجة انتخابات تؤهله لأن يكون رئيساً للولايات المتحدة واسمه باراك حسين أوباما، انتهت الحرب الأهلية الأميركية التي بدأت عام 1861، أي بعد 147 سنة من اشتعالها»! من هذا المقطع نرى أن هناك في الولايات المتحدة مَن يرى أن الصراع الاجتماعي الذي خاضه الملونون وبعض من ناصرهم من البيض، تغيرت وتيرته عبر السنين، ولكنه لم ينتهِ إلا في نوفمبر 2008، ربما هذه مبالغة في التوصيف تقدم شرحاً على عمق الصراع الاقتصادي الاجتماعي المستمر في هذه البلاد الشاسعة والقوية، على امتداد سنوات طويلة.

كما هو معروف أن ما تُطلق عليها تحديداً «الحرب الأهلية الأميركية» كانت قد بدأت في يوليو (تموز) 1861 وانتهت في مايو (أيار) 1865، أي استمرّت 4 سنوات، ولكن مَن قال إنها نهاية الحروب ونهاية الصراع؟!

لقد استمرّ الصراع طويلاً وقاسياً بأشكال أخرى حتى ستينات القرن الماضي، مع حركة الحقوق المدنية، بل بقيت ذيوله إلى يومنا الحالي. تسرّع فريدمان عندما قال إن 4 نوفمبر 2008 نهاية الحرب الأهلية، لو انتظر قليلاً سوف يجد أن حرباً كادت تشتعل وغير مسبوقة في تفاصيلها في 6 يناير (كانون الثاني) 2021 عندما اقتحم «مثيرو الشغب»، كما سمّتهم الصحافة وقتها، مبنى الكابيتول، أيقونة الديمقراطية الأميركية، وأجبروا المُشرِّعين على الهرب سريعاً إلى القبو! نصرةً للرئيس المغادر وقتها دونالد ترمب، الذي رفض للمرة الأولى في التاريخ أن يقوم بتسليم السلطة تقليدياً للرئيس المنتخب وهو جو بايدن. الظاهرة الديمقراطية مصابة بمرض داخلي، إن لم يعالج سوف يؤدي إلى عدم الثقة بنفعها.

ظاهرة الترمبية، هي ظاهرة اجتماعية - اقتصادية - سياسية، ربما هي قمة ذلك الصراع الذي أشار إليه توماس فريدمان، الذي امتد 147 عاماً أو بضعة أعوام أخرى!

الاستقطاب الحاد يمكن ملاحظته في محطات كثيرة، منها محاولتا الاغتيال الاثنتان لترمب نفسه، ولكن تاريخ الولايات المتحدة الرئاسي يقول إن واحداً من كل خمسة من الرؤساء إما قُتل أو تمت محاولة اغتياله بطريقة أو أخرى طوال سنوات الحكم الجمهوري. إن أضفنا إلى ذلك مقتل مارتن لوثر كينغ ومقتل بعض المرشحين حتى قبل أن يتم التوافق عليهم في أحزابهم.

ما نشاهد في الفضاء الأميركي اليوم هو فقدان الأرض المشتركة بين القوى السياسية المتنافسة، فالآخر المختلف سياسياً هو العدو، لذلك نجد عدداً من عناوين الكتب التي تصف الحالة السياسية في العقود الأخيرة تعنون «العدو من الداخل»! كناية عن ذلك الانشقاق العمودي!

في فترة سابقة، وهي بين الحربين، كانت هناك مجموعة عوامل تشكل اللحمة في الجسم السياسي الأميركي، وهي توسُّع الطبقة الوسطى، و«الحلم الأميركي» الذي رسم تلك البلاد أنها بلاد الفرص، والحرب الباردة بين المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة وبين الشيوعية، والثالث عقلانية الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وكانت هناك قيادات تفهم وتسعى للأرض المشتركة.

الثورة الرقمية، التي حذّرت من نتائجها هيلاري كلينتون في حملتها 2016، تحققت نتائجها الكارثية، إذ فقدت نسبة كبيرة من الشريحة الأدنى في الطبقة الوسطى أعمالها، وقد كانت قليلة التأهيل ودخلها مجزياً، فهذه الطبقة حلت محلها الرقمنة، التي أصبحت بشكل متصاعد مهيمنة على الأعمال من خلال التطبيقات المتسارعة التطور، مما دفع تلك الشرائح إلى العوز، إضافة إلى التناقض الصارخ مع أعلى السلم الاجتماعي، الذي ازداد ثراءً وفي الوقت نفسه ذهب برأسماله لتشغيل يد عاملة رخيصة خارج البلاد!

أصبح هناك نموذج للعمل الاقتصادي جديد كلياً، ومعتمد على الرقمنة، فوجد المجتمع الأميركي نفسه ليس أمام أشخاص من أصحاب الملايين، بل التريليونات، وشركات عابرة للقارات؛ مما سبب تفاوتاً غير مسبوق في الدخول، ولهذه الشريحة ذات الثروة ممثلوها، الذين هم أقرب إلى رفع الشعارات النازية، ومعاداة الغرباء. فأصبح الشجار على وسائل التواصل الاجتماعي والتلاسن على محطات التلفزيون ظاهرة يومية، مما زاد التوتر بل والتصادم، وأصبحت لغة السياسيين خشنة، فإما أن تحكم، أو تموت، أما الحلول الوسطى فهي محرمة.

في الغالب سوف يعود فريدمان إلى تحقيب نهاية الحرب الأهلية لو دخلت كامالا هاريس البيت الأبيض، فهي ليست فقط سمراء من أسرة مهاجرة، ولكن أيضاً امرأة، فيقول إن الحرب الأهلية انتهت صبيحة يوم 4 نوفمبر 2024! وربما قد تكون قد بدأت!

آخر الكلام: فقد الرشادة السياسية يظهر في التقرير الدولي عن حال الديمقراطية، فهناك انخفاض ملحوظ في نسب المشاركة على مستوى العالم بسبب الممارسة السلبية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة البحث عن الرشادة السياسية في الولايات المتحدة



GMT 19:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا

GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 19:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 19:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لو أنه أنصف لبنان

GMT 19:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

GMT 18:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 صوت الإمارات - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 صوت الإمارات - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 صوت الإمارات - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 صوت الإمارات - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 18:09 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تصميمات مختلفة لسلاسل من الذهب رقيقة تزيدك أنوثة

GMT 11:26 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الصين تتسلم الدفعة الأولى من صواريخ "أس-400" الروسية

GMT 16:28 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

تسمية بافوس القبرصية عاصمة للثقافة الأوروبية

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 17:14 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بن راشد يُصدر مرسوماً بضم «مؤسسة الفيكتوري» إلى نادي دبي

GMT 01:20 2019 السبت ,20 تموز / يوليو

نبضات القلب المستقرة “تتنبأ” بخطر وفاتك!

GMT 02:41 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"الفاتيكان" تجيز استئصال الرحم من المرأة لهذا السبب فقط

GMT 23:19 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

"Gameloft" تستعرض لعبة "Asphalt"بهذا الصيف

GMT 13:12 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

معرض الكتاب الكويتي منصة متميزة لأصدارات الشباب الأدبية

GMT 09:48 2013 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

الإذاعة المِصرية تعتمد خِطة احتفلات عيد "الأضحى"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates