كامالا أفضل

كامالا أفضل!

كامالا أفضل!

 صوت الإمارات -

كامالا أفضل

بقلم : محمد الرميحي

 

رغم قناعتي أن توقع من سوف يصبح رئيساً للولايات المتحدة بعد انتخابات 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل مغامرة محفوفة بالمخاطر، فإني مع وصول كامالا هاريس إلى البيت الأبيض. وقتها، يمكن القول إن الديموقراطية تصحّح نفسها، رغم القفزة الكبيرة في أن تكون امرأة من أصول مهاجرة وسمراء من تصل إلى البيت الأبيض.

البعض في صفوفنا يرى أن دونالد ترمب أفضل "لقضايانا"! وأعتقد أن ذلك تقدير عاطفي جداً. الأفضل للعالم ولأميركا كامالا هاريس والحزب الديموقراطي في قياداته الحالية، والأسباب قد تكون كثيرة. من الأفضل من حيث المبدأ أن يكون عدوك عاقلاً، خير من أن يكون صديقك غير عاقل، فالأول تستطيع أن تتوقع ما سيقوم به، والثاني سوف يفاجئك، وقد تكون مفاجآته قاتلة، هذا إذا افترضنا أن هاريس عدوة، وأن ترامب صديق، وهو افتراض قد لا يكون دقيقاً.

ترامب أقرب إلى شخصية المغامر أو المندفع غير المنضبط، يعتمد "التجربة والخطأ" في قراراته، وقد جرُب في 4 سنوات كان فيها في البيت الأبيض. في إدارته، غيّر 4 وزراء خارجية، الواحد تلو الآخر، وغير 2 من مستشاري الأمن القومي، و3 وزراء الدفاع، ومعظم ذلك التغيير بسبب شخصي. كما أحاط إدارته بأشخاص في معظمهم "مستثمرون"، كثير منهم متطرفون ولا علاقة لهم بالإدارة السياسية التي تتطلبها دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، في حين أن الديموقراطيين في الغالب ينتقون رجال الإدارة ونساءها من فنيين ومهنيين، ويستمرون في الغالب كل فترة الإدارة أو معظمها، ما ينتج عنه انسجام في القرارات وتواصل في السياسات.

كذلك يتميّز ترامب بعدد من الصفات التي تبدو أنها على الأقل خارجة على الدبلوماسية. ففي لقائه مع أحد قادة الشرق الأوسط وهو رئيس، قال مشيراً إليه أمام الصحافة: "هذا أفضل ديكتاتور صديق"! ولم يفكر للحظة أنه يضع ضيفه في موقف محرج. إنه الذمّ في حالة المدح. وفي المناظرة التي جمعته بهاريس في الأسبوع الماضي، كال الكثير من "المعلومات الخاطئة" التي يسميها البعض "الكذب الصراح"، بالقول إن وصول هاريس إلى البيت الأبيض يعني انتهاء إسرائيل في عامين! غير التاريخ الطويل من الخروج على القانون، والذي أدين في بعضه من محكمة فيدرالية.

المجتمع الأميركي، كما نشاهد، منقسم انقساماً ربما يكون غير مسبوق، بين متشددين ذوي بشرة بيضاء بروتستانت وأنغلوسكسون (واسب)، يدعون إلى رأسمالية قد تكون متوحشة، وعزلة ليس لها مكان في عالم اليوم، وآخرين من أجناس وألوان مختلفة، بعضهم بيض، لكنهم لا يدعون كلهم إلى حلول للمشكلات الاقتصادية مبنية على العدل والمساواة، ولا تغليبٌ لرأس المال على الحكم، والشراكة الدولية.

موقفه من المرأة، وهي تقريباً نصف المجتمع الأميركي، قريب إلى العزل وربما الاحتقار. أما الموقف من المهاجرين، في بلاد يعترف عقلاؤها بأنها بنيت بسواعدهم، فهو الذي يصرّ عليه إلى درجة شيطنتهم جميعاً، بأنهم أكلة قطط وكلاب. ولم يسبق لحملة انتخابية، مهما كانت حادة، أن استخدمت التعابير نفسها.

يتخوف الحلفاء الغربيون، في مرحلة حرب طويلة في أوكرانيا، أن يذهب ترامب كما قال مراراً إلى العزلة وتقليص ميزانية حلف شمال الأطلسي، وإجبار الجميع على التفكير بطريقته، وهذا أمر قد يجعل المصالح العليا للغرب في مكان التهديد، وأيضاً السلام العالمي.

من الظواهر الجديدة في هذه الحملة أن ما يعرف بجماعات الضغط منشقة على نفسها. إن أخذنا جماعات الضغط الخمس الكبرى، نرَ الصورة التالية: جماعات الضغط المطالبة بالسماح بحمل السلاح الشخصي، وهذه انشقت إلى جزأين: الأول، يطالب بسماح غير محدود؛ والثاني، يطالب بسماح مقنن. أصبح في الجزء الأول ملايين الأعضاء، خصصت لهم إدارة بايدن دائرة في البيت الأبيض لتشجيع دعوتهم.

أما الجماعة الثانية فهي ما يعرف بـ"إيباك"، وهي المؤسسة الصهيونية الداعية لدعم إسرائيل بصرف النظر عما تفعله. وهذه المجموعة أيضاً تعرضت لانشقاق بين أعضائها، فهناك مجموعة من اليهود وغيرهم يرون أن حلّاً سياسياً في فلسطين يجب أن يتم، ولا ولاء مطلق لإسرائيل، وربما هذا ما جعل كامالا هاريس تقول في أثناء المناظرة إنها مع حلّ الدولتين!

اما ثالث مجموعات الضغط التقليدية فهي جماعة الطاقة التي يرى اليمين فيها أن تقييد نشاطه الاستكشافي بلوائح البيئة يعطل نشاطهم، ويقابلهم من يدعون إلى الحفاظ على البيئة وتقييد نشاط الاستكشاف.

رابع جماعات الضغط لها علاقة بالرعاية الصحية، التي يرى اليمين أن تكون مفتوحة للعرض والطلب، بالتالي استفادة ضخمة لشركات الأدوية، وبين من يفضل خطط الديموقراطيين في أنسنة الرعاية الصحية وجعلها متاحة للمواطنين بأسعار معقولة من خلال التأمين العام.

آخر جماعات الضغط المهمة وخامسها هي غرفة التجارة، أكبر اتحاد تجاري في العالم. وأيضاً نلحظ الانشقاق هنا بين محافظين مطالبين بتقييد الاستيراد من الخارج وفرض ضرائب على الواردات، وبين من يرى أن التجارة حتى تنتعش يتوجب أن تكون حرة.

شركات التكنولوجيا الكبرى أيضاً من جماعات الضغط، ترفض أي تقييد لمحتواها، وتؤيد اليمين السياسي كما يفعل إيلون ماسك في دعمه السيد ترامب.

هذه الانتخابات مفصلية، ليس للولايات المتحدة فحسب، بل ربما للعالم. فهي سوف تحدد قدرة الديموقراطية على التخلص من أمراضها الداخلية، أو تسقط بالضربة القاضية بسبب تلك الأمراض المزمنة، وهي الشعبوية. إنها لحظة مفصلية، والحكمة هي التي قالها الأمير بندر بن سلطان: "على أعداء أميركا أن يحذروها، أما أصدقاؤها فليحذروها أكثر"! الأفضل تصميم سياسات في منطقتنا تعلي المصالح المشتركة، وتبيّن المحاذير من الشطط.

نقلا عن النهار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كامالا أفضل كامالا أفضل



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates