قلق غير مبرر

قلق غير مبرر!

قلق غير مبرر!

 صوت الإمارات -

قلق غير مبرر

بقلم : محمد الرميحي

لن تدخل إيران ولا إسرائيل في حرب طويلة ومباشرة، ما يبدو على السطح ليس أكثر من «شعوذة سياسية».

من يقرأ ما بين السطور من التصريحات يتبين له ذلك، يبدو أن الطرفين، أصبح كل منهما يعرف قوة الآخر. بعد اشتباك أبريل (نيسان) الماضي، العملية وقتها سميت إيرانياً «الوعد الصادق»! صارت إسرائيل بعدها على قناعة بأن «حدود القوة الإيرانية» أقل مما يروّج له، كما أن طهران صارت على قناعة بأن «محو إسرائيل» من الوجود، ما هو إلا شعار لاستهلاك السذج.

سوف يحارب الطرفان «بالوكالة» وعلى غير أراضيهما، وهي حرب محدودة لا تؤثر استراتيجياً في تغيير قواعد اللعبة، والضحايا هم العرب وبعض أوطانهم.

انصرف كثيرون، في الإعلام العربي، إلى البحث عن تفاصيل واقعة اغتيال هنية في طهران، ودخلت تفسيرات قريبة إلى الخرافة، وتغاضى بعضهم عن فهم وتحليل المقاصد، وهي في الغالب أن إسرائيل ليست «عدوة دائمة لإيران». العداء الإسرائيلي لطهران محصور في دعمها للجماعات التي تسمى «الأذرع الإيرانية» والتي تشكل «إزعاجاً» كبيراً أو صغيراً للدولة العبرية، وللتجارة الدولية.

واقع الأمر أن النظام الإيراني يراوح بين «مقتضيات الدولة» و«ضرورات الثورة»، والأمر ليس هيّناً، فقد بنيت مصالح، ونمت قوى، وشبّت مؤسسات لكلا الطرفين في النظام الإيراني القائم، وكلاهما يظهر أنه من «أنصار الجمهورية» في العلن، ولهما أجندات متضاربة في الخفاء، حيث لم يتوفر لأي منهما سبل الخلاص من الآخر، هناك طرف ثالث في إيران، خارج تلك المعادلة الثنائية الصعبة، بين متشددين و«إصلاحيين»، وهي شريحة بعضها منظم في مجموعات معارضة «داخلية وخارجية»، وبعضها غير منظم، وهي الشريحة الأوسع في إيران، ومن كل المكونات العرقية والمناطقية، التي تطالب علناً أو سراً، بدولة حديثة تنعم بالتنمية والتعليم الحديث، والانسجام مع المجتمع الدولي.

مجموعة «ضرورات الثورة» نمت لها مصالح من الصعب تخطيها، لذلك يبذل النظام جهوداً مضنية للتعبئة «العاطفية» معها لإرضائها، وخاصة في الأوقات التي يراها حاسمة، كما في مقتل هنية مؤخراً في طهران، لاسترضاء تلك المجموعة، تُعلَن التصريحات المتشددة. في حقيقة الأمر النظام أصبح حبيس شعاراته، وهو ما حدث ويحدث في الدول الشمولية.

في البحث عن رد على مقتل هنية، دعي إلى «تشاور» في كيفية الرد، بين الدولة الإيرانية، وعدد من الميليشيات، هي الحوثي في اليمن، و«حزب الله» في لبنان، وجماعات مسلحة في العراق، في ظاهرة سياسية مستحدثة، وقد تكون غريبة، وهي تحالف دولة معترف بها في الأمم المتحدة، ولها سفراء في معظم دول العالم، تتمتع بحكومة مركزية، المفروض أن تتسق مع القانون الدولي، مع ميليشيات مصنفة دولياً «إرهابية» بما يحمله التعبير من معان سلبية وخروج على القوانين الدولية، وأيضاً مختلف عليها في بلدانها، فليس «حزب الله» لبنان، وليس الحوثي اليمن! ولا حتى الجماعات المسلحة في العراق، كل تلك الدول لها حكومات بعضها فعال نسبياً، وبعضها صوري، ولكنْ حكومات معترف بها من دول العالم، والميليشيات تعمل من خارجها، وتعطلها في الوقت نفسه، الهدف هو استمرار استخدامها هذا المسعى إلى التحالف، مما يدل على عدم رغبة طهران في الدخول مباشرة في الصراع، وهي سياسة ليست جديدة.

حرضت طهران على «طوفان الأقصى» تحت وهم «وحدة الساحات» التي صدقها بعض البسطاء، وبعد الاشتباك والمقتلة العظيمة في غزة ظلت متفرجة، عدا بعض صواريخ من جنوب لبنان، تزامن ذلك مع إطلاق في الفضاء السياسي، كما من «الشعوذة السياسية» التي تحمل شعارات صارخة، وتدفع فيها الشعوب العربية أولاً الدم، كما في غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق، وتدفع فيها الشعوب الإيرانية كثيراً من الموارد المادية وحتى الإنسانية، كما تزيد من مستوى عدم الرضا في الداخل الإيراني - مما يوسع أرض المعارضة - باستمرار حرمان الشعوب الإيرانية من حياة كريمة، وتنمية اقتصادية، واستقرار سياسي مع الجوار والعالم.

ما دمنا في «معمعة» بيع الأوهام للشعوب، فإن منطقتنا مع الأسف لن تستقر!

آخر الكلام: التطور الأهم ليس في العلن، إنه في «الحجرات الخلفية المغلقة» والمساومة فيها تجري على قدم وساق!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلق غير مبرر قلق غير مبرر



GMT 04:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 04:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 04:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

GMT 04:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 04:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 04:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates