كانوا يعلمون وأخذوا لبنان إلى الدمار

كانوا يعلمون... وأخذوا لبنان إلى الدمار!

كانوا يعلمون... وأخذوا لبنان إلى الدمار!

 صوت الإمارات -

كانوا يعلمون وأخذوا لبنان إلى الدمار

بقلم:حنا صالح

 

«مأزوم العدو الإسرائيلي»، تتكرّر هذه العبارة مع محمد رعد، النائب عن «حزب الله»، الذي يضيف دوماً: «إن أراد العدو توسيع المواجهة فنحن مستعدّون»، وكلما طال أمد المشاغلة تأكّد حجم الانتصار على الغطرسة الصهيونية، فنحن لم نستخدم إلّا القليل من ترسانة «الحزب» الصاروخية!

توازياً، تتتالى «الانتصارات»! مشاهد مؤلمة من القرى الحدودية، مع قيام أهاليها بنقل بعض المقتنيات التجارية والمنزلية، من منازل ومؤسسات لم يطلها الدمار بعد، طالب الأهالي الجيش بتأمين الحماية لهم، فتواصلت «اليونيفيل» مع الجانب الإسرائيلي، فمنحوا الإذن لساعات قليلة، وحدَّدت لهم طرق الدخول والخروج من بلدات حوَّلها التوحش الإسرائيلي إلى أرضٍ محروقة، ليبدو إذ ذاك تصريحات رعد وزملائه في كتلة نواب «المقاومة» أشبه بالرقص على الركام!

ما كانت الحصيلة المروّعة مفاجِئةً لـ«حزب الله»، خراب جنى أعمار أهالي المنطقة، فلئن كانت «مساندة» غزة لم تنجح في حماية إنسان واحد أو سقفٍ واحد، فإن «مشاغلة» إسرائيل والتبجُّح بأنها حرب «استباقية»، قد أدّت إلى دمار جنوب الليطاني، وحوّلت نحو 50 بلدة إلى حزام أمني، حرب من هذا النوع كان يصفها بيسمارك بأنها انتحار، وهم أخذوا البلد إليها بأعين مفتوحة، ويردّدون تُرَّهات من نوع أن «الإسناد» تحوّل إلى «حرب استنزاف، لا قدرة لإسرائيل على التعايش معها»!

كانوا يعرفون أن هذه الحرب ستدمر الجنوب، وأخذوا لبنان قسراً إلى الدمار، وتسبَّبوا بتعميق الشرخ الطائفي بين أبنائه، وهم مع إعلان «حزب الله» حرب «المشاغلة»، أداروا نقاشاً داخلياً لكل أطراف محور الممانعة، و«كان السؤال الأساسي الذي طرحه (الحزب): هل تعتقدون أن انخراطنا في الحرب سيؤدي إلى وقف العدوان على غزة؟»، وحُسمت الأجوبة بأن أي أمر تقوم به قوى «المقاومة» لن «يمنع إسرائيل من السير في خطتها ضد القطاع».

كذلك توافَقوا على أن أي «توسيع للحرب يعني استدعاء الغرب المتوثِّب للدفاع عن إسرائيل إلى الانخراط فيها». وفي المحصلة لم يكن عند أي طرف اليقين بما ستؤول إليه الأمور! رغم ذلك انخرطوا بالحرب؛ لأن الإمرة بيد طهران ومصالحها قبل حقوق أهل الأرض!

وعلى مدى الأشهر الأولى من الحرب كانت تتتالى التفسيرات عن أهداف «الإسناد»، وأنه عبر فتح جبهات مواكبة للحرب من جنوب لبنان والعراق واليمن، يمكن إفهام إسرائيل وأميركا والأطلسي بأن غزة ليست وحيدة، واتسعَت التخيلات والقراءات المعلَّبة التي لم يلتفت أصحابها إلى الواقع، صحيح أن قرار «حزب الله» فتْح الجبهة أدى إلى إشغال جزء غير قليل من الجيش الإسرائيلي ودفاعاته، لكن الرؤية كانت قاصرة لجهة الرهان على أن هذه الجبهة ستُوقِف حرب التوحش على غزة، وستخلق تحوّلات ميدانية وسياسية تدعم أداء «حماس» وتعزِّزه! ودوماً في مواقف قوى الممانعة وفي خطب «نصر الله» التعبوية، كان يبرز الرهان بأن إسرائيل لن تتحمل حجم الخسائر الاقتصادية في شمالها، حيث حجم الاستثمارات يفوق الـ250 مليار دولار، ويضيف «نصر الله» أن خسائر لبنان ستكون متواضعة لضعف دورة الاقتصاد الجنوبي (...).

وإلى التجاهل الكبير لحجم الدعم المفتوح لإسرائيل مالياً وعسكرياً بأكثر من 50 مليار دولار حتى الآن، مقابل غرق لبنان في أخطر انهيار مبرمج مالي واقتصادي في تاريخه، ويعيش فوق ذلك عزلة تسبَّب بها محور الممانعة وواجهاته الرسمية في بقايا السلطة والبرلمان، ليطلقوا استنتاجاً من نوع أن الحرب الطويلة ستدفع إسرائيل إلى «البحث عن مخرج لوقف الحرب على غزة»! إذن هي حرب لوقف الحرب؟ ثبت فشل ذلك، وها هو نتنياهو يُفشل مبادرات الهُدَن، وبينها مبادرة الرئيس الأميركي بايدن بعدما فخَّخها بالشروط، وجعل قضية الأسرى آخر الأولويات، وبعد ذلك نقل التفاوض إلى بقاء الاحتلال على محور فيلادلفيا (رفح) لإطباق الحصار على القطاع المحتل، وإلى البقاء في معبر نيتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه!

الأمر الوحيد الذي نجح به محور الممانعة بقيادة طهران هو عدم تمكين نتنياهو من توسيع نطاق الحرب، مرّ أكثر من شهر على اغتيال هنية في قلب طهران والنظام الإيراني يدرس خطواته، رغم كل الخطب عن ردٍّ مُوجِع ومُزلزِل، وفي المحصلة يعلن المرشد إعادة فتح الباب للتفاوض مع أميركا بشأن النووي الإيراني! فيما جاء رد «حزب الله» حذِراً ودقيقاً ومنسَّقاً وخاضعاً - ولا شك - لـ«تفاهمات» مسبقة؛ لأنه من المهم الاستعانة بالأميركي لتجاوز مرحلة بالغة الخطورة، طمعاً بالسخاء الأميركي وحمايةً للمشروع النووي!

لا تكمن مأساة لبنان بصلف «حزب الله» وتجبُّره وحسب، بل بطبقة سياسية لم يرِفّ لها جفن وهي تتابع مخطط ربط مصير البلد بأمرٍ يتوقف على ما يقرِّره الإسرائيلي. نكبة الجنوب وكارثة لبنان لم تُدرَج مرة واحدة على جدول أعمال مجلس الوزراء، وما من مساءلة جدّية من برلمان مُصادَر يُدار كجزء من ملكية رئيسه، حان وقت تحميل المسؤولية كاملة لمن قال: الكلمة للميدان، وشطَب أحلام الناس وآمالها، وحقها بالعيش والحياة، وآنَ أوان وقف الهمس الاحتجاجي في الغرف المغلقة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كانوا يعلمون وأخذوا لبنان إلى الدمار كانوا يعلمون وأخذوا لبنان إلى الدمار



GMT 21:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

نموذج ماكينلي

GMT 21:51 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 21:49 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 21:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 21:47 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 21:46 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

في ذكرى صاحب المزرعة

GMT 20:08 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

طريقة تحضير السبرنغ رول بالخضار

GMT 13:02 2018 الثلاثاء ,03 إبريل / نيسان

المعلمون يعلنون عن أهمية التعلم في الهواء الطلق

GMT 23:21 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

آبل تستعد لبيع هاتفها المليار

GMT 16:04 2016 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شروط جديدة للراغبين بشراء الوحدات العقارية على الخارطة

GMT 13:41 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

تراجع أعداد الحشرات يُهدّد بحدوث انهيار للطبيعة

GMT 00:46 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إبراهيم عيسى يؤكد أن حراسة النصر مسؤولية كبيرة

GMT 15:56 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

"سم العناكب" يعالج أحد أخطر أنواع السرطان

GMT 14:54 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تطبيق الرسائل الخاص بـ"فيسبوك" يختبر ميزة جديدة

GMT 15:13 2015 الأربعاء ,28 كانون الثاني / يناير

عزيزة يدير ندوة عن مسرح سلماوي في معرض القاهرة

GMT 14:37 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أمطار متفرقة على منطقة جازان في السعودية

GMT 08:53 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

صدور "نادى السيارات" للروائى علاء الأسوانى

GMT 22:58 2013 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

صدور 3 كتب عن تاريخ المغرب وشمال أفريقيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates