«لو كنت أعلم»

«لو كنت أعلم»!

«لو كنت أعلم»!

 صوت الإمارات -

«لو كنت أعلم»

بقلم:حنا صالح

 

في الذاكرة اللبنانية، والذاكرة الجنوبية خصوصاً، أن 7 بلدات جنوبية تم اقتطاعها من لبنان، زمن الانتداب الفرنسي، باتت اليوم مستوطنات إسرائيلية.

هناك أكثر من مبرِّر لأن نتذكر هذه البلدات، مع بروز أخطار داهمة على الجغرافيا. قبل نحو أسبوع، وقف المرشح الجمهوري دونالد ترمب أمام خريطة شرق المتوسط آسفاً لصغر مساحة الكيان الإسرائيلي، ليعرب عن أمنيته بأن تتوسع الجغرافيا الإسرائيلية. للتذكير، سبق للرئيس ترمب أن أيد ضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى إسرائيل، وضم مدينة القدس، وأمر بنقل السفارة الأميركية إليها. تزامن ذلك مع تهديد أطلقه «مصدر عسكري إسرائيلي»، بأن «حدودنا مع لبنان ستتغير ولن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب»!

تكرر، الأحد الماضي، الإفصاح عن هذا الخطر، وهذه المرة مع نتنياهو. بعد ساعات على مشهدية مواجهة بدت تحت السيطرة وضمن «تفاهمات» مسبقة، وتمثلت بإعلان إسرائيل عن ضربة استباقية جوية لمواقع «حزب الله»، وردِّ «الحزب» بإطلاق 340 صاروخ «كاتيوشا»، وهو الرد على اغتيال قائده العسكري، فؤاد شكر، الذي تأخر 25 يوماً؛ فقد تباهى نتنياهو بإحباط الخطط الهجومية لـ«الحزب»، وأنه على نصر الله والنظام الإيراني أن يعلما أن «هذه خطوة على طريق تغيير الوضع في الشمال»!

للتذكير أيضاً، فإنه في مستهل حرب التوحش على قطاع غزة، وضعت واشنطن مجموعة لاءات أمام القيادة الإسرائيلية، بينها رفض قضم أي مساحة من قطاع غزة. لكن حكومة التطرف الإسرائيلي عمدت إلى إقامة «حزام أمني» داخل القطاع بعمق يتراوح بين 2 و4 كلم وبمساحة إجمالية فاقت الـ15 في المائة من إجمالي مساحة القطاع التي لا تتجاوز الـ365 كلم مربع ويتكدس فيها نحو المليونين و300 ألف مواطن. والذريعة منع أي إمكانية مستقبلية لتكرار عملية «7 أكتوبر» من الجنوب.

هنا نفتح مزدوجين للتذكير بأن الوفود الأجنبية التي زارت بيروت تباعاً، وبالأخص الموفد الأميركي آموس هوكستين، ناقشت، مع ثنائي واجهة الممانعة، رئيسي البرلمان والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي، وقف التصعيد من جانب «حزب الله» الذي أعلن حرب «المشاغلة» و«المساندة». وطالبت بفصل الجنوب عن غزة، وخطوات جدية لتطبيق القرار الدولي 1701 بانسحاب «الحزب» إلى شمال الليطاني، وفق مندرجات القرار الأممي، أو ليتراجع ما بين 8 و10 كلم، على أن يلي ذلك تسوية النقاط الحدودية الخلافية التي لم تُعالَج منذ ترسيم خط الانسحاب الإسرائيلي الأزرق. ساد التذاكي، والتزم الجانب الرسمي، الذي ارتضى دور ناقل الرسائل، ما كان يضعه على لسانه «حزب الله» من مواقف، تتراوح بين مطالبة إسرائيل بوقف الخروقات والتعديات والتزام القرار الذي يلتزم به لبنان (...) إلى استغراب طلب الانسحاب، لأن عناصر ميليشيا الحزب هم أبناء هذه القرى... ثم القول إنه ليس في جعبة الموفدين غير هدف استقرار شمال إسرائيل وعودة المستوطنين، وهو أمر كان سيسمح بعودة المهجرين اللبنانيين إلى بلداتهم.

كان يمكن تفادي كثير من النتائج الكارثية لو تحمَّل الممسك بالقرار الرسمي المسؤولية التي أُنيطت به دستورياً. ولمرة واحدة، تم تقديم المصلحة الوطنية على نهج تغطية المشروع الموكل لـ«حزب الله» تنفيذه، ومرجعيته إيران. ارتدت «المشاغلة» حملات عدوانية مبرمجة، استحدث عبرها العدو أكثر من غزة صغيرة في البلدات الحدودية، وفرض بالنار حزاماً أمنياً، وحرق البساتين والأحراج، وقضى على الثروة الحيوانية، ولوث التربة والمياه بالفوسفور لتنعدم إمكانية العيش والعمل. وبذلك أرغم «الحزب» على التراجع عن الحدود، وفي بعض المحاور جرى التراجع إلى شمال الليطاني!

لم يحرك هذا النهج التدميري المبرمج جفن مسؤول، ولم يتوقف أحد عند استغاثات أكثر من 100 ألف من المقتلَعين من أرضهم، وقد فقدوا جنى العمر وباتوا متروكين في العراء، إذ يشكل أي إثارة لما هو حاصل من دمار وخراب، وسقوط نحو 625 ضحية بينهم نحو الـ400 من كادرات «حزب الله» وقياداته الميدانية، توجيه إدانة مزدوجة لـ«الحزب» الذي أخذ لبنان إلى حربٍ مدمرة لم تحمِ سقفاً واحداً في غزة، ولم تصن حياة. ومن الجهة الأخرى إدانة لبقايا سلطة ارتضت لنفسها دور ناقل الرسائل وتكرار طروحات الدويلة!

مع استعادة إسرائيل المبادرة والردع، راحت تصطاد الكادرات والقيادات. بين يديها قدرة نارية هائلة واختراقات وقدرات تقنية متطورة تمكنها من إحصاء الأنفاس. وضعت هدفاً لحرب الجنوب: عدم السماح بـ«7 أكتوبر» من لبنان. لذا عند أي تسوية سيكون متعذراً العودة بالوضع إلى ما كان عليه قبل «الطوفان»! عند هذا الحد قد تبقى عشرات البلدات ركاماً، أرضاً من دون أهلها، مسيطراً عليها مباشرة أو بالنار، لضمان أمن شمال إسرائيل وسيلقى ذلك دعماً دولياً. وليس مفيداً الحديث هنا عن استمرار «المقاومة»، لأنه إذَّاك لن ينفع لبنان المعزول عن محيطه والبيدق في المشروع الإيراني، استعادة عبارة «لو كنت أعلم» الشهيرة التي أطلقها نصر الله خلال حرب يوليو (تموز) 2006، لأن القرى السبع قد تتضاعف! أما استيعاب المهجرين في مناطق أخرى فسيفتح باباً لمآسٍ خطيرة في بلدٍ شطره عمودياً صلف «حزب الله» واستهانته بمصالح اللبنانيين وحيواتهم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«لو كنت أعلم» «لو كنت أعلم»



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates