بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل
آخر تحديث 11:43:03 بتوقيت أبوظبي
الجمعة 23 أيار ـ مايو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل!

بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل!

 صوت الإمارات -

بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل

حنا صالح
بقلم - حنا صالح

يمكن وصف الأربعاء 27 مارس (آذار) الماضي بأنه يوم الجنازات في لبنان. جنازات المدنيين، وبوجه خاص جنازات المسعفين الطبيين في يوم انفلات الاستهداف القاتل. يكره الصهيوني المسعف لأنه ينقذ الجرحى، ويكره النساء لأنهن ينجبن، ويكره الأطفال لأنهم سيشبون، ويكره المصور والمراسل الصحافي لأنهما ينقلان للعالم صور المحارق الجماعية التي ينفذها التوحش الصهيوني!

ترافق تحويل بلدات الجنوب المستباح حقول موت، مع استعداد حكومة مجرم الحرب نتنياهو لتوسيع العمليات العدوانية ضد لبنان وصولاً إلى حربٍ مفتوحة. والعنوان إنهاء نتائج حرب «حزب الله» المحدودة منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. فيعلن قائد المنطقة الشمالية الإسرائيلي: «جاهزون من الليلة للتصرف على الحدود اللبنانية، وعازمون على تغيير الوضع الأمني». وبعدما جمع الإسرائيلي بين جبهتي لبنان وسوريا، فطاولت الضربات الخطوط الخلفية لـ«المقاومة الإسلامية» وطرق الإمداد وما يُعتقد أنه أماكن تخزين الصواريخ والمسيّرات، وكانت ترجمته غارات على بعلبك ومحيطها والهرمل أقصى شمال شرق لبنان... يصدر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هاليفي أمراً «بتوسيع دائرة الأهداف في لبنان إلى نحو 200 كلم من الحدود»... ما يعني استباحة شاملة لأن امتداد البلد من الشمال إلى الجنوب لا يتجاوز 220 كلم!

تأكد هذا المنحى مع تراجع الرهان على حلٍ ديبلوماسي، يتفادى الحرب ويسمح بعودة المهجرين من جانبي الحدود، تكون ركيزته عودة حقيقية إلى القرار الدولي 1701 معطوفاً على إمكانية حسم الخلافات المتبقية بشأن النقاط الحدودية. حلٌ لو توافرت جدية من بقايا السلطة لملاقاة الجهود الدولية لكان من شأنه استعادة أمن الجنوب وسلام لبنان مقابل إسقاط أي إمكانية مستقبلية لتكرار «7 أكتوبر» من حدود الجنوب.

أمام مخاطر محدقة بلبنان الكيان والمواطنين، يبدو «حزب الله» عالقاً في عنق الزجاجة، لا يملك قرار وقف حرب «المشاغلة» التي فشلت أهدافه المعلقة عليها ولم ينقضِ الأمر بسقوط رهاناته اللاواقعية، بل تسببت بجعل مناطق جنوبية أرضاً محروقة وبلدات سيتعذر طويلاً إعادة عمرانها، فلا يملك قرار التخلي عن مواقعه؛ لما سيكون لذلك من ارتداد سلبي على بيئته اللصيقة من جهة، ومن الأخرى على المشروع الإيراني للهيمنة وركيزته التهديد بتطويق الكيان الصهيوني. لذلك تبدو مواقف الإنكار والانفصام عن الواقع سمة مواقف «الحزب»، فيروّج عبر أبواقه لمقولات يعجز العقل العادي عن فك ألغازها من نوع أن إجرام إسرائيل يعكس «فشل المساعي الإسرائيلية للسيطرة على التصعيد من أجل فرض قواعد اشتباكٍ جديدة» وفق جريدة «الأخبار»، التي رأت أن «حرب المعادلات... وفّرت مظلة أمنية للبنان». ليتأكد هنا أن هذا الإنكار لا يضاهيه سوى إعلان رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية أمام المرشد الخامنئي أن «عملية (طوفان الأقصى) حققت إنجازات غير مسبوقة للشعب الفلسطيني» (...)، وكأن بين الجانبين تنافساً لمن سيكون السبق في تدمير غزة ولبنان!

هنا يبرز دور طهران التي مع تمسكها ببقاء تماسك محورها «المقاوم»، ترى في الوضع الناشئ منذ «7 أكتوبر»، ومع متطلبات عام الانتخابات الأميركية، حالة لا تتكرر لجهة الفرصة لتثبيت نفوذها. والأهم تكريس شرعية دولية لدورها، على غرار ما كان يوصف الوجود السوري في لبنان بأنه «ضروري ومؤقت» فاستمر لعقود. ومن هنا يصبح مفهوماً استخدام طهران وكلاءها في لبنان والعراق واليمن لخدمة هذه الأجندة. وإذذاك يصبح من نافل القول أنه لا يضيرها رسوخ نظرة عالمية لـ«حزب الله»، بأنه مجرد فصيل في «فيلق القدس» الإيراني، هوى ومهامات، واستثمر فيه نظام طهران لخدمة مشروع الهيمنة الإقليمية لإيران!

بهذا السياق، تبدو سطحية مطالبات أطرافٍ لبنانية لـ«حزب الله» بتسليم سلاحه، وهي لم تجد غضاضة منذ مؤتمر الدوحة في تضمين بيانات الحكومات المتعاقبة ثلاثية الصيغة الخشبية: «شعب وجيش ومقاومة»؛ ما غطى استباحة «المقاومة الإسلامية» للسيادة. إنها مطالبة تعادل دعوة النظام الإيراني إلى التخلي عن دوره، وعن الأدوات الدفاعية التي استثمر فيها خدمة لطموحات إمبراطورية للنظام الإيراني.

الأكيد أن قوى سياسية لبنانية وجهات نيابية راحت بعد ثورة «17 تشرين» اللبنانية تصنّف نفسها في موقع مناهضة «حزب الله» والمشروع الموكل إليه تنفيذه. وتشكل اليوم جانباً من فسيفساء واسعة رافضة توريط لبنان في الحرب. ما تعرفه هذه القوى ويعرفه خصمها المفترض، هو عجزها عن إقناع المواطنين بجدية طروحاتها. وكما لا يصح صيف وشتاء على سقف واحد، فإن مناهضة جر لبنان إلى الحرب لا تكون ببقاء التعاون الوثيق مع «الحزب»، في متابعة السياسات التي أدت إلى الإفلاس وانهيار مالية البلد واقتصاده وإفقار شعبه وإذلاله وتجويعه ووضعه وجهاً لوجه أمام حالة إبادة جماعية. نتكلم عن تكافل الطبقة السياسية في منع المحاسبة، وحماية الناهبين أركان الكارتل المصرفي السياسي الميليشيوي، وطي «التدقيق الجنائي»، إلى التساكن مع مخطط تعطيل العدالة في جريمة تفجير مرفأ بيروت وعدم اعتبار المحاسبة أولويتها... ومن ثم تلتقي مع «حزب الله» في ابتداع مشاريع مطروحة الآن للسطو على المستقبل من خلال الاستيلاء على أصول الدولة لتتضاعف ثروات أثرياء مرحلة «السلم الأهلي» وتتعزز مكانة «الاقتصاد الموازي» للدويلة!

من شويا قبل عامين إلى رميش بالأمس، إنها تجربة مواجهة السلاح اللاشرعي بالصدور العارية. بإمكان اللبنانيين أن يستعيدوا دور اللاعب السياسي كما برز في «ثورة تشرين» وفي التصويت العقابي في الانتخابات. وبإمكانهم إسقاط التهويل بالحرب الأهلية وإخراج لبنان من ثنائية حرب مدمرة أو استنزاف طويل. إن النخب «التشرينية»، كما الحالات التنظيمية وإن جنينية، أمام تحدي مبادرة تستعيد ثقة المواطنين في الداخل ودنيا الاغتراب بما في ذلك أوساط واسعة ضللها النفاق والترهيب الطائفي فاقترعت للقوى الطائفية، ليكون متاحاً رسم طريق لشل التهديد والسلاح، وإخراج لبنان من أزماته وإنقاذه. إنها «الكتلة التاريخية» الشعبية العابرة للمناطق والطوائف، حيث لا مكان لتكرار تجارب بيع وشراء ومقايضة وتقديم مصالح فئوية ضيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل بين حرب مدمرة أو استنزاف طويل



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 17:20 2020 السبت ,01 شباط / فبراير

إيمي سالم تكشف عن خطوطها الحمراء في "نفسنة"

GMT 15:06 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

شيفروليه تطلق الجيل الجديد من سلفرادو 2019

GMT 02:28 2016 الأحد ,17 إبريل / نيسان

Prada تقدم حقائب PIONNIERE AND CAHIER

GMT 12:03 2016 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

صدور كتاب الإدارة المالية للمنظمات غير الربحية

GMT 11:30 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تيريزا ماي تحاول الضغط على بن سلمان بسبب اليمن

GMT 00:12 2014 الثلاثاء ,02 أيلول / سبتمبر

تصميمات لأحذية مختلفة في مجموعة "صولو" الجديدة

GMT 12:25 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 15:50 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"واتس آب" توقف خدمتها على الهواتف الذكية خلال الأسبوع المقبل

GMT 15:03 2015 الأربعاء ,24 حزيران / يونيو

ارتفاع حصيلة ضحايا موجة الحر في باكستان إلى 748

GMT 16:14 2016 الإثنين ,01 شباط / فبراير

الطقس في مملكة البحرين بارد نسبيًا الأثنين

GMT 18:15 2017 الجمعة ,01 أيلول / سبتمبر

هيفاء وهبي تخطف الأضواء في حفل ملك جمال لبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates