أمام المنعطف الأخطر

أمام المنعطف الأخطر!

أمام المنعطف الأخطر!

 صوت الإمارات -

أمام المنعطف الأخطر

بقلم:حنا صالح

 

كل المنطقة على فوهة بركان. يتكثف تحديد مواعيد الرد على الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في قلب طهران وداخل المربع الأمني لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وطالت إسماعيل هنية وفؤاد شكر. وتتقدم معطيات بأن إسرائيل تتحضر لضربة استباقية يؤكد البحث بها وزير الحرب الإسرائيلي غالانت الذي ذكّر بأنه كان قد اقترح ضربة استباقية يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنه يتحفظ عليها الآن!

في الشهر الحادي عشر على بدء حرب التوحش الصهيوني على غزة، تتوضح صورة دخول المنطقة في منعطفٍ جديد. صحيح أن حدث «7 أكتوبر» شكل أكبر تهديد وجودي لإسرائيل فأطلقت حرب استعادة الهيبة والردع، لكن من لحظة عودة نتنياهو، من واشنطن، بدأ مخطط أخذ المنطقة إلى حرب واسعة، وبهذا السياق يُفهم قرار الاغتيال على مستوى القمة. تبدلت المعطيات، وكان لافتاً تأكيد نتنياهو لمجلة «تايم» أن «إسرائيل في حرب وجودية»، وهو بهذا الحديث توّج خطاب الكونغرس الذي تركز على الخطر الإيراني. وفي السياق أطلقت تل أبيب استراتيجية استعادة الردع، وحجم النفوذ، أياً كان الثمن غير عابئة بقضية الرهائن التي باتت في آخر سلم الأولويات.

يؤكد المنحى الإسرائيلي الجديد أن المواجهة باتت ما بعد غزة المدمرة التي أُعيد احتلالها، ولا يغير في الأمر قذيفة من هنا أو كمين من هناك. كما أن المواجهة لم تعد محصورة بجنوب لبنان، حيث استنسخ العدو أكثر من غزة في البلدات الحدودية، وفرض بالنار حزاماً أمنياً، وإن لم يؤمن له بعد استقرار شمال إسرائيل ما يمكنه من فرض إعادة المستوطنين. لقد وُضعت المنطقة أمام براكين مواجهة عسكرية إسرائيلية إيرانية ورسم خرائط نفوذ، رغم مساعي محور الممانعة عدم الانزلاق وإبقاء المواجهة تحت سقف منضبط.

مثير للانتباه أن هذا المنحى أبرز معطيات بأن هذه المواجهة ليست فقط بين إسرائيل وإيران. فزيارة الجنرال شويغو المفاجئة إلى طهران، استتبعت بجسر عسكري جوي روسي تسلم بموجبه الحرس الثوري أنظمة دفاع جوي جديدة، وصواريخ كروز بحرية متقدمة، وصفها قائد البحرية الإيرانية بأنها ضرورة لإقفال الممرات البحرية في لحظة استهداف إيران. أما قائد المنطقة الوسطى الجنرال كوريلا فتكررت زياراته لإسرائيل ومباحثاته مع القادة العسكريين، واستتبعت بتحريك أكبر قوة أميركية ضاربة بحرية وجوية تمركزت في الشرق الأوسط. يعيد المشهد إلى الأذهان شيئاً من زمن الحرب الباردة!

كانت المفاوضات الأميركية غير المباشرة مع إيران (وضمناً «حزب الله») متقدمة، وتقترح رداً يحفظ لهما ماء الوجه، وعكس هذا المنحى ما أعلنه حسن نصرالله من أن الرد الإيراني حتمي، «لكن ليس مطلوباً من إيران أن تدخل في حربٍ دائمة» (..) فيكشف تأخر الرد الحرص على معالجة معضلة كيفية حفظ ماء الوجه، وعدم منح تل أبيب الفرصة لتوسيع نطاق الحرب، وبهذا التوقيت تقدمت واشنطن بمقترح استئناف المفاوضات بشأن غزة مدعومة من القوى الغربية ومصر وقطر. وتقرر إيفاد وليم بيرنز للمشاركة فيها، بما أوحى أن واشنطن تضع ثقلها لنجاح هذه العملية، التي تحدد اليوم الخميس موعداً لانطلاقتها من الدوحة.

تسارعت المعطيات بعد قبول إسرائيل شكلياً بالمقترح. لكن على الأرض وقعت مقتلة مدرسة «التابعين» في شرق غزة التي فحّمت أو مزقت إلى أشلاء نحو 125 فلسطينياً. كان ذلك ردّ نتنياهو الحقيقي على دعوة استئناف المفاوضات، فبدا «الثقل» الأميركي غير حاسم مع اكتفاء البيت الأبيض بإعلانه «قلقاً بالغاً» إزاء أنباء عن سقوط مدنيين، ما أعاد إلى الأذهان رسم صورة خطرة عن التماهي الأميركي الإسرائيلي! ولم يتأخر رد «حماس» التي طالبت بإطار تنفيذي لما تم عرضه سابقاً عليها ووافقت عليه. ما يعني أن هذه المباحثات إن عقدت قد لا تضيف شيئاً، فتكتب جريدة «الأخبار» أن الأميركيين «أخرجوا أرنبهم الوحيد، قرروا بث الروح في المفاوضات حول غزة، لكنهم لم يقدموا اقتراحاً يقود إلى وقف الحرب».

اليوم عندما يدفع العدو الإسرائيلي إلى حرب مع إيران (ضمنها لبنان)، يعرف أنه عاجز عن إنجازها بدون تورط أميركي، فيصطدم بممانعة واشنطن لكن الردع الأميركي لهذا النهج غير حاسم. فالسياسة الأميركية تراوح بين مواقف تبرر الارتكابات الإسرائيلية وتسليح مكثف، فتترك الباب مفتوحاً، ولو جزئياً، أمام نتنياهو!

بالمقابل يحاذر الموقف الإيراني منح إسرائيل فرصة المضي بالدفع إلى حرب واسعة تهدد النووي الإيراني. وتدرك طهران أن الرد من نوع ما جرى في أبريل (نيسان) الماضي على عملية القنصلية الإيرانية يكرس علو كعب إسرائيل قوةَ ردع مطلقةً لن تتورع بعدها عن مغامرة عسكرية كبرى. إنه المأزق فما البدائل؟

ويكاد ستار سميك يُسدل على القضية الفلسطينية، ويحاصر المأزق أكثر من طرف، لكن الثمن المخيف قتلاً ودماراً يدفعه لبنان، بعد غزة، في حرب بدأها «حزب الله» مرجعيتها طهران. يتسع الشرخ الشعبي الذي تسبب به «الحزب»، ويفاقم حجم المآسي استنكاف السلطة والطبقة السياسية عن مسؤولية محاولة إنقاذ الأرواح وحماية البلد، في وقت تعترف «الأخبار» بأنه ينبغي أن «ندع جانباً الكلام الشعبوي الذي يصدر عن جمهور مؤيد للمقاومة يتوقع تدميراً كاملاً للكيان» (..) فيما الحقيقة أن جمهوراً مسحوراً يردد ترهات مدمرة يطلقها «القادة» ويوظفون ذلك في مشروع تأبيد التسلط والتبعية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمام المنعطف الأخطر أمام المنعطف الأخطر



GMT 06:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 06:12 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 06:11 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:09 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:08 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 10:18 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كارينا كابور في إطلالة رشيقة مع أختها أثناء حملها

GMT 15:51 2019 الإثنين ,13 أيار / مايو

حاكم الشارقة يستقبل المهنئين بالشهر الفضيل

GMT 15:56 2018 الجمعة ,27 إبريل / نيسان

"الديكورات الكلاسيكية" تميز منزل تايلور سويفت

GMT 12:03 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

قيس الشيخ نجيب ينجو وعائلته من الحرائق في سورية

GMT 11:35 2019 الخميس ,09 أيار / مايو

أمل كلوني تدعم زوجها بفستان بـ8.300 دولار

GMT 08:09 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يُثني على النجم أبو تريكة ويعتبره نجم كل العصور

GMT 19:44 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

"شانيل" تبتكرُ قلادة لؤلؤية بطول 60 قدمًا

GMT 16:32 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

كنيسة قديمة تتحول إلى منزل فاخر في جورجيا

GMT 16:59 2018 الثلاثاء ,10 تموز / يوليو

جاكوبس تروي تفاصيل "The Restory" لإصلاح الأحذية

GMT 17:32 2013 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مقتل صاحب إذاعة موسيقية خاصة بالرصاص في طرابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates