المساعدات والهيمنة
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
الأحد 2 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

المساعدات والهيمنة

المساعدات والهيمنة

 صوت الإمارات -

المساعدات والهيمنة

بقلم : د. آمال موسى

 

ما يحدث بين الأشخاص ينسحب بشكل كبير على ما يحصل بين الدول أيضاً. فالشخص الواقع في محنة الدين يتميز بالضعف حتى لو حاول إخفاء ذلك أو نكرانه. فميزان القوى بين الدائن والمدين يعلو لصالح اليد العليا. وكما نعلم اليد العليا خير من اليد السفلى. والشيء ذاته في العلاقة بين من يقدم المساعدة ومن يحتاج إليها.

لا يعني هذا أن الحاجة تُضعف صاحبها آلياً، لكن بشكل عام خصوصاً إذا لم تتوافر في صاحب الحاجة كوامن نفسية وإرادوية تمكّنه من الخروج من نفق المحتاج (بغض النظر عن طبيعة الحاجة مادية أم معنوية)، فإن المحتاج هو ضعيف إلى أن يغادر ضعفه.

ومشكلة اليد السفلى أنها بذلك الموقع الذي اختارته أو وجدت نفسها فيه هي يد ليست حرة في قراراتها واختياراتها وحركتها محتشمة جداً. نبرة الشخص المحتاج الذي يمد يده طالباً المساعدة كثيراً ما تكون منخفضة.

هذا حال الشخص، فما بالنا بحال الدول والعلاقات الدولية التي تقوم على الهيمنة وميزان القوى والكلمة للأقوى. فالدول، سواء الفقيرة أو التي في طريق النمو تؤمّن مصاريفها في جزء ما من المساعدات الدولية، وهي دول منخفضة النبرة في ساعات الجد والاختيار الصعب. لذلك؛ يمكن القول من دون مبالغة إن المساعدات الدولية التي تلتزم بها الدول الكبرى تجاه الدول المحتاجة هي شكل من أشكال الهيمنة المقنعة والمخفية. ولا يخفى أن الهيمنة هي المرادف الحديث لمعنى الاستعمار ومظاهره وأسبابه.

طبعاً، من المفروض أن المساعدات هي آلية دعم ومحاولة لتحقيق السلم والأمن في العالم. بل إنه من مصلحة الدول الغنية والقوية تقديم المساعدات والأخذ بيد الدول المحتاجة من دعم ومساعدات؛ لأن ذلك يندرج ضمن أمنها القومي بكل بساطة. ولا يفوتنا أن من الأسباب القوية التي جعلت من الدول الغنية قوية أنها استثمرت في الأسلحة وفي النووي والكيميائي، وكل هذا دمر الطبيعة في كوكب الأرض وجعل الحياة صعبة بسبب تغيرات المناخ التي أثرت على الصحة والزراعة والغذاء؛ وهو ما يعني باختصار أن المساعدات هي في الحقيقة نوع من التعويض التافه والصغير جداً عمّا لحق بالدول غير المنخرطة في التسليح واستعمال المواد الكيميائية من خسارات وضرر مادي وصحي ولخبطة حقيقية سببها تغير المناخ واستحقاقاته الكبيرة جداً.

لكن مع الأسف، المساعدات الدولية بدلاً من أن تكون تعويضاً قابلاً للازدياد أصبحت أداة هيمنة وتوجيه للمواقف الدولية وآلية لبث الخوف في الدول وحرمانها من التعبير عن سيادتها من خلال قرار حر.

في هذا الإطار من فهم المساعدات نضع الأسئلة والمخاوف التي عبَّر عنها كثيرون عندما صرحت مصر برفضها المشاركة في ظلم الفلسطينيين من خلال الانخراط في تهجيرهم. فالأصوات تعالت متسائلة عن رد فعل الولايات المتحدة بعد التصريح بموقف مثل هذا رافض لدعوة الرئيس الأميركي ترمب.

في هذا السياق، من المهم التذكير بصراحة بأن القضية الفلسطينية هي أكبر خاسر من المساعدات الفتات، حيث اضطرت دول كثيرة إلى تقديم تنازلات عبر تاريخ القضية من أجل المحافظة على المساعدات التي كانت مشروطة سراً وجهراً. وباعتبار أن هذه المساعدات رغم هزالها أصبحت من العناصر الأساسية في ضبط الميزانيات وتعتمد في تقدير الحد الأدنى من المعاش الشعبي، فإن أصواتاً عدة كانت ترى فيها مصلحة وطنية لا يجب المساس بها.

ولو قمنا بجردة للمساعدات الدولية ولاحظنا متى تُمنح ومتى تتأخر، وما الدول التي ترتفع فيها المساعدات والأخرى التي تظل على حالها، سنجد بسهولة تامة الربط الصارخ بين هذه المساعدات والمواقف السياسية. والمشكلة أنها مساعدات فتات يطالبون في مقابلها بمواقف ثقيلة جداً.

لذلك؛ فهي ليست مساعدات بقدر ما هي عربون لضمان موقف على مقاس الدول المانحة. ونعتقد ورغم كل المشاكل الاقتصادية الراهنة، فإنه يمكن لكل دولة تتمتع بهذه المساعدات شطبها من التقديرات الخاصة وتعالج مشاكلها من دون احتسابها؛ لأن تكلفة المساعدات الفتات لا تقدر بثمن وغالية جداً بكل المعاني.

إنّ الحل في التكتلات الاقتصادية العربية والتعويل على الذات وإعلاء قيمة العمل وتقدير أي نقطة عرق عربية للإنسان العربي، بشكل ينمي المشاعر الوطنية والذود عن المصلحة الوطنية.

لا شك في أن هذا الخطاب ليس رفضاً للانفتاح الدولي، ولكن آن الأوان كي نسمي الأشياء كما هي: المساعدات التي تخنق وتمس الحد الأدنى من الشعور بالسيادة الوطنية إنما هي قيد يجب أن ينكسر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المساعدات والهيمنة المساعدات والهيمنة



GMT 23:30 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

كيف فكك المغرب خلية داعش؟

GMT 23:29 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مطرقة ترمب على خريطة العالم

GMT 23:28 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

والآن أميركا تنقض الحجر العالمي الأول

GMT 23:28 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

مستقبل الحرب في أوكرانيا

GMT 23:27 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

ضحايا لبنان والعدالة الانتقالية

GMT 23:26 2025 السبت ,22 شباط / فبراير

« 50501 »

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 12:16 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 08:24 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

ايلاينر منقار العصفور لـ مكياج فخم بالحجاب

GMT 18:31 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

قرأت لك " ثروة الأمم" كتاب قديم لكنه مهم

GMT 07:23 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

توتنهام يحقق حول العنصرية التي تعرض سون هيونج مين

GMT 14:43 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

حمد الكعبي أمينًا عامًا للاتحاد العربي للرياضة الجامعية

GMT 05:14 2013 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تساعد ليبيا على تطوير قطاعها السياحي

GMT 18:05 2015 الخميس ,22 كانون الثاني / يناير

اليابان تطلب إقامة معرض أثرى عن ملكات مصر

GMT 22:19 2015 الخميس ,19 شباط / فبراير

طفل مصري يفتتح معرضه التشكيلي الأول بـ95 لوحة

GMT 14:45 2015 الثلاثاء ,17 آذار/ مارس

"القتلة يحتفلون بالفالنتين" في دار "الحياة"

GMT 04:03 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

أيادي تحكم مطلية بالذهب لـ"إكس بوكس" و"بلاي ستيشن"

GMT 22:11 2013 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

سماسرة متجولون يعودون إلى عقارات أبوظبي

GMT 18:44 2013 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البحث على المحرك الإلكتروني "غوغل" يضعف الذاكرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates