عصافير عدّة بحجر واحد
آخر تحديث 20:25:53 بتوقيت أبوظبي
الثلاثاء 22 تموز / يوليو 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

عصافير عدّة بحجر واحد

عصافير عدّة بحجر واحد

 صوت الإمارات -

عصافير عدّة بحجر واحد

بقلم : د. آمال موسى

نلاحظ تفاقم الظواهر الاجتماعية وتشعبها على نحو ينتج مشاعر العجز والإحباط من كثرة تعقيد الظواهر الاجتماعية وصعوبة معالجتها، في لحظة عالمية تنتصر للماديّ والفرديّ، وتهمل الأسر والمجتمعات.

طبعاً الظواهر ذات الصلة بالعنف والانحراف والتفكك وانهيار القيم والفقر والتسول والاتجار بالبشر والجهل تتضاعف تداعياتها وتنتشر في المجتمعات التي يتعثر انتقالها من طور المجتمع التقليدي إلى الحداثي. لذلك فإن المشكل يبدأ من صعوبات الانتقال بالمجتمع الذي يعاني التشظي والانفصام والتردد بين نسقين ثقافيين، بشكل يقودنا إلى ما يمكن أن نطلق عليه «الضياع الثقافي».

والمشكل الأكبر لا يكمن فقط في الموقف من الحداثة التي باتت قدَراً لا مهرب منه، بقدر ما هو في المجتمع الرافض، والذي أصبح من الظواهر الاجتماعية المتراكمة، الأمر الذي يُغرق المجتمع ويلقي به في حلقة مفرغة.

وأمام حتمية الإصلاح والمعالجة والعمل على وقف النزيف الحاصل من الظواهر الاجتماعية المقلقة، فإن المنهجية الأسلم والأكثر نجاعة ليست حل كل مشكلة على حدة، بل في توخي استراتيجية الاشتغال على مشكلات كبرى ذات مردود إيجابي على مشكلات أخرى؛ كمعالجة منظومية تصب في الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتعمل على التخفيض من شدة وحدّة ظواهر مزعجة ومكلفة بكل المعاني.

من هذه المشكلات الكبرى التي لو نركز على حلها ومعالجتها بجدية، فإنها ستساعدنا على تحقيق انتعاشة اقتصادية واجتماعية، وهي مسألة تشغيل النساء. والرهان على تشغيلهن ليس من باب التشغيل فقط، وإنما من منطلقات عدة وبهدف إسقاط عصافير عدة بحجر واحد.

لنطرح السؤال بكل بساطة: ماذا يمكن أن تربح الدولة عندما تضع عمل المرأة ضمن أولوياتها؟ من خلال هذا السؤال الواضح البسيط نصل إلى إجابات يمكن تقديرها مادياً وتحديد مقدار الربح فيها.

ففي البداية، الرّهان على عمل المرأة ووضع الآليات اللازمة لدمجها في الدورة الاقتصادية سيحسّنان آلياً من أداء عجلة التنمية وحجم الثروة في الاقتصاد الوطني. وباعتبار أن التوجه اليوم في كل الاقتصادات إنما يعزز المبادرات الخاصة، فإن النساء يمكنهن أن يمثلن أحسن تمثيل في تعزيز ثقافة المبادرات الخاصة في المجتمع، وغرسها في عقلية الأجيال الصاعدة. ولتأمين عمل النساء والفتيات والتقليص أكثر ما يمكن من نسبة البطالة في صفوفهن، والتي تقدر على الأقل بضعف نسبة بطالة الرجال في غالبية البلدان، فإنه لا بد من خطوط تمويل لمشاريع متناهية الصغر ومشاريع صغرى ومشاريع متوسطة واتخاذ إجراءات جاذبة للمشاريع النسائية، وخلق مؤسسات تتولى تأهيلها ومرافقتها. وعندما تتوفر هذه الإرادة فإن أول ما تجنيه الدولة هو اقتصاد لا مكان فيه للتمييز على أساس «الجندر»، وسيرتفع عدد الناشطين في الاقتصاد، وسينخفض عدد الفقراء والمحتاجين والجائعين والمتسولين... وأيضاً مؤشر الدولة في مجال العمل سيتحسن وتتضاعف النتائج والأرباح عندما تتحلى الدولة بشجاعة تطوير التشريعات التي تقوي المقاربة الحقوقية لمجال العمل والأعمال وعطل الأمومة والمساواة بين الجنسين. وكل تطوير في التشريعات يفتح آفاقاً رحبة للدولة للتمتع بدعم ومساعدات تمكّن الدولة من تغطية تكلفة هذه التشريعات التي تجرأت على وضعها.

إن رهان الدول على عمل النساء، وتوفير مناخ أعمال جاذب لهن ويعترف بهن ويتعاطى معهن بوصفهن فاعلات رئيسيات في عملية خلق الثروة، ليس فقط طريقة جيدة لخفض نسبة البطالة في المجتمعات، بل أيضاً آلية فعالة للقضاء على الفقر والجوع بوصفهما الهدفين الكبيرين من أهداف التنمية المستدامة. بل إن الدول تضرب عصافير عدة بحجر واحد: أولاً كل امرأة تنخرط في عالم العمل ستكون خارج دائرة الفقر والجوع. وثانياً العائلة الفقيرة ستكون أفضل عندما تعمل الأم، والأب سيكون أكثر قوة وصموداً في دفع الفقر والجوع عن عائلته عندما تكون زوجته فاعلة وداعمة له في تسيير الأسرة اقتصادياً.

من جهة ثانية، فإن عمل النساء يجعل ظواهر الانقطاع المبكر عن الدراسة تتراجع، وانحراف الأطفال بسبب الفقر والإهمال يقل؛ بمعنى آخر: العائلة التي تحصل على راتبين آخر كل الشهر، أو مدخولين اثنين، هي عائلة ذات هيكلة اقتصادية أكثر قدرة على الصمود من غيرها.

باستطاعة كل دولة أن تستفيد من قدرات مواطنيها ومواطناتها من أجل تنمية مستدامة ومجتمع أكثر مناعة من ظواهر الفقر والانحراف بسببه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصافير عدّة بحجر واحد عصافير عدّة بحجر واحد



GMT 18:05 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

حرب بلا مراسلين

GMT 18:04 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

صفحات من التاريخ!

GMT 18:04 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

ابن برَّاك وإبل لبنان!

GMT 18:03 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

هل ما انتهت إليه أفغانستان يتكرر في أوكرانيا؟

GMT 18:03 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

خطوة ترمب... والتداعيات على العالم

GMT 18:02 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

السلطة اللبنانية وتحدي الخيارات القاتلة!

GMT 18:01 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

إسرائيل «نسخة جديدة»

GMT 18:01 2025 الجمعة ,20 حزيران / يونيو

أمريكا والحرب

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ صوت الإمارات
اجتمعت عاشقات الموضة الشهيرات في الوطن العربي خلال الساعات والأيام الماضية على تفضيل اللون الأسود لتزيين أحدث ظهور لهن، حيث تكاثفت إطلالات النجمات المتألقات بالأزياء السوداء، وزينت مواقع التواصل الإجتماعي، وطغت على اختياراتهن الأناقة والتفاصيل المعاصرة، كما تنوعت تلك الأزياء بين ما يناسب النزهات الصباحية، وأخرى للسهرات، ولأنه اللون المفضل في كل المواسم دعينا نلقي نظرة على أحدث إطلالات النجمات، لعلها تلهمك لاختيار إطلالتك القادمة على طريقة واحدة منهن. إطلالة نانسي عجرم ملكة البوب العربي نانسي عجرم عادت لصيحتها المفضلة في أحدث ظهور لها، من خلال اختيار موضة الجمبسوت المرصع الذي تفضله كثيرا في حفلاتها، ولم تتخل الفنانة اللبنانية عن لونها المفضل الذي رافقتها مؤخرا بكثير وهو اللون الأسود، حيث اختارت جمبسوت مرصع كليا بالت...المزيد

GMT 01:20 2019 الأحد ,23 حزيران / يونيو

عصابة تحول فرحة زفاف إلى "ذكرى مأساوية"

GMT 20:01 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

شهر عسل لا ينسى في رحاب مدينة سافونا الإيطالية

GMT 21:24 2013 الخميس ,25 تموز / يوليو

أفكار جديدة لتجديد المطبخ بأقل التكاليف

GMT 09:28 2015 السبت ,31 كانون الثاني / يناير

استئناف بث قناة هولندية بعد انقطاعها بسبب هجوم مسلح

GMT 12:16 2017 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

الأصفر يتصدّر عروض أزياء ربيع 2017 مع دار عرض "tibi"

GMT 15:34 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

انضمام وزارة العدل القطرية إلى مركز الاتصال الحكومي

GMT 12:28 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب وبوتين يشدّدان على استبعاد الحل العسكري في سورية

GMT 16:56 2020 الأربعاء ,15 كانون الثاني / يناير

"دبي للمستقبل" تنظم دورة عن حوكمة الذكاء الاصطناعي

GMT 15:08 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الشيخ صقر بن طارق بن كايد القاسمي في ذمة الله

GMT 09:06 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ظهور حالتين من حمى النزيف في انواذيبو شمال موريتانيا

GMT 16:29 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أفضل وأجمل تصاميم الخزائن الجدارية لغرف نوم عصرية ومميَّزة

GMT 22:46 2014 الخميس ,09 تشرين الأول / أكتوبر

إتش تي سي التايوانية تكشف عن هاتف Desire EYE

GMT 19:01 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

الكشف عن أول هاتف ذكي منحني بالكامل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates