أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي

أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي

أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي

 صوت الإمارات -

أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي

بقلم : د. آمال موسى

 

الوصول إلى صفقة تنص على وقف إطلاق النّار في قطاع غزة أمر جيد جداً. صفقة متأخرة ولكن تظل جيدة ولو لم يظل في القطاع إلا رضيع واحد يبكي وحدته.

ولكن كي لا ننسى ونقيم رد فعل العالم لا مفر من استعادة الشريط وآثار الدمار المادي والنفسي التي لا تزال ساخنة ونازفة. ولا شيء أكثر من الهلع والقتل الذي عاشه أطفال غزة أقدر على توثيق موت ضمير العالم.

مع الأسف هناك من يقيّم التطرق إلى مثل هذه المواضيع باعتبارها ضرباً من المثاليّة التي لا تنفع، ولا قدرة فيها على تغيير الواقع. ولا أخفيكم أنني خاطبت نفسي بهذا الكلام اليائس ولكن: هل دورنا أن نكون واقعيين؟ أليست الواقعية هي من مشمولات السياسيين المولعين بالاستسلام للواقع من دون إجراء أي تعديل يوثق لبصمتهم في التاريخ؟

وإذا تحول الجميع إلى واقعيين فمن سيدافع عن الحق والمثل والقيم والحقوق؟

وحتى من منظور وظيفي محض، فإن دور الكتابة والثقافة والفكر ووسائل الإعلام الدفاع عن الحد الأدنى على الأقل من الأخلاق وما يجعل الإنسانية إنسانيةً ومختلفة عن قوانين الهيمنة والبقاء والموت في عالم الحيوانات.

وكما نعلم عند تقييم أزمة مالية، فإن هناك مراحل توصيف للأزمة التي تبدأ بمشكلة مالية ثم تشتد لتصبح أزمة وصولاً إلى الإفلاس. وكل مرحلة لها مؤشرات تثبتها. وبناء على هذا القياس المالي، فإن مؤشر معاناة الأطفال في غزة يساوي آلياً إفلاساً، ليس فقط لإسرائيل، بل إفلاس العالم.

أحياناً ليس المشكل في الكارثة أو الجريمة أو المأساة. يكمن المشكل حقيقة في كيفية التصدي والموقف ورد الفعل. ذلك أن الجريمة تشمل مرتكبها فقط وكيفية التعاطي مع الجريمة فهي من مسؤولية الجميع.

لن نناقش عدوان إسرائيل ضد غزة وسنضع ذلك ضمن مقتضيات الصراع والحرب. ولكن هل يعني ذلك أن نصمت على قتل 17 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة؟

لم يحدث في تاريخ البشرية أن تم استهداف الأطفال على النحو الذي حصل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى أمس تاريخ الإعلان عن صفقة وقف إطلاق النار. والمحصلة أن العالم لم يضع هذه القضية في مقدمة اهتماماته، بل إننا لاحظنا محاولات عدم التطرق واللامبالاة المتعمدة والتعاطي مع قتل الأطفال كشيء تابع لمقتضيات الحرب.

لكل حرب محاذير، ولكل لعبة خطوط حمراء، باستثناء ما حصل في قطاع غزة. وما كان كل هذا ليحصل لولا استبطان إسرائيل لسلبية العالم وتطبيعه مع جرائمها.

السؤال: ما نفع المنظمات الأممية والجيوش من الموظفين الساميين فيها الذين يتقاضون أجوراً خيالية ولهم امتيازات فوق سامية، والنتيجة أنه لا قدرة لهم على حماية أطفال غزة من القتل؟

وإلى جانب الأرواح البريئة التي قُتلت فقط لأنها من نسل فلسطيني، فإن مؤشرات الإفلاس الأخلاقي والإنساني تشير إلى أن عدد الأطفال حاملي الإعاقة في غزة قد ارتفع إلى أكثر من عشرة آلاف طفل، مع العلم أن نحو 98 ألف طفل معوق يعيشون الويلات بسبب العدوان والدمار، مما ضاعف ألف مرة صعوبات الإعاقة. وهذا من دون أن ننسى الأطفال الذين ما زالوا على قيد الحياة ولكنهم أصبحوا يتامى الأم أو الأب أو الاثنين معاً بسبب جرائم إسرائيل ضد النساء والرجال العُزّل، إذ ازداد عدد اليتامى من جراء القصف المميت إلى نحو 25 ألف طفل.

كم هي فظيعة هذه الأرقام. والأكثر فظاعة أنها مرت مرور الكرام. ولا يخفى على أحد دواعي هذه الحرب التي شنتها إسرائيل على الأطفال: إنها تصفية جسدية للنسل الفلسطيني ومحاولة للقضاء على الفلسطينيين والقضية من خلال قتل أكثر ما يمكن من الأطفال وإصابة أكثر ما يمكن من الأطفال بالإعاقة والعجز.

في المحصلة، هي ليست حرباً وليست صراعاً بقدر ما هي محرقة جديدة ضحاياها الأطفال أولاً. وما كانت لتحصل لولا التواطؤ الدولي الأعمى. لذلك فإن نصيب الأسد من الإفلاس ليس في حساب إسرائيل فحسب، بل في القوى الدولية والإقليمية التي من أجل مصالح مزعومة غضت النظر. لذلك لن يهدأ العالم والصراع في منطقة الشرق الأوسط بقتل أطفال غزة. ولا يمكن كتابة السلام والأمن القومي بدم الأطفال ودموعهم. نحن عشنا زمن الاستقواء على أطفال غزة وهذا مخجل إلى أن ينتهي الخجل.

تم وقف إطلاق النار بعد أن حققت إسرائيل أهدافها. وأصبحت إسرائيل اليوم المرآة التي يرى فيها العالم وجهه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي أطفال غزة كشفوا الإفلاس الأخلاقي



GMT 01:13 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

العالم وفقاً لبرج ترمب

GMT 01:12 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عون – سلام: نهاية 50 عاماً من الوصاية

GMT 01:12 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لِمَ لا يتم الكشف عن أسماء الفاسدين!

GMT 01:11 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

المستقبل بعد الشريحة الدماغية

GMT 01:10 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

لبنان بين «الدولة العميقة» وإرادة التغيير

GMT 01:10 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

الصراع بين الـ«ديليت» والـ«سكرين شوت»!

GMT 01:09 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

أول يوم موالاة

GMT 01:08 2025 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

كأن ترامب منهم

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 14:24 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الطقس في الإمارات الأحد

GMT 18:34 2020 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

فساتين زفاف ضيقة بوحي من نجوى كرم

GMT 06:11 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي علي اتيكيت وضع البروش لإطلالة جذّابة وأنيقة

GMT 20:58 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ديكورية مميّزة لتزيين غرف نوم الفتيات المراهقات

GMT 14:31 2015 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

"فن البالونات" ينشر البهجة وسط أطفال معرض الشارقة

GMT 04:05 2015 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

العثور على 43 بيضة ديناصورات متحجرة جنوب الصين

GMT 17:07 2016 السبت ,09 كانون الثاني / يناير

رجل وامرأة "أوزبكيان" يقضيان عقوبة الحبس لمدة عام

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

"أسطورة القصر والصحراء" يتصدر إصدارات دار بتانة

GMT 21:04 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات تايلاند إلى 22 شخصًا

GMT 08:59 2016 السبت ,20 شباط / فبراير

صدر حديثًا رواية "المرشال" للكاتب سمير قنبر

GMT 01:05 2013 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار نادر لـ "حوت" أثناء تشريحه

GMT 15:22 2013 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

جامعة نيويورك أبوظبي تستقبل 175 طالبًا من 72 دولة

GMT 07:31 2013 الأحد ,14 إبريل / نيسان

افتتاح مطعم "ماكدونالدز" في صلالة جاردنز مول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates