متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية؟

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية؟

 صوت الإمارات -

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية

آمال موسى
بقلم : آمال موسى

إنّ قرار مجلس الأمن الأول من نوعه والقاضي بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والذي أسال الكثير من الحبر بوصفه مثّل حدثاً في تاريخ مجلس الأمن، وخصوصاً عدم استعمال الولايات المتحدة الأميركية حق الفيتو ضده، قد فرض على النخب المدافعة عن القانون الدولي الإنساني والرافضة للجريمة الشنيعة المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في حق الفلسطينيين في قطاع غزة، نظرة مختلفة ومقاربة أكثر اتساعاً في قراءة هذه الجريمة المستمرة.

لم يعد ممكناً الاقتصار على إدانة إسرائيل على جرائمها بوصفها هي التي بالصورة أمام العالم، وغض الطرف أو التقليل من دور ومسؤولية الأطراف التي تمكّن إسرائيل من ارتكاب هذه الجرائم، بطريقة غير مباشرة أو غير مقصودة.

اتجاه النخب الرافضة لهذه الجرائم حالياً طرح أسئلة بشكل واضح وصريح وهو ما مثل موضوعاً رئيساً لمقالات وبرامج عدّة: من أين تأتي إسرائيل بالأسلحة التي بها استطاعت قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني وإصابة 76 ألفاً؟

لم يكن هذا الموضوع يطرح سابقاً بنفس الوضوح الذي يطرح به الآن، حيث صدور قرار مجلس الأمن الذي طالب إسرائيل بالوقف الفوري لإطلاق النار، ما فرض علينا اليوم طرح هذا السؤال بصوت عالٍ ومن زاوية أخرى. فاحترام قرار مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني لا يخص إسرائيل فقط، بل إن الذين يدعمون إسرائيل بالسلاح هم أيضاً يمثلون خرقاً قانونياً للقرار شئنا ذلك أم أبينا. وهنا يطرح سؤال عن المسؤولية التاريخية للدول التي تصدّر السلاح لإسرائيل التي تعتدي على القانون الدولي الإنساني وتخرقه، محاولةً توريط الدول الداعمة لها معها ليكون الخرق معقداً ومركباً. وفي هذا السياق نشير إلى رسالة الـ600 محامٍ بريطاني، التي تناولوا فيها مخاطرة بلادهم بانتهاك القانون الدولي الإنساني بتصديرها السلاح لإسرائيل.

ومن هنا نفهم أن إسرائيل غير مكترثة بالقرار، وتستمر في المضي قدماً في تقتيلها اليومي للفلسطينيين، وعدم شعورها بالذنب لموت الأطفال والنساء، وعدم شعورها بأي حرج لأنها تستورد السلاح من دول مؤثرة في مجلس الأمن وفي العالم، جاعلةً هذا دعماً لها. كما إن إسرائيل لم تتوانَ، وهي التي تستشعر دعم هذه الدول الكبرى، عن الهجوم على قافلة المطبخ المركزي العالمي وموت عمال الإغاثة في هذا الهجوم، مما يكشف عن عدم مبالاة إسرائيل بأي جرائم ترتكبها.

إن ما يحصل بصدد إضعاف الدول القوية المفترض أنها حارسة للقانون الدولي الإنساني ومانعة من الاعتداء عليه، سوف يعدّ وقوداً وحججاً للمقهورين اليوم والمارقين غداً الذين سيفرزهم ما يحدث حالياً من خروق للقوانين الدولية.

من السرديات التي تتداولها بعض الدول التي تبيع السلاح لإسرائيل، والذي بواسطته تقوم بالتقتيل، أنها تضرب بالقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن واحتجاجات حقوقيي العالم عرض الحائط، ومن هذه السرديات أن أمن إسرائيل موجود في صميم السياسة الخارجية لهذه الدول.

فهل هذا صحيح؟

أليس أمن الفلسطينيين هو أيضاً في أحد أبعاده أمن الإسرائيليين؟

ما يحصل حالياً هو عبارة عن التأسيس لخطة الدوران في الحلقة المفرغة التي سيخسر فيها الجميع، وأوّلهم إسرائيل لأن ما تقوم به يجعل من أمنها مستحيلاً، وأيضاً الدول التي تبيع السلاح فتكسب المال حالياً ورضا إسرائيل، لكن التاريخ سيحمّل أجيالها المسؤولية وستجد ميراثها مسكوناً بالاختراقات والانحرافات، الأمر الذي يمس بحداثتها وقدسية القوانين الدولية وخطابها حول الإنسان وحقوقه.

إن ازدواجية المعايير تنتج الاحتقان والقهر، والعالم اكتوى بتداعيات هذه الازدواجية ولا ندري كم يتسع صدر العالم اليوم لتكرار تجارب عرفنا نهاياتها ودفع الجميع فواتيرها. لا يمكن أن يواصل العالم الهدم والبناء ثم الهدم بهذه الطريقة التي تظهر عدم عقلانية العالم، وعدم استيعاب دروس ذهب ضحيتها الآلاف من البشر.

أغلب الأحداث المأساوية كانت بفعل الذين لا شيء لديهم ليخسروه وهم غير المعترف بهم. ولكن الذي لا نعترف به ولا نعترف بحقه في الأمن والحياة إنما ندفعه كي يبحث عن طريقة يرغمنا فيها على الاعتراف به وعادة ما تكون: تهديد أمن العالم مع الأسف الشديد. لذلك فإن أمن الجميع يجب أن يكون في صميم السياسات الخارجية.

فمتى يصبح الفلسطينيون في صميم السياسة الخارجية للدول التي تمكّن إسرائيل من أدوات القوة والتقتيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates