الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

 صوت الإمارات -

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

بقلم :ناصيف حتّي*

الحرب الإسرائيلية شهدت تصعيداً كبيراً في الجغرافيا والأهداف والقوة النارية ضد لبنان منذ شهر ونيف. تصعيد مفتوح في الزمان بعد أن حل لبنان مكان غزة على جدول أولويات الحرب الإسرائيلية. حرب تضعنا أمام الخيارات التالية التي تتمثل فيما يلي:

أولاً- استمرار الحرب، وهي سياسة نتنياهو وحكومته، مع تصعيد مضبوط وربما تخفيض في مراحل معينة، وحرب استنزاف مفتوحة تهدف إلى تحقيق أهداف إسرائيل ذات السقف المرتفع جداً وقوامها الانتهاء من «حزب الله»، أو تحديداً تدمير إمكاناته وقدراته، وبالتالي دوره أو تخفيض قدرته الردعية والقتالية بشكل كبير. أهداف تبقى مرتفعة السقف كإسقاط ورقة الحزب العسكرية من خلال الضرب الكلّي لقدراته العسكرية والأمنية وغيرها. من مظاهر ذلك أن الحرب الإسرائيلية قامت عملياً على وحدة الساحتين اللبنانية والسورية بشكل خاص من خلال ضرب قدرات «حزب الله» وحلفائه في العمق السوري من قواعد ومخازن للسلاح. حرب لا تزال العوامل التي قد تدفع الأطراف القادرة على وقفها غير قائمة. فهذه الأطراف غير مهتمة في السياق القائم حالياً بوقف العدوان الإسرائيلي كلياً أو بالتصدي الفعلي لتلك الأهداف. أهداف لا تعارضها الولايات المتحدة، إذ تلتقي مع بعض أهدافها الإقليمية، وليس بالضرورة كلها. كما تلتقي مع بعض هذه الأهداف بدرجات مختلفة، قوى غربيةٌ قادرةٌ على أن توثر في الموقف الإسرائيلي بدرجات كبيرة لو بذلت جهودها جماعياً في هذا المجال.

ثانياً- الانزلاق نحو حرب إسرائيلية مفتوحة مع إيران وحلفائها، مسرحها يمتد من الخليج إلى البحر الأحمر وإلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط. حرب تغير وجه المنطقة ولا يدرك أحد إبعادها أو تداعياتها على المسرح الاستراتيجي الشرق أوسطي ككل. سيناريو يمكن حصوله رغم عدم رغبة إيران في الانزلاق إلى حرب مباشرة أو مفتوحة من جهة، والضغوط الأميركية من جهة أخرى على الحليف الإسرائيلي لإبقاء «عملية ردعه» لإيران تحت سقف المقبول حجماً وأهدافاً. حرب قد تؤدي إلى إعادة رسم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط وقد تشبه إلى درجة كبيرة الوضع الذي نشأ بعد سقوط العراق عام 2003، من حيث حجم التغيرات وأبعادها وارتداداتها.

ثالثاً- العودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل حرب الإسناد في الجنوب أو التفاهم غير المكتوب الذي كان ناظماً للأوضاع عبر التطبيق المحدود والانتقائي للقرار 1701 في ظل خرق إسرائيلي مستمر لعناصر القرار؛ جواً وبحراً وحتى براً، مقابل وجود عسكري وقتالي للحزب «غير ظاهر» إلا عند الضرورة في رسائل تذكيرية إذا ما دعت الحاجة. وتراهن جبهة وحدة الساحات عبر استنزاف إسرائيل ومنعها من تحقيق أهدافها، على وقف القتال والدخول في تفاهم جديد تحت عنوان تطبيق القرار 1701 «تدريجياً» كما كان الوضع من قبل. تفاهم قد يحمل صيغة تجميلية عمّا كان سابقاً. تسمح تلك العودة بإعطاء الضوء الأخضر شرطاً ضرورياً ولو غير كافٍ لإعادة تشكيل السلطة في لبنان، والانتهاء من الفراغ الحاصل والقاتل، والذهاب لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة.

رابعاً- التطبيق الكلّي للقرار 1701 الذي يعني في الشق اللبناني إبعاد الحزب عسكرياً إلى شمال الليطاني مع سيطرة للجيش كلياً على المنطقة، وبالطبع تعزيز التعاون مع «يونيفيل»، الأمر الذي يُفقد الحزب أو يُضعف بشكل كبير جداً أهم أوراقه الاستراتيجية إن لم تكن أهمها وهي امتلاك القرار لتسخين أو تبريد الجبهة مع تداعياتها الإقليمية المفيدة له ولحليفه أو الراعي الإيراني كما شهدنا مؤخراً مع استراتيجية وحدة الساحات. الاستراتيجية التي تُرجمت عملياً على الساحة اللبنانية مع مشاركة رمزية في الحد الأدنى الضروري من طرف «الساحة» العراقية أو اليمنية، وبقيت سوريا «الدولة» على الحياد، ولو أن أراضيها تشكل جزءاً من المسرح الاستراتيجي القتالي لـ«الساحة اللبنانية»، فيما الراعي الإيراني بقي بعيداً عن الانخراط العملي والناشط في استراتيجية وحدة الساحات. هذا الخيار (التنفيذ الكلي والفعلي للقرار 1701) يتطلب التوافق غير المباشر بين الكبار الداعمين لطرفي الصراع، ودوراً مسهِّلاً ومحفِّزاً ومواكباً من الأطراف الدولية والإقليمية المعنية. سيناريو يُحدث تغييراً نوعياً في طبيعته وانعكاساته على إدارة مسار الصراع بجميع أطرافه وتعقيداته. فلا يعود لبنان ساحة أو صندوق بريد لتبادل رسائل بين الأطراف الخارجية الفاعلة والمؤثرة. سيناريو يشكِّل بداية عودة للدولة في تحمل مسؤولياتها الوطنية بوصفها صاحبة قرار الحرب والسلم. قرار يشارك فيه مختلف المكونات السياسية اللبنانية عبر إعادة انتظام دور السلطة بمؤسساتها كافة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان



GMT 05:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 05:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تحولات البعث السوري بين 1963 و2024

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 05:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 05:41 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

2024... سنة كسر عظم المقاومة والممانعة

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates