أول عرب فى حياتى
آخر تحديث 15:51:24 بتوقيت أبوظبي
الأربعاء 13 آب / أغسطس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

أول عرب فى حياتى

أول عرب فى حياتى

 صوت الإمارات -

أول عرب فى حياتى

بقلم : جميل مطر

 

يا الله يا كريم، ما أكثر العرب الذين أنعمت علىَّ بهم فى حياتى! كثيرون بالعدد والفعل والأثر. أعرف أن مقالا بالحجم المقرر لى فى هذه الصفحة لن يعرض لهؤلاء العرب الذين دخلوا حياتى أو مروا بها بما يناسب عددهم ويناسب الحكايات التى خاضوها أو نسجوها معى. أعرف أن مقالا بنظرة طائر لن يفى بالغرض من النشر أيا كان الغرض. ومع ذلك أجد لزامًا أن أعترف بحاجتى إلى التخلص من الضغط المتواصل الذى يمارسه معى موضوع هذا المقال بسبب خشية وقوع بعضه فى براثن النسيان، وهو الخطر الذى يواجه كل من كان فى مثل عمرى، أو بسبب خشية وقوع بعض آخر منه فى قبضة ظروف متخيلة أو واقعة تحول دون نشره، وهو الخطر الذى يهدد نشر كل موضوع له علاقة بالسياسة أو التاريخ.
كنت تحت الثامنة عشرة من العمر أو فيها على ما أذكر عندما رأيت عربًا لأول مرة وناقشت معهم قضايا تهمهم وتهمنى كطالب علوم سياسية. قابلت الفلسطينيين فى ملاجئهم ومخيماتهم فى غزة ودارت معهم مناقشات فى نواديهم حول مستقبل قضيتهم، أذكر أيضا مسئوليتى عما أصاب شابًا منهم تطوع لتسهيل وإرشاد رحلتنا بالدراجات الهوائية إلى الحدود لنشبع فضولنا عن الإسرائيليين وحياتهم فى المستوطنات. رأيت عربا آخرين فى ليبيا بعد رحلة شاقة بحافلة نقلتنا من القاهرة مرورا بمرسى مطروح فالسلوم فطبرق وبنغازى فسرت ومسراطة حتى طرابلس الغرب. هناك لبينا دعوة السيد المنتصر رئيس وزراء المملكة الليبية على عشاء بالفندق الفاخر، ألقى خلاله خطابا رحب فيه بنا وأشاد بالعلاقات الثنائية وبدور العائلة السنوسية فى تطوير هذه العلاقات. خلال الخطاب مال ناحيتى الدكتور حجازى المشرف على الرحلة لتكليفى بإعداد رد سياسى على خطاب رئيس الوزراء. أعددت الرد وألقيته ولم تفتنى الإشارة إلى الوحدة العربية كحل لجميع مشاكلنا مع الاستعمار. كان السودان آخر رحلاتى الجماعية خلال سنوات المراهقة. هناك وفى الخرطوم اجتمعنا، نحن طلبة جامعة القاهرة، مع شباب الحزب الوطنى الاتحادى، فى شكل مظاهرة سياسية، واستمعنا إلى خطاب ألقاه السيد الأزهرى زعيم الحزب.
• • •
تركت الجامعة لأنضم ملحقًا سياسيًا إلى السلك الدبلوماسى. كانت نيودلهى العاصمة التى دشنت مرحلة الدبلوماسية فى حياتى العملية وكانت أيضا شريكًا للصدفة، هذا العامل الحيوى والدور المحروم من الاعتراف الواجب بقيمته فى صنع مستقبلات البشر. لم يكن قد مر على وصولى واستلامى العمل بالسفارة سوى يومين عندما أبلغتنى سكرتيرة السفارة أن مكتب السفير السعودى اتصل ليدعو السيد الملحق الجديد لمأدبة غداء بعد يومين بالنادى الأشهر فى العاصمة.
لبيت الدعوة. هناك اكتشفت أن المدعوين جلهم من السفراء المعتمدين وزوجاتهم باستثناء سفير واحد لم يصطحب زوجته. هذا السفير كان يمثل دولة عربية، وهى سوريا، وقد حلت ابنته محل زوجته التى استيقظت صباح ذلك اليوم بصداع شديد اعتذرت بسببه عن عدم المشاركة فى المأدبة فاقترح السفير السعودى أن تحل ابنتها محلها، وهكذا صار محتومًا حسب المراسم الدبلوماسية أن أجلس فى آخر المائدة، بصفتى احتل المرتبة الأدنى فى التراتيب الدبلوماسية، إلى جانب ابنة السفير التى لا تشغل منصبًا رسميًا أو مراسيميًا.
• • •
الصدفة التى جعلتنى أصل إلى مقر عملى الجديد البعيد بآلاف الكيلومترات عن وطنى قبل أربعة أيام من موعد انعقاد هذه المأدبة، وأن تمرض حرم السفير السورى وتقبل ابنتهما أن تحل محلها فى مناسبة لا يحضرها عادة إلا كبار السن والمقام، وأن لا يوجد بين المدعوين من يمكن أن يملأ فراغًا فى مقعد خالٍ بالضرورة فى الطرف الأقصى من المائدة، وأن يتقارب العمران، عمر الملحق الجديد فى السفارة المصرية وعمر شاغلة المقعد المجاور لمقعده، إذ لم يفصل بينهما سوى أربعة أعوام. هى فى السابعة عشرة وهو فى منتصف الحادى وعشرين. هى الصدفة أو مجموعة صدف، واحدة منها على مستوى جيو استراتيجى، وهى الوحدة المصرية السورية وهذه تدخلت لاحقا، صنعت جميعها مستقبلا للاثنين مليئًا بالأحداث والحكايات وزاخر بصدف أخرى جاءت لتخدم نفس المستقبل الذى خططت له الصدفة الأولى.
• • •
بفضل هذه الصدفة الأولى زرت بيروت وعاليه ودمشق لألتقى بقيادات الطريقة الشاذلية القادرية وأغلبها من النساء لنحصل كزوج وزوجة على البركة، وهى البركة التى حلت فى أحد تجلياتها بعد حوالى خمسة عشر عاما فى عاصمة دولة إفريقية. الطائرة التى حملتنا من موزمبيق، أنا وصبحى خضير زميلى العراقى العضو الثانى فى وفد الجامعة العربية، بدأت هبوطها فى مطار العاصمة. حذرتنى المضيفة من أن المطار مزدحم بتظاهرة ضخمة. قال الزميل لعلهم توهموا أنك بصفتك مدير صندوق المعونة جئت تحمل أموالاً مهداة من الجامعة إلى الدولة حديثة الاستقلال.
• • •
المهم أنه ما أن انفتح باب الطائرة إلا واندفع منه إلى داخلها عدد من رجال الدين وكبار القوم، أحدهم انحنى والدموع فى عينيه ليقبل يدى. فهمت بعدها أن جاءهم ما، أو من، ينبئهم بأن وفدًا من الجامعة العربية سوف يصل وعلى رأسه رجل ينتمى بالمصاهرة إلى الطريقة الشاذلية القادرية. لم يهتم أحد منهم، خلال الزيارة، بأننا جئنا لندرس ونناقش حال اللغة العربية فى هذه الدولة النائية جغرافيا عن عالمنا العربى، خاصة وأن هناك فى الجامعة العربية وفى أوروبا من بدأوا يطرحون فكرة انضمامها إلى الجامعة.
• • •
هبطنا إلى أرض المطار ليقتادنى وفد الكبار إلى منصة يتصدرها مكبر للصوت فالجمهور وبعضه قادم من جزر أخرى يتطلع بشغف وإيمان لكلمة ألقيها يتبركون بها. لوهلة بسيطة تذكرت تكليف الدكتور حجازى لى بإلقاء كلمة، بدون إعداد مسبق، فى حضرة رئيس وزراء المملكة الليبية قبل حوالى عقدين من الزمن.
• • •
واستمرت الصدف تؤدى أدوارًا خارقة فى علاقاتى بالعرب استطرادًا للصدفة الأولى، مأدبة غداء فى الهند لم أستعد لها ورفقة عمر من صنع القدر ونسب مع طريقة صوفية واسعة الانتشار وذرية لا أطيب منها ولا أجمل ولا أصدق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول عرب فى حياتى أول عرب فى حياتى



GMT 21:13 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

هل يمكن الخلاص من الميليشيات؟

GMT 21:13 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الفرنسي الذي تحدى ماركس

GMT 21:12 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً: النهاية!

GMT 21:11 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

تيه في صخب عربي مزمن

GMT 21:10 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الظهور الثاني لعوض الدوخي

GMT 21:10 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

«إيه في أمل»... مرة أخرى

GMT 21:09 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

قضيتا الاستعصاء السياسي!

نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي ـ صوت الإمارات
أبهرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم جمهورها مجدداً بإطلالة فاخرة تفيض أناقة ولمعاناً، حيث اختارت فستاناً فضياً من تصميم المصمم العالمي إيلي صعب، لتخطف الأضواء بإطلالة تمزج بين الفخامة والرقي والبساطة في آن واحد. الفستان تميّز بقصته الأنثوية الناعمة، إذ حدد منطقة الخصر قبل أن ينسدل باتساع انسيابي نحو الأسفل، كما زُيّن بياقة هالتر وأكتاف مكشوفة، مما أضفى لمسة من الأنوثة الراقية على إطلالتها. القماش الفضي المطرز بأشكال هندسية منتظمة والمزين بالترتر أضفى على الفستان لمعة متجانسة مع إضاءة المسرح، في حين جاءت الطبقة العلوية بتصميم دقيق شمل غرزاً مفرغة تزيد من فخامة المظهر. واكتملت أناقة نانسي باختيار مجوهرات مرصعة تناغمت ألوانها مع بريق الفستان، بينما انسدل شعرها بخصلات ويفي طبيعية في تسريحة نصف مرفوعة، عكست أسلوبها الجمالي...المزيد

GMT 02:37 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 22:31 2013 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"يا حبيبتي يا مصر" على قنوات "أونست" دعماً للسيّاح

GMT 08:40 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

أيفون 7 خاصية للتحكم بالهاتف عن طريق الإشارة

GMT 08:50 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الاتحاد الإماراتي يوقف هيكل وعيسى ويُغرم الذباحي

GMT 00:42 2013 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

فندق راق للقطط يفتح أبوابه فى فبراير المقبل في باريس

GMT 10:30 2015 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يؤكد أنَّ "ذا فويس كيذر" مليء بالمواهب المتميزة

GMT 13:55 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الخارجية يزور تركيا حاملاً رسالة من مرسي

GMT 07:43 2012 الأحد ,30 أيلول / سبتمبر

" أونيكس "التجريبي تحفة "بيجو" في معرض باريس

GMT 06:12 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

ديانا حداد تحمل الكثير من المفاجآت في جعبتها

GMT 18:51 2020 الإثنين ,10 شباط / فبراير

ابن بوب مارلي يتحدث عن ذكرياته الخاصة مع والده

GMT 01:44 2019 الأحد ,14 تموز / يوليو

مهلبية على الطريقة التركية

GMT 02:21 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

لاعب صيني ينهي موسم شوكوروف مع الشارقة

GMT 01:11 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي علي أشياء لا يمكن استخدامها على بشرة الوجه أبداً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon.
emirates , Emirates , Emirates