العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة»

العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة»

العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة»

 صوت الإمارات -

العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة»

بقلم : طارق الحميد

نشرت صحيفتنا بالأمس تحقيقاً صحافياً مهماً عن ملف «فاحت رائحته منذ أكثر من عامين ولا يزال يتفاعل بين الحين والآخر»، متعلق بعملية تزوير الشهادات في لبنان، ولمصلحة رجال الأحزاب السياسية الشيعية في العراق.

وذكر التحقيق أن الشبهات «تنقسم إلى شقين؛ الأول يتعلق بتمرير شهادات ثانوية مزورة ومعادلتها في بيروت، والثاني منح شهادات جامعية وعليا من دون الحضور والدراسة، مقابل مبالغ مالية».

وبدأت القصة بالعراق حين اكتشفت أحزاب شيعية تولَّت السلطة بعد 2003، أنها لا تمتلك طواقم إدارية مؤهلة، وأن غالبية أعضائها «لم يتسنَّ لهم الانخراط بالدراسة»، وبالتالي لا يمكنهم تولي مناصب، بحسب مسؤول سابق بوزارة التعليم العراقية.

ويذكر التحقيق أنه في 2016 عثرت قوى شيعية أبرزها «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«عصائب أهل الحق»، بزعامة قيس الخزعلي، على فكرة «شهادة الخدمة السريعة» من جامعات لبنانية، لتبدأ «تفويج الطلبة» إلى بيروت بشكل ممنهج وغير مسبوق.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أن «جامعة قريبة من الثنائي الشيعي استقطبت أكبر عدد من الطلاب العراقيين، ومنحتهم شهادات في الدراسات العليا والدكتوراه»، ومنحت هذه الجامعة «في السنتين الأخيرتين شهادات عليا تفوق ما صدّرته كل الجامعات في لبنان».

وبحسب قادة أحزاب شيعية عراقية، فإن عملية التزوير هذه هي جزء من التسهيلات العراقية في عقد تصدير وقود الكهرباء إلى لبنان. وغالبية العراقيين الذين تقدموا بطلب معادلة الشهادات والانتساب إلى جامعات لبنانية هم موظفون بالمؤسسات الرسمية.

ومن بينهم نواب ومسؤولون، وضباط أمن وشرطة، طالبوا بإنجاز معادلات شهاداتهم دون حضورهم للبنان مقابل أموال طائلة. وبحسب مسؤول عراقي بوزارة التربية، فإنه عرف خلال عمله 3 مسؤولين كبار حصلوا على ترقيات بفضل شهادات لبنانية.

حسناً، هل القصة عراقية فقط؟ الأكيد لا. بحسب مصادري الخاصة، فإن في لبنان مَن يستفيد من عوائد أموال «غسل الشهادات»، وبقرابة 20 مليون دولار سنوياً، مما يعني أنها عملية منظمة، وربما يكون الخلاف الآن لضمان تدفق الأموال، وليس لمكافحة التزوير.

وعليه، فإن هذه القصة لا يمكن النظر إليها وفق معايير علمية فقط، بل سياسية؛ لأن هذه «الأوراق المضروبة» هي ما أدت إلى ظهور معظم هذه «العقول المضروبة» التي تتصدر المشهد، وتقود العراق ولبنان إلى حافة الهاوية.

من يزوّر الشهادات للوصول إلى المناصب بهذا الشكل، ومن يساعد على فعل ذلك، لا يمكن أن يكون مؤتمناً على مشروع دولة، سواء في العراق أو لبنان، أو يحترم الأنظمة والدساتير، ويعي خطورة الميليشيات على الدولة.

وعملية التزوير الممنهجة هذه ربما تشرح لنا كيف سار بعض أنصار «حزب الله» وحركة «أمل» للتظاهر أمام الجامعة الأميركية ببيروت أوائل أيام الحرب في غزة؛ لأنهم يعرفون أن التعليم الجاد أخطر من السلاح.

خلاصة القول هي أن من شرع «الأوراق المضروبة» هو من خوّل «العقول المضروبة» لتصدر المشهد، ومن الطبيعي أن يصل الحال إلى ما هو عليه بدولتين كانتا تُعرفان ذات يوم بالعراقة العلمية والفكرية، وهما العراق ولبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة» العراق ولبنان و«الأوراق المضروبة»



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:02 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

محترف حل المكعبات يحقّق رقمًا قياسيًا عالميًا رائعًا

GMT 00:39 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

تعرّفي على صيحات الديكور التي ستختفي في 2019

GMT 12:41 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

استخدمي الأسلوب الفينتاج لديكورغرفة المعيشة في منزلك

GMT 01:05 2013 الجمعة ,24 أيار / مايو

"قانون جديد" الرواية الأولى لمؤمن المحمدي

GMT 14:12 2013 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

"مخطوطة العسافي" دراسة وتحقيق للباحث قاسم الرويس

GMT 13:31 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

"حكايات الحب الأول" مجموعة قصصية لعمار علي حسن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates