تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

 صوت الإمارات -

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب

أمير طاهري
بقلم - أمير طاهري

باستثناء العقبات المعتادة في أي خطة تتعلق بالملحمة الإسرائيلية - الفلسطينية، فإن ما تسوقه واشنطن بوصفه اقتراح بايدن للسلام قد يصبح حقيقة على أرض الواقع قريباً.

الملاحظ أنه جرى تقديم الاقتراح على النحو الكلاسيكي للخطة الدبلوماسية، ويتضمن ثلاث مراحل لتنفيذه: في المرحلة الأولى، يجري تثبيت وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، والذي وصف بأنه «كامل»، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من «المناطق المأهولة» في غزة. وليس من الواضح لماذا يحتاج وقف إطلاق النار إلى ستة أسابيع لإقراره على الأرض. في العادة، يجري الإعلان عن وقف إطلاق النار لمدة ساعة محددة في يوم محدد، يتوقف عندها إطلاق النار. كما أن وصف «الكامل» زائد عن الحاجة؛ لأن وقف إطلاق النار الجزئي وغير الكامل لا يعد وقفاً لإطلاق النار من الأساس.

بجانب ذلك، تبدو عبارة رحيل القوات الإسرائيلية عن «المناطق المأهولة» مفتوحة على تفسيرات كثيرة، من بينها سوء التفسير. في الواقع، لقد تحولت تقريباً جميع المناطق المأهولة بالسكان داخل غزة إلى أكوام من الأنقاض. وعليه، فإن الحديث اليوم عن «المناطق المأهولة» قد يعني غزة بأكملها، التي أصبحت تعج بالخيام والأحياء الضيقة والأماكن المختلفة التي اتخذها السكان ملاجئ لهم، باستثناء أجزاء من رفح التي لا تزال جماعة «حماس» موجودة في أنفاقها.

وطبقاً للخطة، من المفترض أن «يؤدي ذلك، نهاية المطاف، إلى وقف دائم لإطلاق النار». ومع ذلك، فإن عبارة «نهاية المطاف» يمكن أن تعني أي فترة من الوقت، بما في ذلك إمكانية ألا يحدث ذلك على الإطلاق.

وبأجزاء أخرى منها، تتحدث الخطة عن «سلام دائم»، لكن السلام غير الدائم في حقيقته مجرد هدنة، وليس سلاماً. وتفترض مثل هذه العبارات الغامضة أن «حماس» ستحتفظ طوال مدة الخطة بجزء على الأقل من قدرتها على إطلاق النار، وإلا فلماذا الحديث عن وقف إطلاق النار؟

علاوة على ذلك، تحمل هذه الخطة ميزة أخرى لـ«حماس»: بمجرد توقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من «المناطق المأهولة»، ستغرق الولايات المتحدة غزة بالمساعدات الإنسانية، التي تصل إلى ستمائة شاحنة يومياً. إذ عبر الأشهر الستة الماضية، تراوحت قدرة غزة على استيعاب المساعدات ما بين 30 إلى 40 شاحنة يومياً. وليس من الواضح كذلك من سيتولى مهمة التحقق من شحنات المساعدات التي يرغب الرئيس بايدن في إرسالها إلى غزة. الواضح أن استبعاد كل من إسرائيل و«حماس» من مهمة الإشراف على المساعدات وتوزيعها، قد يعني اندلاع حالة من الفوضى والعنف.

وجدير بالذكر هنا أن فكرة الأسابيع الستة ربما لم تنشأ من الفراغ. بمجرد أن تصبح الخطة جاهزة للتطبيق، مثلاً بحلول نهاية الشهر، فإن هذا يعني أنها ستغطي فترة حاسمة للحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه الرئيس بايدن، بحيث يتمكن من عقد مؤتمره الوطني في شيكاغو (19 - 22 أغسطس «آب»)، من دون وجود الطلاب الداعمين لـ«حماس».

بعد ذلك، ننتقل إلى المرحلة الثانية من الخطة، والمتمثلة في «وقف دائم لأعمال القتال»، ما يفتح الطريق أمام مرحلة ثالثة أطلق عليها «إعادة الإعمار». كما أنها ستتضمن توفير تسهيلات للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة، ورفات أولئك الذين ماتوا مقابل إطلاق سراح سجناء «حماس» لدى إسرائيل.

ومن المفارقات أن خطة بايدن توضح أن «حماس» لن يكون لها دور في صياغة مستقبل غزة في المرحلة الثالثة، ومع ذلك، فإنه يجب عليها أن تتعاون في المرحلتين الأوليين. وربما تساعد خطة بايدن الأطراف المختلفة المتورطة في هذه المأساة، في حل مشكلاتهم بصورة مؤقتة. مثلاً، يمكن لبايدن أن يعقد مؤتمره الانتخابي، ومن بعده حملة إعادة انتخابه، من دون ضغوط من الجناح المؤيد لـ«حماس» داخل حزبه. أما «حماس»، فتأمل في النجاة من الإبادة الكاملة.

ويمكن كذلك لبنيامين نتنياهو أن يتلقى دعوته إلى واشنطن، ربما لمخاطبة الحزب الجمهوري. وقد ينجح بايدن في الإطاحة بنتنياهو بمساعدة غير مباشرة من إيران التي صرح وزير خارجيتها، علي باقري كني، بأن طهران «على اتصال منتظم» مع واشنطن، للمساعدة في وضع نهاية للحرب في غزة.

واللافت أن طهران تعمل على تسخين الجبهة اللبنانية، ما يدعم ادعاء نتنياهو بأنه بعد «إضعاف» قدرات «حماس»، يجب عليه التركيز على التهديد الصادر عن «حزب الله».

من جهته، ربما يأمل اليسار الإسرائيلي أن يرى الائتلاف اليميني الحالي في حالة من الفوضى، ما يمنح اليسار، الذي تعرض لضربات شديدة، فرصة أخرى.

لقد دفعت صور الموت والدمار التي تظهر كل ليلة، إن لم يكن كل ساعة، الرأي العام إلى أقصى حدود التسامح. لقد أصبحت فلسطين «القضية»، أو على حد تعبير خامنئي «الهم الأول للبشرية جمعاء»، والوسيلة الرئيسية للإشارة إلى الفضيلة، والعذر الشامل لفشل النخب السياسية في جميع أنحاء العالم.

لقد أصبحت فلسطين تعويذة التطهير العظيم. وستساعد خطة بايدن في الحفاظ عليها من دون مساس، لضمان إمكانية استغلالها وإساءة استغلالها في المستقبل.

ر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب تداعيات خطة بايدن لوقف الحرب



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates