بقلم: عبد المنعم سعيد
منذ بدايات القرن التاسع عشر كانت الحروب بين دول قومية أو تحالفات بين دول قومية، وكذلك كان الحال فى الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل، وبين الجزائر والمغرب، والعراق وإيران، وبين الولايات المتحدة وحلفائها فى ناحية والعراق فى ناحية آخرى. فى مرحلة التحرر الوطنى من الاستعمار جرت الحروب بين حركات التحرر والمستعمر، وكانت حروب العصابات هى وسيلتها للحصول على الاستقلال. ومع الاستقلال قامت دول جديدة فى العالم شنت حروبها الخاصة. خلال العقود الأخيرة نمت أنواع جديدة من الفاعلين الدوليين التى تشن الحروب وأعمال العنف داخل الدولة ذاتها أو مع دول أخرى. جماعات حركات مثل الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش مارست العنف العابر للدول والقارات. الأكثر جدة فى الشرق الأوسط أن دولة واحدة - إيران- قامت بتكوين ميليشيات مسلحة تابعة لها ولاء فكريا وتبعية إستراتيجية، وهى الحشد الشعبى فى العراق، والحرس الثورى فى سوريا، وحزب الله فى لبنان وحماس والجهاد الإسلامى فى غزة وفلسطين، وجماعة أنصار الله الحوثيين فى اليمن. هذا التحالف الإستراتيجى استخدم القضية الفلسطينية لإعطاء شرعية أولا لاستخدام السلاح وخلق ازدواجية فى شرعية استخدامه فى الكيان السياسى وهو المقوض لفكرة الدولة .
حروب غزة الخمس، وحروب حزب الله المتعددة مع إسرائيل وداخل سوريا، والاشتباكات العسكرية المتعددة داخل وخارج العراق من قبل قوات الحشد الشعبى، والحرب الأهلية التى شنتها جماعة الحوثيين فى داخل اليمن والحروب الأخرى على السعودية والإمارات؛ كلها أشكال من العنف والحرب الذى يخدم أهدافا تخص جماعة فى الهيمنة على الدولة. ومن ناحية أخرى فإنها تشكل تحالفا لميليشيات مع إيران لتحقيق أهدافها الإقليمية والدولية. هذا التحالف يخوض حربا إقليمية متعددة الجبهات فى غزة والضفة الغربية والحدود اللبنانية الإسرائيلية والعراقية السورية والبحر الأحمر. الضحية فى ذلك هى الأمن الإقليمى مضافا لها أمن ممرات التجارة الدولية؛ التعامل مع هذا التحالف لا يكون إلا من خلال تحالف مضاد يحقق توازن القوى ويضع إستراتيجية لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمى.