بقلم - عبد المنعم سعيد
حينما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر كان عدد سكانها مليونين ونصف المليون أكثر من نصفهم إما من العميان أو من المصابين بالرمد. تغيرت الأحوال بعد تولى محمد على فى ١٨٠٥ وأسرته من بعده فأصبح المصريون ١٠ ملايين مع مطلع القرن العشرين، وحينما قامت الثورة المصرية فى ١٩٥٢ كان العدد ٢٢ مليونا، ومع سبعينيات القرن صار المصريون ٣٥ مليونا يزدحمون حول نهر النيل. وقتها فإن الرئيس السادات رأى ببصيرته أنه لابد من توسيع العمران المصرى من خلال مدن جديدة بعد أن مضى أكثر من قرن على قيام مدن قناة السويس التى ربما كانت أول الإضافات على الحضر المصرى منذ بناء الإسكندرية فى ٣٣١ قبل الميلاد. وهكذا بدأ ما بات معروفا بالجيل الأول من المدن المصرية الجديدة وفيها أقيمت مدينة العاشر من رمضان الصناعية، والسادس من أكتوبر، والخامس عشر من مايو؛ والسادات ومعها سلسلة من المدن التى عرفت بالجديدة فى دمياط والصالحية وبرج العرب. هى مدن جاءت بجوار مدن قديمة اكتظت وازدحمت وتحتاج بشدة إلى امتداد حضارى.
وفى عهد الرئيس مبارك جاء الجيل الثانى الذى امتد بنفس المنطق فى إنشاء المدن الصحراوية مثل بدر والعبور والشروق والشيخ زايد، ومجموعة من الأخرى "الجديدة" فى بنى سويف والمنيا وأخميم والأقصر. فى نفس الوقت امتدت القاهرة شرقا فى اتجاه خليج السويس وغربا فى اتجاه البحر المتوسط. ويحكى أن الرئيس السادات عندما افتتح مدينة العاشر من رمضان فوجئ بأن التمثال الذى توسطها كان ضئيل الحجم شقى المشهد، بينما كان فى ذهنه أن تكون المدن «الجديدة» من سلالة الفراعنة القدامى الذين كانت تماثيلهم شاهقة، ومعابدهم متسعة اتساع الكرنك، ومساكنهم فى رحابة الصحراء. لم تكن البنية الأساسية جاهزة لكى تربط بين المدن حتى شكا أصحاب المصانع من تكلفة انتقال العمال، واعتبر أهل مصر أنها ما هى إلا مدن أشباح. ومع ذلك استمرت سلسلة تلك "الجديدة" لكى تشمل المنيا وبنى سويف والفيوم وأخميم والأقصر.