الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
السبت 8 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية

الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية

 صوت الإمارات -

الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية

بقلم - عبد المنعم سعيد

فى واحدة من جلسات مجلس الشيوخ لمناقشة قانون خاص بالعمل، طلبت من الزميل رجل الأعمال أن يعبر عن آرائه مباشرة فى الجلسة العامة التى تناقش كما هى العادة القانون «من حيث المبدأ»، ثم بعد ذلك تجرى مراجعة مواد القانون واحدة بعد الأخرى حتى يجرى إقراره أو رفضه. لم يُصغ الزميل لما طرحته عليه، مؤكدًا أنه فى الواقع العملى فإن صاحب العمل يعطى ما هو أكثر من المزايا التى يسعى إليها القانون لأنه الأقرب إلى الواقع، ويعرف نوعية الحوافز التى تزيد الإنتاجية وبالتالى ترفع التصدير. لم يكن ذلك جديدًا فى التجربة النيابية الحالية، ولا تلك التى شاركت فيها من قبل من خلال «مجلس الشورى»، والتى تجاورت فيها مع رجل الأعمال القدير، محمد فريد خميس، رحمه الله، المسؤول عن لجنة الصناعة، وكان عليه إعداد تقرير عن «تعمير سيناء». ولفت نظرى أن المشروع المقدم وقتها وضع دور «القطاع الخاص» فى آخر قائمة المطلوب منهم المشاركة، وفى عبارة مقتضبة بدَت لى ساعتها كما لو كانت نوعًا من إبراء الذمة وليست دعوة إلى دور محدد وواسع.

وقبل أسبوعين، كتبت فى هذا المقام مقالًا عن مذكرات د. رؤوف غبور «خبرات ووصايا»، التى حكى فيها عن تاريخ رأسمالى مصرى خلال العقود الأربعة الماضية. وكان أهم ما لفت نظرى فى المذكرات التقييم الذى قدمه للشركات الخاصة المصرية، التى رأى أن عدد ما ترتقى فيها إلى المستويات العالمية فى التنظيم والعمل والحداثة فى الرقى والحوكمة والشفافية لا يتعدى عشرًا فقط من الشركات. وللأسف، فإنه لم يتفضل بأسمائها، والمرجح أن ذلك كان لكى لا يجرح أو يصنف طرفًا فى السوق المصرية قد لا يحب ذلك ولا يرغب فيه.

ولكن بعيدًا عن الحساسيات الشخصية، فإن هذه المعلومات بالغة الأهمية لما يجرى فى مصر الآن من دعوة إلى دور أكبر للقطاع «الخاص» أو «رجال الأعمال»، وكلاهما يُستخدم بديلًا لصفة الرأسمالية، التى تُعد فى كل بلاد العالم المتقدم أو الساعى للتقدم الحلقة الرئيسية فى عملية التغيير والابتكار والتحديث. ورغم السمعة غير الحميدة عن الرأسمالية فى المجتمعات التى جنحت إلى الجانب الاشتراكى أو أخذت جانب البلدان الاشتراكية فى مسيرتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فإنها فى الواقع كانت الآلة الأساسية فى عملية التقدم الإنسانى عبر الثورات الصناعية المختلفة خلال القرنين الماضيين. وفى الوقت الراهن فإنها باتت المفتاح كما حدث فى التجارب الآسيوية المختلفة لما جرى فى بلدان اشتدت فيها حالة البؤس وأحيانًا المجاعة إلى تخريج ما هو أكثر من مليار نسمة من دائرة الفقر إلى الستر والغنى. الصين والهند ودول أخرى فى هذا المجال أصبحت مشهورة بتجربتها الرأسمالية سواء من حيث التنظيم الاقتصادى أو الاكتفاء الذاتى من السلع الغذائية الرئيسية، أو من تصدير منتجاتها الصناعية بكثافة إلى الخارج. فى الدول الغربية المتقدمة انتقلت الطبقة الرأسمالية من حالة إلى أخرى، بدأت بتصنيع المنتجات الزراعية للغزل والنسيج وما أشبه، ثم الصناعات التحويلية من حديد وصلب وألومنيوم وأسمدة وغيرها غيّرت فيها العالم كله فى الإنتاج والاستهلاك معًا. المرحلة الجديدة من الرأسمالية فى المجتمعات المتقدمة أو الساعية للتقدم تراجعت فيها شركات السيارات والنفط، التى سادت فى العقود الثالثة التالية للحرب العالمية الثانية، لكى تحل محلها الشركات «الرقمية» و«الافتراضية»، مثل «أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» وكل مَن عبر التريليون دولار من حيث القيمة السوقية.

الآن فإن إدراك هذه القيمة التاريخية للرأسمالية داخل مصر فرض نفسه فى الاجتماعات التى أجراها الرئيس السيسى مع مجموعات من رجال الأعمال، والدعوة المستمرة منه ومن رئيس الوزراء إلى المزيد من المشاركة فى العملية التاريخية الجارية فى مصر الآن، وبما كانت له من محورية فى الحوار الاقتصادى، ومن بعده على الأرجح خلال الحوار الوطنى. الحلقة المفقودة الأولى أنه وسط كل هذه الدعوات لا نكاد نسمع صوتًا، أو نرى صورة، لهذه الجماعة المُقدَّر لها أن تكون فى قلب عملية الانتقال من حالة الجمهورية المصرية التقليدية القائمة على إدارة الفقر إلى الحالة المتقدمة فى الجمهورية الجديدة القائمة على إدارة الثروة. والحلقة الثانية أنه وسط الترحيب الكبير بدور مهم للقطاع الخاص فإننا لا نعلم الكثير عن الدور الذى قام به هذا القطاع فى بناء المدن المصرية الجديدة، أو المشاركة فى إنشاء أنفاق قناة السويس العملاقة، أو كافة المشروعات العملاقة الأخرى. والحلقة الثالثة أن المنظمات المعبرة عن رجال الأعمال، مثل اتحاد الصناعات والغرف التجارية- وجميعها لها اجتهادات مهمة تعبر عن خبرات تاريخية وعالمية فى مجالات الإنتاج الصناعى والزراعات الحديثة والسياحة والتصدير- لا تجد لها منفذًا إلى الساحة الإعلامية المصرية. والحلقة الرابعة أن هناك القليل من الدراسات التى تُقيِّم أداء الرأسمالية المصرية خلال العقد الأخير من حيث قدراتها التنظيمية والتكنولوجية وقدراتها العامة المرتبطة بالعالم الحديث.

التعامل مع هذه الحلقات الغائبة جوهرى للمشروع الوطنى المصرى الحالى، الذى يمكن تفصيله فى السعى الدؤوب لبناء جمهورية جديدة ومتقدمة على النمط الذى سارت على دربه دول نامية مثلنا سواء كان ذلك فى آسيا أو فى قارات أخرى. هى جمهورية قادرة على التعامل مع حقائق العصر المتجسدة فى الداخل بعدد كبير من السكان؛ وفى الخارج مع عالم مضطرب ومتعدد الأزمات الدولية والعالمية. لتحقيق ذلك منطقيًّا، ونحن على بُعد ثمانى سنوات من إنجاز رؤية مصر ٢٠٣٠، نحتاج معدلات للنمو لا تقل عن ٧٪ سنويًّا؛ وهذه لن تحدث دون تعبئة موارد هائلة تأتى من كافة القطاعات الإنتاجية المصرية سواء جاءت من الدولة أو القوات المسلحة أو القطاع الخاص. مصر دولة كبيرة بسكانها ومساحتها وشواطئها، التى لا يمكن استغلالها دون دور محورى لرأسمالية مصرية قادرة وفاعلة ومشارِكة وغير مرتعشة.

ولكن الأمر لا يتوقف فقط على حدود الرأسمالية المصرية الحالية، التى نمَت خلال العقود الأربعة الماضية؛ وإنما بتوسيع وتشجيع التوسع فيها بعمليات الإدماج لإقامة شركات عملاقة تكون قادرة على البحوث والتطوير والمنافسة فى السوق العالمية. أو أن يكون ذلك من خلال الشركات الصغيرة والمتوسطة بالمعنى العالمى، الذى يتيح النمو المستمر إذا ما كان مستجيبًا للعملية التاريخية للانتقال من النهر إلى البحر، والجارية فى مصر الآن. مثل ذلك ممكن بنقل ملكية المزارع السمكية والصوب الزراعية والوحدات الخدمية إلى القطاع الخاص؛ أو من خلال اتباع المنهج الذى سنّته مارجريت تاتشر فى بريطانيا بطرح الشركات العامة كأسهم للشعب المصرى من خلال البورصة المصرية لكى تكون هناك بالفعل ملكية «عامة» للمصريين فى الأصول المصرية. لتكن المرحلة الحالية من المسيرة المصرية تجاوزًا لصعوبات جارية؛ وثورة على تقاليد مصرية طالت سلبًا القطاع الخاص والرأسمالية المصرية خلال العقود الأخيرة. لقد عوّدنا الرئيس السيسى على كثير من القدرة على الإنجاز، والآن جاء وقت مرحلة جديدة منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية الحلقات المفقودة في الرأسمالية المصرية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 06:03 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"شارب" تعتزم إطلاق شاشات هواتف ذكية بتقنية 4K

GMT 20:33 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية رابعة الزيات تعود إلى الشاشة بفكرة برنامج جديد

GMT 03:18 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

"طاقة الإماراتية" تشتري من شركة فرنسية 50% في مزرعة رياح

GMT 17:47 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

جالطة سراي التركي يعلن التعاقد مع توران

GMT 23:23 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

انطلاق فضائية "مصر قرآن كريم" بتلاوات نادرة

GMT 14:56 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

سلطان بن خليفة يحضر أفراح البلوشي والحمادي وبيشوه

GMT 12:18 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

أمل كلوني تلفت الأنظار بثوب أبيض حريري

GMT 00:27 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

انكسار "الترمومتر الزئبقي" قد يؤدي إلى الموت

GMT 08:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يسعى للاستثمار ببيع اللاعب رافينيا

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

نور الشريف

GMT 09:50 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

"منارات زايد" تنشر العلم في مختلف أنحاء العالم

GMT 07:04 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"طيران الإمارات" تزيد عدد رحلاتها إلى أورلاندو

GMT 08:45 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

أجمل ألوان البيج الرائعة لموسم خريف 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates