بقلم - عبد المنعم سعيد
العالم يعيد ترتيب نفسه بما يشبه لعبة الكراسى الموسيقية التى تدور فيها الموسيقى ويتبعها اللاعبون - الدول - حتى تتوقف فيجد كل منهم مقعدا يتلاءم مع قدراته وسرعته. العالم فى هذه الحالة لا يحتاج إلى الكثرة من الدول التى لا تتحمل السباق حتى لا يبقى إلا الدول الكبرى والقادرة التى سوف تنطلق بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض. الموسيقى المقررة للسباق هى معركة السباق التكنولوجى التى تدور حول إبداع العقل الإنسانى. الصين خلعت الرعب التكنولوجى مؤخرا بسعيها للاستحواذ على العلماء والموهوبين فى الولايات المتحدة وغرب أوروبا بادئة بمخزون الصينيين الذين تركوا الصين فى عصور سابقة أو تسربوا من البعثات التعليمية التى أرسلتها. ترامب من ناحيته لديه ثقة فى القدرات التكنولوجية الأمريكية وسوف يستخدم الضرائب لكى يحفزها أولا بالتخفيض حتى تبقى وتستثمر فى أفضل العقول؛ وثانيا بالرفع إلى 50% إذا ما ذهبت إلى الصين؛ و25% إذا ما ذهبت إلى كندا أو المكسيك؛ أو 100% إذا ما قررت التخلص من الدولار كعملة دولية كما تريد دول «البريكس» أن تفعل.
مصر لا تملك إلا أن تشارك فى السباق الذى سوف يحكم البشرية خلال العقود المقبلة. مصر لديها رصيدها الخاص الذى تشكل من الجامعات الجديدة التى تتبنى ثورة المعلومات والذكاء الاصطناعي. وفى العام الحالى فإن أكثر من 100 ألف طالب مصرى دخلوا إلى هذه التخصصات؛ وهناك أكثر من 11 مليون مصرى يشتركون فى الإنترنت الفائق السرعة. المخزون المصرى فى الخارج ليس بقليل، واسترجاعه جزء من عملية تحرير الاقتصاد والعقل المصرى بما يتماشى مع السباق العالمى. الشركات الناشئة المصرية متميزة، صادراتنا من التكنولوجيات الجديدة بلغت فى العام الماضى 6.2 مليار دولار. معركتنا الكبرى سوف تكون فى بقاء ما نملك داخل البلاد وهو ما يحتاج إلى موارد خاصة لأن الإغراءات فى المنطقة وفى العالم ليست قليلة؛ ولكن الأكثر أهمية من العائد المالى هو الشعور بالمناخ الاقتصادى الواعد.