الاستراتيجية الإعلامية

الاستراتيجية الإعلامية

الاستراتيجية الإعلامية

 صوت الإمارات -

الاستراتيجية الإعلامية

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

قبل أسبوع، اجتمع دولة رئيس الوزراء د. مصطفى مدبولى مع القيادات الإعلامية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجى رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والأستاذ أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، فى حضور الأستاذ ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات. وطبقا للأهرام الغراء فإن دولة رئيس الوزراء «أكد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون والتكامل بين مختلف الهيئات الإعلامية فى جميع الملفات والموضوعات، ووضع استراتيجية عامة متكاملة للإعلام المصرى بأهداف محددة تتشارك مختلف الهيئات وجهات الدولة فى تحقيقها». فى تفاصيل اللقاء وجدنا التأكيد على «التنسيق» و«التعاون» وأهمية الإعلام فى «قوة مصر الناعمة»، وأن «الحقيقة» هى «أم الإعلام»، والاعتماد على الكفاءات فى العمل. ولكن كان أهم ما لفت النظر هو ما ذكره رئيس الهيئة الوطنية للصحافة من أن هناك جهودا مبذولة لتطوير المؤسسات الصحفية القومية خاصة فيما يتعلق بالمحتوى الصحفى، وكذا ما يتم من اهتمام بالمواقع الإلكترونية التابعة لها، وأن الفترة المقبلة ستشهد استكمال ما تم من جهود فى هذه الملفات. وكان معنى ذلك أن هناك جهودا جارية لتحويل مشروعات سابقة إلى واقع تخص دور الإعلام فى المرحلة الوطنية الراهنة وفق استراتيجية إعلامية تتصل بالمشروع الوطنى المصرى الذى تجسد خلال السنوات السابقة وتحديدا منذ ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. ولحسن حظى فقد كنت مشاركا من خلال المجلس الأعلى للصحافة فى هذا المشروع لتطوير المحتوى فى الصحف القومية، يبدأ من صحيفة الأهرام ثم بعد ذلك يمتد إلى الصحف القومية الأخرى كل حسب ما يراه ملائما.

القصة وتفاصيلها ليس هذا موضعها، ولكن الإشارة لها هنا تعنى ما كان قلقا لدى الجماعة الصحفية والإعلامية المصرية خلال المرحلة السابقة التى بقدر ما كانت حربا مظفرة ضد الإرهاب والفكر الدينى المتشدد والمتعصب والرجعى فى عمومه، وخاضتها القوات المسلحة والشرطة المصرية والمؤسسات الدينية، فإن الإعلام المصرى كان يخوض معركة أخرى ضد الكتائب الإخوانية المنتشرة فى إعلام معاد يبث من عواصم متعددة.

كان الجهد قائما، ولكن الاستراتيجية كانت فى ميدان القتال الصعب، أما الإعلام فقام على اجتهاد للتعبئة تارة، والرد على ما يقال على الجانب الآخر من زيف أحيانا أخرى. كانت هناك لحظات مضيئة كثيرة حينما عرضت السلسلة التلفزيونية «الاختيار» التى جسدت معنى القوة الناعمة عندما ولدت الكثير من إعجاب الشعوب العربية. ما نحتاج إليه الآن هو تفعيل هذا الدور بادئين من تحديد الاستراتيجية وموقع الإعلام فيها. وبحكم التعريف فإن الاستراتيجية تبدأ بتحديد الأهداف المراد الوصول إليها، ثم تقرر الوسائط التى تؤدى إلى تحقيقها، وتعبئة الموارد اللازمة التى تجعل الوسائط قادرة وفاعلة، تغير من الواقع وتجعله محققا للآمال المعقودة عليه. الإعلام من جانب آخر هو ساحة كبيرة من الوسائل هدفها جميعا هو تحقيق الاتصال، هو الجسر بين الدولة وما تقوم به والجمهور والرأى العام فى الداخل، والمنصة العالية التى تخاطب الخارج ليس فقط بالحقيقة، ولكن أيضا بجاذبيتها المنطقية وسلاستها الجمالية وما تثيره من شغف للتفاعل والنقاش. جوهر القوة الناعمة، والإعلام ركن هام منها، هى القدرة على التأثير- فى الداخل والخارج- دون إراقة نقطة دم واحدة، وبما تدفع إليه من جلاء الحق وسلامة الدفاع.

ومن حسن حظى أنه بالإضافة إلى أصولى الأكاديمية، ونشاطى السياسى، فإن الإعلام منحنى مساحة كبيرة عندما قضيت ٣٧ عاما فى الأهرام الغراء وعشر سنوات فى المصرى اليوم الغراء أيضا؛ و١٣ عاما من تقديم البرنامج التلفزيونى «وراء الأحداث» فى القناة الأولى المصرية. وبرنامج «مع المعارضة» لعام واحد فى قناة «أون» التلفزيونية. ما عدا ذلك كان التعليق السياسى فى مجالات صحف وقنوات عربية وأجنبية متعددة مصريا صميما. فى كل هذه المجالات لم يخذلنى «الإعلام المصرى» لمرة واحدة لا فى الكوادر الفنية ولا فى القدرات التنفيذية، وحدث ذلك حينما كانت الصحف القومية وماسبيرو فى الطليعة رغم المزاحمة التى قامت بها الصحف والقنوات العربية. البوصلة التى وفرتها الدولة الوطنية كانت كافية للإجادة والنجاح ساعة المواجهة؛ ولكن المعضلة بدأت بعد أن أصبح نزيف القدرات إلى الخارج حارما من الكفاءة، وما تبقى منها لم يكن مقبولا لأسباب غير معروفة حيث غابت على سبيل المثال عن المشروع المشار إليه أعلاه بعد أن سلمته فى ٥ أغسطس ٢٠٢٣. المعضلة الكبرى هى أن الدولة فى أكثر من مرحلة من مراحل التنمية والبناء فتحت الأبواب للتجديد ورفع الوسائل التكنولوجية لمستويات عالية؛ ومع ذلك فإن ما تحقق، كان بعيدا عن «المحتوى» الذى يحقق الهدف المحدد فى الاستراتيجية العليا.

فى الندوة التثقيفية الرابعة والعشرين للقوات المسلحة طرحت عند الحديث عن مواجهة «أهل الشر» أن يكون هناك «قيصر» لقيادة المواجهة من أهل الخير الذين هم البناؤون والفاعلون فى مصر الحديثة. كان الوصف للقيادة القيصرية غير موفق من جانبى، ففضلا عن أنه كان مأخوذا عن التجارب الغربية فى تركيز القيادة ساعة التشتت فى لحظات صعبة، فقد كان الوصف الأكثر بلاغة وعاكسا للقصد هو «المايسترو» الذى يضبط الإيقاع، ويحقق الانسجام للنغمات، وكلاهما هو المناسب للآداب والفنون والمقالات وتقارير الأخبار ومواجهة التحديات للبشرية والوطن. الدولة مشكورة بعد ذلك أقامت البناء الحالى المكون من ثلاثة مجالس، أعلى للتنظيم، وآخر للصحافة، وثالث للإعلام لكى تنجز المهمة المشار إليها فى دور الإعلام لتحقيق المشروع الوطنى فى لحظة دقيقة عصيبة من تاريخ مصر والمنطقة. ولكن ما جاء بعدها جاء مدهشا حينما بات التصور هو إضافة جهة رقابية جديدة على الأخلاق العامة وتأتى هذه المرة من مجمع مؤسسات عامة وطنية ونقابية تسجل الذنوب والمعاصى لما يقال ويكتب ويصور!.

القيادة الإعلامية الجديدة أمامها عبء جديد أوله إثبات قدرة القدرة الإعلامية المصرية ليس فقط على تقديم محتوى جدير بمصر ملتصق بمشروعها الحالى وإنما أكثر من ذلك استعادة جذوره واستدعاء مستقبله، وليكن فى ٢٠٣٠ وما بعدها حتى نهاية التاريخ إذا كان له نهاية. وثانيه القدرة العلمية على الحوار ليس فقط على ما سبق وإنما أكثر من ذلك على ما يحدث فى العالم المعاصر وتجاربه الغنية شرقا وغربا وفى الماضى والحاضر وامتدادها إلى المستقبل. وثالثه بث جذور التفكير العلمى ومقاومة الجهالة والشعوذة ونظريات المؤامرة والشك. ورابعه تبنى صورة متفائلة لمستقبل مصر والبشرية لأنها بلد غنى بالقدرات والبشر، هى صين الشرق الأوسط المقبل الذى يجمع ما بين كثرة البشر والموارد وعبقرية المكان. مجد مصر هو ما يقع الآن وليس فى العصور العثمانية.

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستراتيجية الإعلامية الاستراتيجية الإعلامية



GMT 01:28 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

بك من هارفارد

GMT 01:27 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

السياسة وعقل الدول

GMT 01:27 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

لغز ميشيل أوباما!

GMT 01:26 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

المؤرخ الريحاني ورعاية الملك الكبير

GMT 01:25 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

هل يتجه الجنوب «جنوباً»؟

GMT 01:25 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

الدخان الرمادي في غزة!

GMT 01:24 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

ترمب الثاني... بين الجمهورية والإمبراطورية

GMT 01:23 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

من أول يوم

GMT 20:01 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

نيوزيلندا ترسل مساعدات لتونجا عقب إعصار "جيتا"

GMT 17:32 2017 الأربعاء ,18 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال متوسط القوة يضرب شمال إيران

GMT 09:36 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

البرتغال الي يورو 2020 بفوز صعب على لكسمبورغ

GMT 15:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وزير التربية والتعليم ضيف الإعلاميِّ خيري رمضان الأربعاء

GMT 23:36 2013 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

95% نسبة إشغال البرج الأول في "نيشن تاورز"

GMT 14:28 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تكشف عن سيارة جديدة بمحرك كهربائي

GMT 22:20 2013 الأحد ,18 آب / أغسطس

إنقاذ فيلة تزن 6 أطنان من الغرق

GMT 19:29 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

نيبال تحتفل بمهرجان "تيهار" المخصص للحيوانات

GMT 11:31 2012 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة: القردة تعاني من أزمة منتصف العمر

GMT 16:51 2019 الثلاثاء ,26 آذار/ مارس

هايدي كلوم تلفت الأنظار بثوبٍ بلون الزمرد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates