ما بعد وقف إطلاق النار

ما بعد وقف إطلاق النار؟

ما بعد وقف إطلاق النار؟

 صوت الإمارات -

ما بعد وقف إطلاق النار

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

أكتب المقال بعد 24 ساعة من وقف إطلاق النار علي الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، ومعه كانت التعليقات...

أولاً على مصدر القرار الذي سوف يجد المراقب معضلة في تحديد من الذي اتخذه، فهو لم يصدر عن الأمم المتحدة، ولا عن مجلس الأمن، ولا بصورة مشتركة بين الطرفين المتحاربين. ما نعرفه أن الطرفين «حزب الله» وإسرائيل قد وافقا على وقف القتال في ساعة بعينها؛ ولكن القرار يأتي على شكل إعلان من الرئيس الأميركي جوزيف بايدن الذي ربطه بدعوة كل من مصر وقطر وتركيا وإسرائيل لكي تبذل الجهود لوقف إطلاق النار في غزة أيضاً. الأمر في النهاية أن واشنطن حاولت ونجحت عن طريق الدبلوماسية الأميركية التي كانت حريصة على وجود طرف لم يكن مشاركاً في القتال؛ الدولة اللبنانية والجيش اللبناني.

وثانياً عند التقييم للقرار، فمن الذي انتصر؟! حيث إن طرفي القتال أصرّا على أنهما حقّقا انتصاراً كبيراً، وكان الهدف من الإعلان مواجهة أطراف داخلية في إسرائيل أرادت أن تقلل مما فعله نتنياهو، لأنه لم يحقق أهداف إسرائيل من الحرب. وفي داخل «حزب الله»، لأن موافقته تجبّ صموده المنتصر من قبل في مواجهة إسرائيل، وتخرجه بعيداً عن وحدة الساحات.

وثالثاً أن خطوة وقف إطلاق النار جرى اعتبارها كما لو كانت تعني نهاية الحرب، وليس مجرد هدنة مؤقتة قد تتلوها عودة القتال مرة أخرى، وهو غير المستبعد، لأن الحرب بوسائل أخرى لا تزال جارية، والأرجح أن كلا الطرفين يعدّونها فرصة لالتقاط الأنفاس وتعبئة القدرات استعداداً لجولة أخرى. ما جري في الساحة كان طبيعياً في مثل هذه الحالات حيث أعلنت إسرائيل عن اختراق من «حزب الله» تعرضت له، كاسراً لبنود الاتفاق، معبراً عن نوايا عدوانية.

الحقيقة الكلية هي أنه رغم توقف القتال ولو في ساعات القرار الأولي، فإن الحرب لا تزال قائمة، وإيران أعلنت أنها لم تنس ضرورة الرد على الغارة التي قامت بها إسرائيل من قبل. الداخل الإسرائيلي مشتعل بأن وقف إطلاق النار لم ينتهِ إلي تدمير «حزب الله»، ولم يستخدم سياسياً نتائج الحرب التي قلّمت أظافر الحزب باغتيال قادته وقائده الأعلى، مع تدمير كثير من قدراته؛ ولا يقل أهمية عما أوقعته إسرائيل على لبنان من تدمير دخل إلى العاصمة بيروت، ومدمراً «ضاحية حزب الله» فيها، مضافة إلى عدد من المدن اللبنانية معها. ومع ذلك، فإن إسرائيل أرادت بعضاً من التفرغ لجبهة غزة، حيث لا تزال «حماس» هي المسؤولة عن بداية الحرب بعملية «طوفان الأقصى»، وهي التي لديها الرهائن الإسرائيليين، كما أنها أيضاً المطمع الذي تسيل له لعاب الجماعات اليمينية الإسرائيلية، التي تريد عودة الاستيطان إلى غزة مرة أخرى، فضلاً عن مخلفات اليمين الأميركي الذي يرغب في الاستغلال الاقتصادي لشواطئ القطاع. أياً ما كانت النتائج وردود الفعل، فإن أمر الحرب سوف يتقرر من خلال التوازن، ما بين منطق أن الحرب لم تحقق أهدافها بعد لدى الطرفين، فلا سحقت إسرائيل الميليشيات المعادية، ولا تمكنت الميليشيات من فكّ أوصال إسرائيل.

الأمر يحتاج طرفاً آخر بعد وقف إطلاق النار المؤقت ليجعله دائماً، وأن يأخذ منه إمكانية تحقيق هذا الهدف في غزة، حيث يكون كلاهما طريقاً إلى عملية سلام شاملة تحقق الأمن الإقليمي للجميع، والرخاء والازدهار للشعوب.

مثل ذلك لن يتحقق ما لم تكن دول المنطقة دولاً بحقّ أولاً، وتكون سلطتها مسئولة عن إقليمها، وهي التي تحتكر استخدام السلاح، وبيدها قرارات الحرب والسلام. ببساطة، في نفس الوقت نزع الشرعية عن جميع الجماعات المسلحة الواقعة خارج نطاق الدولة الشرعية.

وثانياً أن حلّ الدولتين للقضية الفلسطينية لن يتحقق ما لم توجد الدولة الفلسطينية، وما لم تكن هناك دولة إسرائيلية تتصرف باعتبارها جزءاً من المنطقة ومستقبلها ورخائها؛ وليس زائراً ممثلاً لقوى دولية، عرفها اليهود دائماً معادية للسامية.

وثالثاً أن مصير المنطقة معلق باعتناقها المسئولية التاريخية عن مصيرها، وليس القوى الأجنبية التي تتسارع نحو المنطقة في أوقات أزمات تنتهي دائماً ببقائها كما هي، تقطعها الحروب من وقت لآخر، وتتغلغل فيها الكراهية في كل الأوقات. هذا الطرف الآخر موجود ويتشكل ويوجد من الدول العربية التي تخلصت من آيديولوجيات وأفكار منعزلة عن العالم المعاصر، وبدأت تغييرات هيكلية في أنماط تنميتها وإقبالها على الحياة. الشرق الأوسط ليس حالة استثنائية على تاريخ التطور العالمي، وإنما هي قادرة على تجاوز التخلف والخرافة والجهل، لأن العالم بات صغيراً يستحيل الزوغان عنه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد وقف إطلاق النار ما بعد وقف إطلاق النار



GMT 01:49 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نواب هل يجرؤون على حجب الثقة ؟

GMT 01:49 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأخرنا كثيرا دولة الرئيس!

GMT 01:48 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 01:47 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 01:47 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 01:46 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 01:45 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 01:45 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 02:36 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 صوت الإمارات - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:15 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 19:12 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 20:20 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 11:21 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 10:58 2012 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"البرلمان الأوروبي" يمنع قطع زعانف سمك القرش في البحر

GMT 13:54 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن راشد يهنئ المواطنين هاتفيًا بـ"اليوم الوطني"

GMT 15:55 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

منزل غريب في نيوزيلندا يصلح للشخصيات الخيالية

GMT 19:23 2017 الأحد ,06 آب / أغسطس

خالد باوزير يعود إلى تدريبات الوحدة

GMT 12:20 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

التليفزيون المصرى يعرض أول مسلسل صيني في الشرق الأوسط

GMT 21:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد للطيران تعلق رحلات أبوظبي " دالاس فورت وورث " في 2018

GMT 07:01 2017 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

شركة يابانية تكشف عن أسرع سيارة في العالم

GMT 22:12 2021 الأحد ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وضعيات "يوغا" تقلل من تساقط الشعر

GMT 08:44 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

فساتين راقية بلمسات شرقية لها سحرها الخاص

GMT 03:44 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نسخة مسرحية من «عائلة آدم» في «أميركية الشارقة»

GMT 09:38 2019 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

هيفاء وهبي تعلن الاعتزال الفني بشكل مؤقت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates