النظر في تاريخ الكون وتاريخنا
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
السبت 8 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

النظر في تاريخ الكون وتاريخنا

النظر في تاريخ الكون وتاريخنا

 صوت الإمارات -

النظر في تاريخ الكون وتاريخنا

بقلم - عبد المنعم سعيد

من الآن فصاعداً سوف نسمع كثيراً عن تليسكوب «جيمس ويب» الذي انطلق في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لاستكشاف الفضاء السحيق. التليسكوب الجديد سمي على اسم مدير وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» خلال الستينات من القرن الماضي، وأشرف على برنامج «أبوللو» الذي أخذ الإنسان إلى القمر.
لم تكن الرحلة الإنسانية في الفضاء سهلة ولا خالية من الصعوبات، وإنما اعترتها بعض الكوارث، والأخطر منها أن الصواريخ التي تطورت كثيراً أثناء السعي إلى خارج كوكب الأرض باتت جزءاً مهماً من الحرب الباردة وسباق التسلح فيها. كانت البداية مع إطلاق القمر الصناعي السوفياتي «سبوتنيك» في 14 أكتوبر (تشرين الأول) 1957؛ ووقتها كانت هناك دولة باسم «الاتحاد السوفياتي» تعد قطباً عظيماً في السياسة الدولية، وكان إطلاق قمرها تحقيقاً لأولى الخطوات العملية للإنسان في الفضاء. وفي سباق محموم بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة تحقق الكثير في مجال «غزو» البشر للفضاء، فتم إرسال عدد كبير من الأقمار الصناعية والمركبات المدارية تحمل رواداً للدوران حول الأرض ومركبات أتوماتيكية للهبوط على القمر.
وفي سنة 1969، توج هذا النشاط العلمي الهائل بهبوط أول إنسان على القمر عندما خطا نيل آرمسترونغ، خطوته الأولى التي باتت في الواقع قفزة هائلة للبشرية، حسب تعبيره.
كان برنامج «أبوللو» الذي حقق الهدف منه، وأعطى الفرصة لرحلات عديدة فيما بعد للحصول على عينات من «الكويكب» اللاحق بكوكب الأرض نهاية حقبة من العمل العلمي والتكنولوجي في الفضاء تميزت بالرغبة الاستعراضية، وتحقيق السبق وشد انتباه الرأي العام، ليس فقط في الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفياتي، وإنما في العالم كله.
المرحلة التالية بعد أن تخلصت من دهشة المرحلة الأولى باتت أكثر عملية بتوسيع الاستفادة العملية من تطبيقات تكنولوجيا الفضاء، ومنها ولدت سلاسل أقمار الاتصالات العالمية، وتصنيع وتخليق مواد جديدة، والكشف عن الموارد الطبيعية على الأرض. ولما كانت التكاليف عالية فقد بات مهماً تخفيض الإنفاق فولدت فكرة «مكوك الفضاء» الذي يمكن استخدامه أكثر من مرة، ومن بعده إنشاء محطة كونية مأهولة تكون بمثابة المحطة التي يستقر فيها البحث العلمي، ومن الجائز أن تكون نقطة انطلاق لاستكشاف الكواكب والكون. وكان ذلك ما تحقق خلال العقود التالية حتى بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عندما أنشأت الولايات المتحدة «مركز عمليات الفضاء» الذي يتولى البحوث في كيفية بناء ونقل ورفع النظم الفضائية الضخمة إلى المدارات المختلفة، بالإضافة إلى تطوير قدرة الإنسان على العمل في الفضاء، مع تقليل الاعتماد على الأرض في ناحيتي التحكم والإمداد. أصبح الفضول نحو اكتشاف الكون السحيق متصاعداً، خصوصاً مع ازدياد المعرفة الإنسانية بالمجموعة الشمسية، وكان الهدف من هذا الاستكشاف هو البحث عن حياة أخرى في الكون، ومعرفة أصل المجموعة وتطورها.

قاد ذلك إلى إدراك مهم هو أن الفضاء ممتد بأكثر كثيراً ليس فقط من كوكب الأرض أو مدارات نجم الشمس كلها، أو حتى المجرة التي نقع في قلبها، وإنما هناك فضاء لا تُعرف له حدود أو لمجراته ومجموعاته ونجومه عدد. وفي القلب في هذه العملية الاستكشافية كان تصميم وإنشاء تلسكوبات هائلة تنقل للبشرية صوراً للفضاء الممتد واللانهائي.
كان تليسكوب «هابل» هو النافذة الأولى قبل عقود في ثمانينات القرن الماضي، ليس فقط على الامتداد الجغرافي للكون، وإنما أكثر من ذلك الامتداد التاريخي والزمني، فلم يكن ما يأتي من السماء عاكساً لأمور في وقتها، وإنما هو بالضوء الذي يصل منها أتت منذ ملايين أو مليارات السنوات الضوئية التي تنقل لنا ما حدث، بينما ربما مكانها وأصلها وفصلها ذهبت إلى فناء.
تليسكوب «جيمس ويب» قدراته تزيد ست مرات على «هابل»، وصوره أكثر دقة ووضوحاً، وخلال الأيام القليلة الماضية أمكن المقارنة بين صور سابقة وأخرى حالية تحمل ما هو أكثر من الاستنتاجات والاستدلالات التي حملتها الأشعة تحت الحمراء أو البنفسجية التي ذهبت إلى أبعد مما ذهب سابقه في رواية قصة الكون. وعلى أي الأحوال فإن قصة هذا التليسكوب وذاك، تعكسان بشدة المسيرة العلمية والتكنولوجية التي عاشها الإنسان بعد أكثر من نصف قرن من الوصول إلى القمر. وكل ذلك بات ممكناً، لأن الأمور المعقدة أصبحت أكثر بساطة، وكلما باتت أكثر بساطة أصبحت أكثر وضوحاً، والأشياء الكبيرة أصبحت صغيرة بالطاقة نفسها أو أكبر، بل إن الكبير والصغير أصبحا مسألة يتحكم فيها الإنسان حسب الظروف. البساطة والتبسيط كانا دائماً من أسرار التقدم الكبرى، ويحكى العلماء دائماً كيف أنهم عندما يكتشفون شيئاً ينبهرون لأنهم لا يعرفون لماذا لم تكن هذه الفكرة الجديدة أول ما خطر ببالهم، نظراً لبساطتها المذهلة.
والحقيقة هي أن البساطة والتعقيد بات كلاهما له علاقة بالتقدم والتخلف، وهو تماماً الفارق الآن بين القدرات الإنسانية الهائلة لاقتحام أسرار الفضاء، بينما لا يزال الإنسان بدائياً في التعامل مع قضايا الكوكب في أقاليمه وعالمه.
التعامل مع الحرب الأوكرانية، والصراع الروسي الأميركي، والتوتر الصيني الغربي، والتقاعس في التعامل مع قضايا «الجائحة» و«الاحتباس الحراري» والهجرة والحروب الأهلية والتطرف العقائدي بأشكاله المختلفة يشهد على هذه الازدواجية الإنسانية بين ما يحدث على الأرض، حيث القعود عن حل الصراعات والحروب والفقر والهجرة والتعصب، وما يجري في الفضاء من بحث عن تاريخ عميق لكواكب ونجوم ومجرات.

هذه المفارقة عرفتها عندما زرت طهران قبل أكثر من عشرين عاماً، وأثناء حفل استقبال كان فيه جمع من الجنسيات قال صديق إيراني، بفخر شديد، إن العقل الإيراني مثل السجاد الإيراني (العجمي بلغة العرب) فيه من الدوائر والمربعات والخطوط وما لا أول له، ولا آخر، ما يجعله معقداً وعصياً على الفهم للآخرين. وساعتها لم تكن مشكلتي هي عما إذا كان الأجانب يفهمون العقلية الإيرانية أم لا، على الرغم من أنه لا توجد هناك حكمة في ألا يفهمك الآخرون، ولكنني لم أكن متأكداً أن الإيرانيين يفهمون عقلياتهم. وكذلك الحال مع العرب، وعندما عدت من الولايات المتحدة عام 1982، بعد دراستي العليا وجدت عاصفة في مصر حول «التمويل الأجنبي» للبحوث عن مصر، وكان تحت عنوان «وصف مصر بالأميركاني»، وكان ذلك مقاساً على كتاب «وصف مصر» الذي نتج عن الغزو الفرنسي لمصر، والذي أصبح الوثيقة الأولى في معرفة البلاد المصرية مع مطلع القرن التاسع عشر لم يكن هناك ما يماثلها. أيامها كان المنطق أن التمويل الأميركي لمراكز البحوث يعنى أن يعرف الأميركيون عنا كل شيء، وكان سؤالي هو عما إذا كنا نحن نريد أن نعرف عن أنفسنا كل شيء.
تليسكوب «جيمس ويب» سوف يزيد معرفتنا بالكون وتاريخه، وربما سوف يجد الإنسان ضالته عما إذا كانت توجد حياة من نوع أو آخر بعيدة عنا بعد السماوات كلها، بينما ما زلنا نعيش في عالم ضيق ما زال أمامه الكثير من الحكمة حتى يعيش.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظر في تاريخ الكون وتاريخنا النظر في تاريخ الكون وتاريخنا



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 06:03 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"شارب" تعتزم إطلاق شاشات هواتف ذكية بتقنية 4K

GMT 20:33 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية رابعة الزيات تعود إلى الشاشة بفكرة برنامج جديد

GMT 03:18 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

"طاقة الإماراتية" تشتري من شركة فرنسية 50% في مزرعة رياح

GMT 17:47 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

جالطة سراي التركي يعلن التعاقد مع توران

GMT 23:23 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

انطلاق فضائية "مصر قرآن كريم" بتلاوات نادرة

GMT 14:56 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

سلطان بن خليفة يحضر أفراح البلوشي والحمادي وبيشوه

GMT 12:18 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

أمل كلوني تلفت الأنظار بثوب أبيض حريري

GMT 00:27 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

انكسار "الترمومتر الزئبقي" قد يؤدي إلى الموت

GMT 08:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يسعى للاستثمار ببيع اللاعب رافينيا

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

نور الشريف

GMT 09:50 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

"منارات زايد" تنشر العلم في مختلف أنحاء العالم

GMT 07:04 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"طيران الإمارات" تزيد عدد رحلاتها إلى أورلاندو

GMT 08:45 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

أجمل ألوان البيج الرائعة لموسم خريف 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates