تأملات صيفية متفائلة
آخر تحديث 03:46:18 بتوقيت أبوظبي
السبت 8 آذار / مارس 2025
 صوت الإمارات -
أخر الأخبار

تأملات صيفية متفائلة

تأملات صيفية متفائلة

 صوت الإمارات -

تأملات صيفية متفائلة

بقلم - عبد المنعم سعيد

  أعلم أن الحديث عن التفاؤل هذه الأيام ليس من الأفكار الحصيفة، وفى وقت ارتفعت فيه معدلات التضخم عالميًّا، وباتت فيه سلاسل الإمداد غير سلسة، فإن التشاؤم له أسباب ومشاهد.

«الجائحة»- الكورونا التى لا تتوقف- والحرب الأوكرانية، التى لا تبدو لها نهاية، تبثان البؤس واليأس فى النفس السوِيّة. ومع ذلك فإن هناك من المعلومات والمعرفة بعالمنا ما يقضى بأن العالم على الأقل ليس حاله بهذا السوء، بل يوجد مع كل الأخبار السيئة الكثير من الأنباء التى تقول إن ما هو قادم لن يكون فقط أقل سوءًا، وإنما يوجد ما يدعو إلى أننا سوف نكون أفضل حالًا.

لفت نظرى مقال فى الموقع الإلكترونى «فوكس VOX» بعنوان يتساءل: «لماذا الكوارث التى تزداد قسوة تقتل عددًا قليلًا من البشر؟».

المقال الذى كتبه «أومير إرفان»، فى ١٠ يوليو الجارى، يعتمد فى معلوماته على آخر تقارير اللجنة الحكومية الأمريكية للتعامل مع ظاهرة «التغير المناخى»، والتى تقول بوضوح يعتمد على المعلومات والأرقام إن الظواهر المناخية من الحرارة العالية والفيضانات والحرائق، وكلها كوارث مُميتة، زاد عددها خمس مرات خلال السنوات الخمسين الأخيرة، ورغم ذلك، فإن عدد الموتى منها قلَّ بنسبة الثلثين.

مثل ذلك يمثل إنجازًا كبيرًا بالنسبة للعاملين فى مواجهة هذه المصائب، ويجعلها أكبر قصص النجاح الإنسانى فى التاريخ المعاصر. المقال لا يقول شيئًا عن «الجائحة»، ولكن بمعيار المقارنة بعد ثلاث سنوات من الوباء فإن عدد الضحايا فيه أقل كثيرًا مما حدث فى الإنفلونزا الإسبانية قبل قرن من الزمان، وفى كل الأحوال لم يحدث تراجع سكانى كذلك الذى حدث بعد نوبات الطاعون فى أوروبا خلال العصور الوسطى.

.. ولمَن لا يعلم فإنه قبل أن ينقضى هذا العام فإن عدد سكان الأرض سوف يتجاوز ثمانية مليارات نسمة، وهى حالة كانت تكفى لظهور أفكار «مالثوس»، التى تقول إن الكوارث ليست كارثية بالضرورة لأن فضيلتها هى إعادة التوازن الديمجرافى للكرة الأرضية مرة أخرى.

والحقيقة هى أن بلاد الله واسعة للغاية، وخلقه كثيرون، ومَن يقل لك إن الأرض قد ازدحمت فلا تصدقه لأن الذى علّم الإنسان ما لم يعلم أعطاه القدرة على أن يجعل من مساحات صغيرة فيها ما يكفى فوق الأرض وتحتها ما يجعلها تضم وتستوعب جماعات كثيرة.

وفى واحدة من الدراسات، التى صادفتها قبل سنوات قليلة، وجدت أنه من الممكن للإنسانية كلها، أى قرابة سبعة مليارات نسمة وقتذاك، أن يعيشوا فى ولاية تكساس الأمريكية وحدها. الفكرة هنا أن المهم هو أن التنظيم الاجتماعى والاقتصادى والسياسى يكون من الفاعلية والبساطة بحيث يستوعب وينظم حياة الناس بطريقة تجعلهم يستغلون المساحات بقدرة فائقة.

«النانو» تكنولوجى جاءت حتى تُصغر الأشياء وتجعلها أكثر بساطة، وفى يوم من الأيام كان أول كمبيوتر يحتل عمارة كاملة، وعندما تم وضع نفس طاقة الكمبيوتر فى حجرة واحدة قبل انطلاق سفينة الفضاء أبوللو ١٣، فى مطلع السبعينيات، كان ذلك معجزة كاملة.

تعالَ الآن وراجع أحجام الكمبيوتر الشخصى، أو «الموبايل»، الذى يمكنه حمل معلومات كانت فى السابق تحتاج مدينة كاملة من الأرشيف. تَمَعّن فى تليفونك المحمول، الذى تستطيع أن تحمله وتتجول به حول العالم ما شاء لك التجول، بينما تستطيع أن تشاهد أحباءك، وتتابع أخبار شركتك من خلال شبكة «سكايب» أو «زووم» بالصوت والصورة والإنفوجرافيك.

وبالمناسبة، فإن كل هذه النظرة المتفائلة تنطبق على مصر، حيث إن «الجائحة» لم تتسبب فى ارتفاع معدل الوفيات فى مصر بصورة ملحوظة، ويُحسب ذلك لجهود الحكومة والقطاع الصحى، ولتعلم الجماهير أن تكون أكثر وعيًا ونظافة، ربما ليس بالقدر الذى يطلبه الكثيرون منّا، وإنما لكى نفهم ونقدر حقيقة ما جرى للمصريين. وحتى لا يخطئ أحد فى فهم ما نود ذكره، فإنه لا توجد دعوة هنا إلى التقليل من أهمية الزيادة السكانية، وإنما هى دعوة إلى فهمها بشكل أفضل.

فى أرقام أخيرة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن شعب مصر شابّ تمامًا، ومَن هم فوق سن الخامسة والستين لا يزيدون على ٤٪ من السكان، وهو ما يجعل القضية تنتقل إلى مستويات أخرى من التعليم وفهم العلاقة بين الشريحة العمرية والوضع الاقتصادى والمكانة الاجتماعية، فالمُلاحَظ هو أن الواقعين فى الطبقة الوسطى المصرية، وتتكون الأسرة فيهم من أربعة أفراد، يشكلون فقط ٧.٥٪ من الفقراء.

مَن لديهم مواليد أكثر من ذلك يشكلون أكثر من ٨١٪. على هذا الشكل فإن قضية الزيادة السكانية تصبح واقعة بشكل كافٍ فى زاوية التنمية المصرية وتخريج الطبقة العاملة من الفقر إلى الستر، بالعلم والتعليم والمشاركة فى زيادة الإنتاجية المصرية.

الانتشار السكانى فى المعمور المصرى وبراحه يقلل من الزيادة السكانية، التى تأتى فى معظمها من المناطق المزدحمة والأكثر فقرًا، وغالبيتها واقعة فى الوادى الضيق. هنا تحديدًا يبدأ الواقع المصرى الجديد فى الانتشار من النهر إلى البحر بمدن جديدة وذكية؛ وما بقى فقط هو متى ينتقل السكان، وكيف؟.

البساطة والتبسيط كانا دائمًا من أسرار التقدم الكبرى، ويحكى العلماء دائمًا كيف أنهم عندما يكتشفون شيئًا ينبهرون لأنهم لا يعرفون لماذا لم تكن هذه الفكرة الجديدة أول ما خطر ببالهم نظرًا لبساطتها المذهلة. فى هذه الأيام تتكرر المسألة مرة أخرى فى مصر والعالم أيضًا، حيث الإنجازات الكبرى والتقدم التكنولوجى المذهل، وكل ذلك واقع بسهولة فى محيط النظر البشرى.

ومع ذلك، فإن التشاؤم يكون قائمًا لأن الحياة أصبحت أكثر تعقيدًا لأننا قمنا بإصلاحات كثيرة، ليس من بينها النظام الإدارى للدولة، التى تعلم بيروقراطيتها كيف تلتف حول الثورة الرقمية، ولكنها لا تقدم الكثير فى مجال ممارسة الأعمال مهما كانت توجهات الدولة والقيادة السياسية عن دور جديد للقطاع الخاص.

وفى مطلع القرن الحالى بلغ عدد القوانين المصرية ٦٨ ألف قانون، وعدد لا متناهٍ من اللوائح والقواعد والمراسيم. وفى الوقت الراهن فإن العمل الأساسى للمؤسسات التشريعية هو تعديل القوانين القائمة بتعديلات جديدة لا تجعلها فى الواقع أكثر بساطة، بينما ما نحتاجه هو قوانين بسيطة تركيزها الأساسى على «مقاصد القانون»، كما بات يعرفها العالم وليس كما نعرفها نحن وسطية اشتراكية ورأسمالية وما بينهما «خمسون ظلًّا من الرماديات».

قانون العمل فى معظم العالم يقوم لغرضين: التشغيل والإنتاج، وكيف نزيد فرص العمل ونحقق الزيادة الإنتاجية التى تزيد من الموارد القومية. القضية الأساسية هنا علمية فى جوهرها تربط ما بين القانون وتحقيق مقاصده؛ فإذا كان «تجديد الفكر الدينى» يقوم على الوفاء بمقاصد الشريعة؛ فإن «تجديد الفكر المدنى» يقوم على تحقيق مقاصد القوانين.

المسألة بسيطة كما نرى، وهى تكريس الجهود تجاه مطالب العصر، وفى يوم من أيام مصر العزيزة كان شائعًا تعبير «الإدارة بالأهداف»، ووقتها لم تتحقق الأهداف، ولا كان هناك ما يؤكد الإدارة. الآن آن أوان الرحلة من التعقيد إلى التبسيط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات صيفية متفائلة تأملات صيفية متفائلة



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة - صوت الإمارات
احتفلت الملكة أحلام قبيل ليلة عيد الحب بعيد ميلادها في أجواء من الفخامة التي تعكس عشقها للمجوهرات الفاخرة، باحتفال رومانسي مع زوجها مبارك الهاجري، ولفتت الأنظار كعادتها باطلالاتها اللامعة، التي اتسمت بنفس الطابع الفاخر الذي عودتها عليه، بنكهة تراثية ومحتشمة، دون أن تترك بصمتها المعاصرة، لتتوهج كعادتها بتنسيق استثنائي لم يفشل في حصد الإعجاب، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك دعونا نفتش معا في خزانة المطربة العاشقة للأناقة الملكية أحلام، لنستلهم من إطلالاتها الوقورة ما يناسب الأجواء الرمضانية، تزامنا مع احتفالها بعيد ميلادها الـ57. أحلام تتألق بإطلالة لامعة في عيد ميلادها تباهت الملكة أحلام في سهرة عيد ميلادها التي تسبق عيد الحب باحتفال رومانسي يوحي بالفخامة برفقة زوجها مبارك الهاجري، وظهرت أحلام بأناقتها المعتادة في ذلك ا�...المزيد

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 06:03 2014 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"شارب" تعتزم إطلاق شاشات هواتف ذكية بتقنية 4K

GMT 20:33 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلامية رابعة الزيات تعود إلى الشاشة بفكرة برنامج جديد

GMT 03:18 2013 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

"طاقة الإماراتية" تشتري من شركة فرنسية 50% في مزرعة رياح

GMT 17:47 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

جالطة سراي التركي يعلن التعاقد مع توران

GMT 23:23 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

انطلاق فضائية "مصر قرآن كريم" بتلاوات نادرة

GMT 14:56 2020 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

سلطان بن خليفة يحضر أفراح البلوشي والحمادي وبيشوه

GMT 12:18 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

أمل كلوني تلفت الأنظار بثوب أبيض حريري

GMT 00:27 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

انكسار "الترمومتر الزئبقي" قد يؤدي إلى الموت

GMT 08:09 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يسعى للاستثمار ببيع اللاعب رافينيا

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

نور الشريف

GMT 09:50 2018 الثلاثاء ,24 تموز / يوليو

"منارات زايد" تنشر العلم في مختلف أنحاء العالم

GMT 07:04 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

"طيران الإمارات" تزيد عدد رحلاتها إلى أورلاندو

GMT 08:45 2016 الخميس ,03 آذار/ مارس

أجمل ألوان البيج الرائعة لموسم خريف 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates