فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم

فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم

فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم

 صوت الإمارات -

فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم

بقلم - عبد المنعم سعيد

فشلت في حياتى في أمرين: كتابة الشعر، ولعب كرة القدم. وفى هذه الأخيرة حينما حاولت صبيا وجد الأصدقاء أننى حالة ميؤوس منها فقرروا إحالتى إلى الاعتزال مبكرا. ولكن الشغف باللعبة ظل قائما، وزاد الاهتمام مع دراسة العلوم السياسية. فمن المعلوم أن الرياضة حالة من المنافسة، والدفاع والهجوم، ورسم الخطط والاستراتيجيات؛ وعندما تكون كرة القدم فإنها «جماهيرية»، وجماعية من حيث التشكيل، وملعبها بساط هو مختصر مفيد لكوكب الأرض بما عليه من أيام ودول يجرى تداولها بين فرق وناس. ولن يختلف أحد على أن ما جرى يوم الخميس الماضى لفريقنا «القومى» في ملاوى على يد إثيوبيا في تصفيات الأمم الإفريقية كان باعثا على كثير من الكرب، والذى هو مصيبة تضاف إلى مصائب سابقة. والسوابق القريبة كانت خسارة الفريق المصرى كأس الأمم الإفريقية، وخسارة الدخول إلى نهائيات كأس العالم، وفى الحالتين كانت الخسارة من السنغال. ما خفف من اللوعة وقتها أننا وصلنا إلى خط النهاية، وبنظرة على الخصم في الحالتين كان الفريق مكونا من أمم متحدة من الأندية العظمى في العالم. كان الدرس الذي لم يلتفت له أحد أنه في الوقت الذي كنا نكرر فيه تاريخنا في الفوز بكأس الأمم سبع مرات، كان من بينها ثلاث متوالية قبل عقد أو أكثر قليلا؛ كنا كما هي العادة نتحدث عن التاريخ، ولكن الذين ننافسهم لهم الحاضر والمستقبل.

الحقائق التي سقطت من الذاكرة هي أننا لم نحرز شيئا لافتا للنظر طوال السنوات العشر الماضية، وغبنا عن دورات لكأس الأمم منذ البداية، وبعد سنوات من الغياب حدثت المفاجأة الوحيدة في تاريخنا القريب، وهى أننا وصلنا إلى نهائى الأمم الإفريقية، وأكثر من ذلك ذهبنا إلى كأس العالم بعد ٢٨ سنة من الغياب.

ما حدث يوم الخميس الماضى مهزلة بدأت ربما منذ تلك اللحظة التي عدنا فيها من روسيا عام ٢٠١٨ بكل ما دار فيها من أحداث موجعة اكتملت بالسيادة المؤلمة لأدوات التواصل الاجتماعى التي جعلت قراراتنا متعجلة ومتقلبة، وفى النهاية عاجزة تماما عن إدراك الواقع والحقيقة. أكثر من ذلك حرمنا تماما من تراكم الخبرة اللازمة لتحقيق الفوز الذي هو خطط ومجهود ومهارة ولياقة بدنية، وخطط واستراتيجيات يجرى تحفيظها وتلقينها والمران عليها. بات معلوما أن أخطاء تنظيمية حدثت، ولكن الإطاحة بطاقم تدريب السيد كوبر، واتحاد كرة القدم كله، جاءت لأننا كنا نلعب بطرق دفاعية قيل عنها إنها عقيمة، لم يكن فيها تراجع خبراتنا مقارنة بارتفاع مستويات خبرة المنافسين، ولا مقارنة بمعدلات اللياقة البدنية لدى لاعبينا، ولا الفارق الهائل في السرعة والمهارات الفنية. نسينا كثيرا أن السعودية والمغرب وتونس والإمارات ذهبت إلى كأس العالم أكثر منا، والكاميرون وجنوب إفريقيا والآن السنغال فعلت ذلك أكثر من مرة. ما فعلناه كان الوقوف في وجه تراكم الخبرة والمعرفة في أركان اللعبة الإدارية والفنية، وجاء الخراب الكامل مع إدارات متتابعة حتى وصلنا إلى الإدارة الحالية بلا خبرة ولا معرفة ولا تراكم.

فعلنا ما لم يفعله أحد، لم يعد لدينا مواسم كروية، وإنما حالة متصلة من الإرهاق للأندية والفريق القومى، وحتى يكون اللهو كاملا كان التأجيل المستمر للمباريات تحت دعوى أن فريقا ما لديه مباراة خارج البلاد فبات بين يوم وليلة ممثلا لشرف الدولة. الموسم الكروى لهذا العام لا يزال يستكمل مسابقات بدأت قبل عامين، ويوم النهاية فيه سيكون ٣٠ أغسطس حينما تستيقظ ملاعب العالم على بدء النشاط الرياضى. الكارثة الكبرى كانت التغيير المستمر للمدربين، والإطاحة- بصوت الفضيحة- بالقادرين منهم، حيث القدرة هي قياس توازنات القوى الفنية والبدنية بين لاعبينا ومنافسيهم وبناء الخطط على هذا الأساس. جاءت الإطاحة بالسيدين «كوبر» و«كيروش» في ذات اللحظة التي حققا فيها قدرا من المنافسة والإنجاز يحتاج البناء عليه وليس القفز من السفينة استعجالا للوصول إلى مرفأ ليس له فنار.

التراكم في مجال كرة القدم ليس بعيدا عن السياسة والاقتصاد، وفيهما لا بد من الاستقرار، والقدرة على إمساك مقود السفينة وتوجيهها في الاتجاه الصحيح مع قدر هائل من المثابرة والصبر. ما بقى لدينا في الجماعة الكروية هو قدر كبير من الشكوى من الحكام، واستسهال الشكوى إلى المحكمة الرياضية في قضايا لا نكسب منها، إلا أننا لا نعرف فضيلة تسجيل الهدف في ساحة اللعب. في النهاية أرجو من الله أن يتعلم النادى الأهلى من الدرس، ولا تكون الإطاحة بالمدرب المنجز نتيجة صفافير «الفيسبوك».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم فى السياسة والاقتصاد وكرة القدم



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:09 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

السنغال واحدة مِن أفضل الوجهات السياحية لعام 2019

GMT 13:40 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

مريم المهيري تستعرض جهود تحقيق الاكتفاء الغذائي في الدولة

GMT 19:40 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"اهدى يا مدام" قصة جديدة من مسلسل "نصيبى وقسمتك 2"

GMT 05:47 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

"كهرباء القدس" تواصل تطوير خدمات الكهرباء العصرية

GMT 07:07 2014 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجامعة الإسلامية تشارك في معرض اسطنبول الدولي للكتاب

GMT 04:37 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

معرض لتراث سورية في مخيم الزعتري

GMT 08:58 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

رباعية دفع فاخرة جديدة من "بي إم دبليو"

GMT 02:44 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

الفنان حسن الرداد في "برنامج معكم" مع منى الشاذلي الجمعة

GMT 16:06 2014 الثلاثاء ,30 أيلول / سبتمبر

اللون البني لعاشقات الإطلالة المميزة في شتاء 2015

GMT 21:46 2013 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

شباب حوامل لتوعية المراهقات الأميركيات

GMT 12:18 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

عبير صبري تُعلن عن تفاصيل دورها في مسلسل "الحب الحرام"

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates