ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

 صوت الإمارات -

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

بقلم - مصطفى فحص

في تغريدة له على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، كتب رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» الأسبق، الكاتب السعودي الأستاذ طارق الحميد، قائلاً: «ملاحظة بسيطة لكنها جوهرية: بمقدوري كسعودي الآن أن أقود سيارتي من الرياض إلى قلب بيروت مروراً بدمشق، وهو شيء كان شبه مستحيل لأن ما دونه مخاطر طوال خمسين عاماً».

الحميد، في تغريدته، لم يعبر حدود العالم الافتراضي فقط، بل عبر حدوداً دولية كانت صعبة ومعقدة لعقود. يجوز في بعضها القول: «الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود». وهي الحدود السورية إبّان حكم «البعث»، التي حوَّلها نظام الأسد إلى جدار عازل بين شرق المتوسط وجنوبه، وصولاً إلى تخوم آسيا الوسطى وأوروبا.

العابر السعودي أو الخليجي إلى بيروت أو بغداد أو إسطنبول ليس بالضرورة سياسياً أو اقتصادياً، بل هناك معنى اجتماعي وإنساني يكشف عن عمق الصلات والمشتركات الاجتماعية والروحية بين هذه الشعوب. هذا الطريق، الذي كان لقرون طريق الحجيج إلى مكة، والزوار إلى بيت المقدس، بنيت خلاله علاقات أسرية ومصاهرات وتجارات بسيطة، ولكنها عمّقت الروابط بين العابرين ذهاباً وإياباً، وبين أهالي تلك المناطق، منذ أن بدأت القوافل بنقل التوابل من الهند والحرير من حلب.

إذن، ليست مبالغة سياسية أو جيوسياسية القول إن سقوط النظام السوري هو سقوط الجدار العازل بين سوريا التاريخية وفضائها الجيوسياسي والجيواقتصادي. وهو أيضاً بمثابة سقوط الجهة الشرقية لجدار برلين، الذي سقط معه آخر الأنظمة المتبقية من زمن الحرب الباردة والمعسكر الاشتراكي. الأمر الذي يفتح طرق التجارة والممرات السياسية بين شعوب ودول المنطقة، خصوصاً العربية، ويعيدها إلى خريطة التنافس الاقتصادي ككتلة اقتصادية ضخمة منتجة، وأسواق تجارية.

فعلياً، سقوط نظام الأسد يعيد فتح طرق كانت غير سالكة أو غير آمنة، متفرعة من ممرات الهند الجديدة ذهاباً، ويعيد وصل الممرات المقطوعة على طريق الحرير القديم والجديد من الصين إلى الشرق الأوسط إياباً. ويمكن ربط ذلك بمشروع «طريق التنمية» أو «القناة الجافة»، وهو مشروع عراقي للربط سككياً وبرياً بين تركيا وأوروبا شمالاً والخليج العربي جنوباً، لنقل البضائع بين الخليج وأوروبا، والذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

المتغير السوري فتح أبواب الجغرافيا السورية على مصراعيها من الرياض إلى حدود القوقاز، وصولاً إلى أوروبا. ومن ممرات الهند الجديدة إلى ميناء جدة، ومنه إلى ميناء بيروت، الذي لديه فرصة تاريخية ليعود مرفأً لدمشق وبغداد وعمان عبر الجغرافيا السورية المحررة من قيود الآيديولوجيا وتموضعاتها السياسية التي فرضها نظام الأسد وتحالفاته على المصالح المشتركة لشعوب المنطقة.

استعادة الجغرافيا السورية تفسح المجال لإعادة النظر في طريقة تشغيل خطوط نقل الطاقة من مناطق الإنتاج إلى سواحل التصدير، خصوصاً خط التابلاين من حفر الباطن في السعودية إلى مصفاة الزهراني في جنوب لبنان، وأنبوب النفط العراقي من كركوك إلى مصفاة طرابلس في شمال لبنان. وهي فرصة ذهبية للبنان، دولةً وشعباً، بأن يستعيد دوره الاقتصادي التاريخي على ساحل المتوسط. وهذا يفترض إعادة بناء سلطة سياسية جديدة قادرة على استعادة الثقة العربية بدوره.

وعليه، في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعادت شعوب المنطقة اكتشاف الجغرافيا بممراتها الآمنة ومصالحها المشتركة، بعد نصف قرن استُخدمت خلاله لتصدير الأزمات والعنف والمخدرات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد



GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

مفكرة القرية: الإلمام والاختصاص

GMT 14:51 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الأشقاء السوريون!

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الجهاز الإدارى للدولة

GMT 14:50 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فيديوهات غبية في هواتفنا الذكية!

GMT 14:49 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 14:48 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الهجوم الإخواني على مصر هذه الأيام

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:16 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

صلاح محسن يشعر بالسعادة لارتدائه الفانيلة الحمراء

GMT 11:56 2015 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات بتراجع أعداد الدب القطبي بنسبة 30% بسبب تقلص الجليد

GMT 23:53 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

أحواض السمك تجلب الهدوء وتضفي جمالًا على حديقتك

GMT 17:42 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

الاحتفال بذكرى رحيل عمار الشريعى بإذاعة الشرق الأوسط

GMT 04:41 2015 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الربيع يحل قبل 3 أسابيع في الولايات المتحدة الأميركية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates