لبنان البيئة الحاضنة ستسقط الجدار

لبنان... البيئة الحاضنة ستسقط الجدار

لبنان... البيئة الحاضنة ستسقط الجدار

 صوت الإمارات -

لبنان البيئة الحاضنة ستسقط الجدار

مصطفى فحص
بقلم - مصطفى فحص

في الحرب الأهلية فصلت خطوط التماس بين المناطق اللبنانية، فتحصن كل طرف أو جماعة طائفية خلف مِتراس، وبنى دويلته أو إدارته الذاتية في مناطق نفوذه. وبما أن عودة المتاريس تبدو مستحيلة، فيستحال معها الفصل بين اللبنانيين أو عزلهم عن بعضهم البعض، إلا أن طرفاً في هذه المرحلة يحاول بشتى السبل عزل جماعته الطائفية أو العقائدية أو الحزبية عن الآخرين، بهدف الحفاظ على حضوره الشامل بين أبنائها وعدم تزعزع ثقتهم بخياراته، لذلك لجأ منذ الأيام الأولى لـ«انتفاضة تشرين» إلى بناء جدار عازل افتراضي يحجب إمكانية التواصل بين بيئته وبين الجماعات والمكونات الأخرى، مستخدما ما في حوزته من إمكانيات مادية ومعنوية وتحريضية، لغرض تحقيق هذا الشرخ.
في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أي بعد 3 أيام على اندلاع «انتفاضة تشرين»، أظهر الأمين العام لـ«حزب الله» في خطابه آنذاك حرصه الشديد على ضرورة إبعاد جماعة تأسيسية، شارك أبناؤها في مظاهرة ساحة الشهداء، عن مخاض سياسي اجتماعي وثقافي تبلور منذ لحظات الانتفاضة الأولى، وكشف عن حجم من المتحولات في طبيعة الاجتماع اللبناني تهدد صميم التركيبة اللبنانية ومستقبل قواها السياسية.
في تلك اللحظة اتخذ «حزب الله» قرار الدفاع عن كافة المنظومة أكانت موالية له أو معارضة مدجنة، فقرر الدفاع عنها... هذا القرار في عمقه اتخذ للدفاع عن النفس وحماية للمكتسبات بعد سنوات من العمل على تركيب (المنظومة والسلطة) وفقاً لمشيئته، بعدما حوله فائض قوته العسكرية والعقائدية والمعنوية إلى حزب حاكم قادر على حماية النظام والتحكم في الدولة، ما دفعه إلى تبني المنظومة الحاكمة بكافة ارتكاباتها، والوقوف بوجه مطالب اللبنانيين المشروعة بمحاسبتها على فسادها وفشلها في إدارة الدولة والثروة، وذلك نتيجة قناعة واضحة من الحزب بأن تخليه عن أي طرف من داخل التركيبة سيؤدي إلى زعزعتها وتساقطها واحدة تلو الأخرى كأحجار الدومينو.
بعد قناعته بصعوبة احتواء الانتفاضة، وارتيابه من الأدبيات السياسية والثقافية التي طرحها شبان وشابات الجامعات من جيل ما بعد (8 و14 آذار) ومراجعات جيل ما بعد الحرب الأهلية، وقف الحزب مرتبكاً أمام الهوة العميقة ما بين خطابه العقائدي ولغته السياسية وبين مطالب المنتفضين، ووقع في إشكالية عدم قدرته على تفهم منطقهم ثم رفضه بالكامل، في المقابل قابلته الانتفاضة المنقسمة والمرتبكة إلى الآن، بمعايير اجتماعية وسياسية وجدت طريقها إلى داخل بيئته، وهي تتوسع كلما توسعت الضغوط المعيشية ما أدى إلى مواجهة مباشرة بينهما.
تعثر الحلول العامة الوطنية والخاصة الجماعاتية، وعدم قدرة أي طرف في السلطة النأي بنفسه، دفع «حزب الله» وعلى لسان أمينه العام إلى الهجوم المباشر على لحظة «17 تشرين»، ففي خطابه الأخير اتهم نصر الله مجموعات الانتفاضة بأنها مشروع خارجي يهدف إلى تفتيت المجتمع اللبناني، إذ قال: «يتم العمل، منذ 17 تشرين، على تفتيت الدولة والطوائف والقرى والبلدات، كبديل عن الحرب الأهلية»، مضيفاً أن «المطلوب هو ضرب المجتمع اللبناني».
الهجوم على المجموعات الناشطة سياسياً واجتماعياً واتهامها بأنها تتعاون مع سفارات إقليمية ودولية والتحذير من المنظمات غير الحكومية (ngo) على اعتبار أنها أذرع للتدخل الخارجي، والحديث عن أن لبنان يقبع تحت عقوبات أميركية، وتحميل «17 تشرين» مسؤولية الانهيارات المالية والاقتصادية والترويج لفكرة المؤامرة على لبنان ليس إلا لحجب أنظار بعض اللبنانيين، وخصوصاً البيئة الشيعية التي تعاني كما تعاني باقي الجماعات اللبنانية، ومحاولة لمحاصرة أصوات الاعتراض داخل البيئة التي بدأت ترسم كثيراً من علامات الاستفهام والسؤال حول خيارات الحزب الداخلية والخارجية، وبدأت تُظهر كثيراً من علامات التململ نتيجة فشل الحلول وتكرار المبررات، حيث يُصر «حزب الله» على سردية لم تعد مقنعة.
وعليه، سيكتشف الحزب عاجلاً أم آجلاً ومن الممكن أن يعترف أن لبنانية الانتفاضة ستقوض كافة الاتهامات التي نسبت إليها، وبأن معاييرها ستشكل نسقاً وطنياً كاملاً، وستتجاوز بيئته الجدار الذي يحاول بناءه بينها وبين اللبنانيين، الذي لن يكون أقسى من جدار برلين، وهذا ما يعزز الاعتقاد بأن الشرخ أو العزل مستحيلان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان البيئة الحاضنة ستسقط الجدار لبنان البيئة الحاضنة ستسقط الجدار



GMT 17:50 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

عودة الجغرافيا السياسية: حرب أوروبا

GMT 20:10 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السم بالتذوق

GMT 20:03 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

مراهنات خطيرة في السودان

GMT 19:59 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الحرب الأهليّة في تأويل «حزب الله» لها

GMT 19:55 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

السعودية... الحقبة الخضراء

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة - صوت الإمارات
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 14:49 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

محلات "pinkie girl" تطرح فساتين مخملية في شتاء 2018

GMT 06:04 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

التنورة المطبّعة تمنح المرأة العاملة الأناقة والتميّز

GMT 12:39 2015 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيندي" تكشف عن ساعة "سيليريا" الجديدة للمرأة المثالية الأنيقة

GMT 20:36 2013 السبت ,06 إبريل / نيسان

مراحل التطور الجسمانى عند الطفل

GMT 09:26 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

منزل إيلي صعب الجبلي في لبنان فخم وضخم

GMT 12:43 2014 السبت ,11 تشرين الأول / أكتوبر

غرفة الشارقة تشارك في معرض جيتكس 2014

GMT 22:09 2013 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

مؤشر عقار أبوظبي يربح 23% منذ بداية 2013
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates