الحنين لأنور السادات

الحنين لأنور السادات!

الحنين لأنور السادات!

 صوت الإمارات -

الحنين لأنور السادات

بقلم : حسين شبكشي

 

كان من الملاحظ في الأيام الماضية اهتمام غير عادي وحتماً غير مسبوق من عدد غير قليل من الكتاب والمؤثرين بالرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات واسترجاع باحترام وتقدير للكثير من مواقفه التي سبق بها وقته ودفع ثمنها سياسياً وكذلك كانت وراء اغتياله أيضاً. أنور السادات فهم قواعد اللعبة مبكراً، قرأ الوضع السياسي بدقة وعمق، راهن على قدرة جيش بلاده على توجيه ضربة عسكرية صادمة وحاسمة للعدو الإسرائيلي بعد إعداد الجيش المصري جيداً ليتجاوز صدمة نكسة 67. وعد أنور السادات في عام 1971 في خطابه الشهير بمجلس الشعب بأنه سيعبر قناة السويس ولم يأخذه أحد في الداخل ولا في الخارج على محمل الجد، وهذا ما ساعده على استكمال ما عُرف لاحقاً بخطة الخداع الاستراتيجي، التي كان الهدف الأساسي منها هو إيهام وإقناع العدو بأنه لن يحارب. وتضمن ذلك طرد عشرات الألوف من الخبراء العسكريين السوفيات، وتكثيفاً إخبارياً لإجازات القادة العسكريين المصريين وذهابهم للعمرة أو للعلاج في الخارج، واستمراراً طبيعياً للأنشطة الفنية والرياضية.

وتحقق نصر السادس من أكتوبر بشكل صعق إسرائيل وأدهش العالم، لحظة شبه أسطورية دخلت التاريخ وحطمت فكرة أن إسرائيل لا تُقهر وجيشها لا يُهزم.

حقّق أنور السادات ما كان الجميع يعتقد أنه شبه مستحيل، وعد فأنجز، أعاد الثقة بقواته المسلحة فتحملت المسؤولية وصنعت النصر. عمل جماعي متكامل، جدية استثنائية، سرية مطلقة ليتحقق الإنجاز المبهر. حتى عندما أقال اللواء صادق من منصب وزير الحربية لم يغب قط عن باله ما قاله اللواء صادق بأن الجيش المصري غير جاهز لخوض معركة طويلة، ولذلك كان حريصاً على إحداث أكبر قدر من الصدمة والضرر بحق إسرائيل بأقل وقت ممكن. وعرف أيضاً أن الاتحاد السوفياتي لا يمكن الاعتماد عليه وأنه «نمر كرتوني» وأن 99 في المائة من أوراق اللعبة في يد أميركا، وأنه لن يستطيع مقاتلة أميركا التي ستهب للدفاع عن إسرائيل وهو ما حصل تماماً.

ولم يكتفِ أنور السادات بمفاجأة العالم حرباً، ولكنه أدهش العالم سلماً أيضاً، ذهب لإسرائيل منتصراً ومن موقع قوة وخطب في «الكنيست» بصريح العبارة وقال وقتها إنه لم يأتِ لأجل عقد سلام منفرد، بل إنه يتحدث عن سلام شامل مع العرب وفي قلب العرب القضية الفلسطينية. لم يقف أحد من العرب معه، بل خوّنوه وأُخرجت مصر من جامعة الدول العربية وتمت مقاطعتها عربياً.

أقام أنور السادات مؤتمر مباحثات السلام في فندق المينا هاوس أوبروي ووضع أعلام فلسطين وسوريا والأردن على مواقع مخصصة لوفودهم، ولكن لم يأتِ أحد منهم للمشاركة.

وتمضي الأيام وتستعيد مصر أرض سيناء كاملة ويتم إخراج جميع المقار العسكرية الإسرائيلية ومقار ميليشيات المستوطنين المتطرفين ويُرفع العلم المصري عليها.

اعتزل مناحيم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، السياسة وهو الذي كان أول رئيس لحزب ديني أصولي شديد التطرف وهو حزب «الليكود» يصل لرئاسة الوزراء في إسرائيل، وكان يقول لأصدقائه في مجالسه الخاصة إن «اثنين أخرجا اليهود من مصر، فرعون وأنور السادات، ولكن أنور السادات خدعني وضحك عليّ»، دخل مناحيم بيغن بعدها في اكتئاب نفسي عميق وشديد واعتزل الناس حتى مات.

اتفاقية السلام التي سعى إليها أنور السادات وقتها كانت ستقدم للعرب أفضل مما يسعون إليه الآن، خصوصاً في وجود إدارة أميركية يمكن التفاهم معها مثل إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، لعل أفضل تشبيه يمكن أن يوصف به أنور السادات هو ذلك الذي قيل في الأثر عن خالد بن سنان: «ذلك نبي أضاعه قومه»، رحم الله أنور السادات رحمة واسعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحنين لأنور السادات الحنين لأنور السادات



GMT 02:40 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 02:39 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 02:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 02:37 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 02:37 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 02:36 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

GMT 02:36 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد في علاج أمراض القلب

GMT 02:35 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!
 صوت الإمارات - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي

GMT 00:38 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شباب الأهلي يرغب في التعاقد مع الإكوادوري كازاريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates