نحن مع فلسطين وأنتم

نحن مع فلسطين... وأنتم؟!

نحن مع فلسطين... وأنتم؟!

 صوت الإمارات -

نحن مع فلسطين وأنتم

بقلم : نديم قطيش

تدفع حرب غزة باتجاه استقطاب حاد بين من يتناولون هذا الحدث الاستراتيجي في الشرق الأوسط. تضيق رقعة تصنيف البشر عندنا إلى حدود خانتين فقط: مؤيدون لفلسطين أو مؤيدون لإسرائيل، في تبسيط خطير ينطوي على تجاهل لمعاناة الفلسطينيين واحتياجاتهم الحقيقية والتعقيدات التي تحف بقضيتهم.

يتعرض المنتقدون لـ«حماس» أو من يشككون في أساليبها وخياراتها أكثر من أي وقت مضى للاتهام بدعم إسرائيل وتبني وجهات نظرها. وبناء على هذه القسمة الزائفة، يصير استحقاق صفة تأييد فلسطين مرهوناً بالدعم غير المشروط لكل ما تقوم به «حماس» تحت «يافطة المقاومة». ويُجعل من أي نقدٍ للحركة أو دعوةٍ لفهمٍ أعمق لديناميات الصراع، منكراً ينبغي إصلاحه بالتشويه والتشهير وربما بما هو أكثر.

بيد أن الانقسام الحقيقي في العالم العربي، ليس بين من يدعمون إسرائيل ومن يدعمون فلسطين، بل بين من يهتمون حقاً بالشعب الفلسطيني ورفاهيته ويمتلكون مشروعاً واضحاً لتحقيق نتائج ملموسة بشأن حقوقه وكرامته، وبين من يستثمرون في معاناته كوسيلة لتحقيق أهداف آيديولوجية أوسع، حتى وإن عظمت الأكلاف البشرية المطلوبة لتحقيق انتصارات رمزية.

تدرك المجموعات التي تستخدم القضية الفلسطينية أنها منفصلة عن الاحتياجات العاجلة للفلسطينيين. وتعرف أنها تستصغر معاناة الشعب أمام «السردية الأوسع» للمقاومة والنضال الآيديولوجي. يشترك رئيس حركة «حماس» بالخارج خالد مشعل وزعيمها في غزة يحيى السنوار في القفز فوق ما هو حقيقي وملموس من معاناة فلسطينية أسطورية. فغزة دُمرت «ولا جدال في ذلك» بحسب مشعل؛ لأن «هذا ثمن المقاومة». ومثله يُدرج السنوار القتل النازل بأهله في باب «التضحيات الضرورية» التي من شأنها أن تبث «الحياة في عروق هذه الأمة»!

لأجل ذلك تستميت «حماس» وأبواقها في احتكار صفة الوقوف مع فلسطين ونزع هذه الصفة عن الآخرين بأي كلفة، بغية التعويض عن فداحة ما تقترحه على الفلسطينيين.

الموقف الحقيقي المؤيد لفلسطين هو الذي يدافع عن السلام العادل والدائم، ويسعى لتوفير كل الشروط اللازمة التي تخدم هذا المشروع، معترفاً بتعقيدات الصراع، واختلال توازن القوى. بإزاء ذلك تذهب «حماس» وجماعتها بسرديتها الابتزازية لمهاجمة فكرة السلام نفسها من خلال تصوير أي اتفاقية أو مشروع اتفاقية على أنها استسلام للمصالح الإسرائيلية على حساب حقوق الفلسطينيين. مؤدى ذلك، وضع العقلانية السياسية في حالة عداء جوهري مع مصالح الفلسطينيين.

فمشعل مثلاً يستعجل الإعلان عن دخول الفلسطينيين «مرحلة ما بعد (أوسلو) فعلاً ولا قيمة للحديث عنها الآن»، ويشدد على أن «الواقع يفرض علينا تجاوز اتفاقية أوسلو فعلياً»، ثم يقفز للدعوة إلى أن «على الجميع الانخراط في القتال وليس غزة وحدها». كأن المطلوب أن تُدمر الضفة الغربية وينهار أمن الأردن، ثم يخرج علينا من يقول إن ذلك من الأثمان الضرورية للمقاومة!

حقيقة الأمر أن ما يستعجله مشعل والسنوار هو اغتيال فكرة السلام في العالم العربي، نيابة عن الطموحات الإيرانية التي تعتبر أن السلام العربي - الإسرائيلي نقيض موضوعي لمشروعها الثوري التوسعي الذي يتوسل القضية الفلسطينية كحامل ومسهل له. ويفعلون ذلك بالتكامل التام مع اليمين الإسرائيلي الرافض جذرياً لأي ملمح من ملامح الدولة الفلسطينية.

منذ منتصف التسعينات، تضافرت جهود هذا المعسكر وعملت بشكل ممنهج على تدمير جهود السلام وتقويض أي تقدم نحو حل دائم. من الهجوم الإرهابي الذي نفذه باروخ غولدشتاين في 25 فبراير (شباط) 1994، واستهدف مصلي الفجر في شهر رمضان في الحرم الإبراهيمي، إلى حملة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة التي قادها الراحل المهندس يحيى عياش، المتدرب على يد القيادي في «حزب الله» عماد مغنية؛ افتتح أعداء السلام مصنعاً للدم والجثث.

في الوقت نفسه، عمل اليمين الإسرائيلي بشكل منهجي على تقويض السلطة الفلسطينية، من خلال توسيع المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفرض قيود صارمة على حركة الفلسطينيين والنشاط الاقتصادي، ما عطل قدرتها على الحكم بشكل فعال. وزاد من تردي السلطة ما حفّ بها طوال السنوات من فقر مزمن في الشرعية وثراء في معدلات الفساد وسوء الإدارة.

ولعلها من المفارقات المرعبة اليوم أن من يتولى تدمير ما بقي من أفق للسلام ولفلسطين نفسها هما وريث يحيى عياش؛ أي يحيى السنوار، ووريث باروخ غولدشتاين؛ أي إيتمار بن غفير.

هل ذكرت لكم أن أولى مساهمات بن غفير كانت انتزاع الشعار المعدني لسيارة «كاديلاك» يملكها رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، وقوله: «مثلما وصلنا إلى هذه الشارة يمكننا الوصول إلى رابين»؟ أُردي رابين بعدها بـ3 أسابيع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن مع فلسطين وأنتم نحن مع فلسطين وأنتم



GMT 03:48 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الإمبراطور مكبَّلاً

GMT 03:47 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

أميركا والغرب ونقائض الخير والشر!

GMT 03:46 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

مصر وتركيا... وماء التفاؤل

GMT 03:45 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الجيش الإيراني... الحسابات والأخطاء التقديرية

GMT 03:44 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الطبقية الخطيرة المسكوت عنها

GMT 03:44 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

إسرائيل الموسّعة ولبنان الضيّق

GMT 03:43 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تخشى الانتحار

GMT 03:43 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

الحرب فى زمن الانتخابات!

النجمات العرب يتألقن أثناء مشاركتهن في فعاليات مهرجان فينيسيا

القاهرة - صوت الإمارات
دائما كان الحضور العربي قويا في فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي لعام 2024، حيث تألقت نجماتنا في مختلف الفعاليات وكانت الأناقة حليفتهن على السجادة الحمراء، حيث اخترن تصاميما راقية جسدت ذوقهن الرفيع في عالم الأزياء والموضة، وكانت من أبرز الأسامي الشهيرة الحاضرة في فعاليات مهرجان البندقية هذا العام كل من ريا أبي راشد، ونجود الرميحي، ولجين عضاضة، وديما الشيخلي وميساء مغربي وغيرهن. وريا أبي راشد أطلت بأناقتها المعتادة في حفل افتتاح الدورة الـ81 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي لعام 2024، حيث تألقت على السجادة الحمراء بفستان رقيق بلون كريمي ناعم حمل توقيع المصمم اللبناني المبدع جورج حبيقة، تميز بفتحة ياقة منحنية الحواف موصولة بعقدة جانبية مرصعة بالكريستال موصولة بكاب يلف العنق ثم يتدلى خلف الظهر بقصة طويلة تلامس السجاد�...المزيد

GMT 21:33 2014 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

إل جي تُعلن عن هاتف قابل للطي بنظام أندرويد

GMT 06:15 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

مذيعة التلفزيون المصري عزة الحناوي تنضمّ لقناة "الشرق"

GMT 19:18 2013 الثلاثاء ,24 أيلول / سبتمبر

إطلاق مقهى "ستاربكس Reserve" في الإمارات

GMT 18:48 2016 الأربعاء ,06 إبريل / نيسان

نائل العدوان يصدر "غواية"

GMT 14:20 2013 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

"أوليو" مطعم إيطالي جديد في "جميرا شاطئ المسيلة" الكويت

GMT 12:51 2013 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

مطاعم "ماكدونالدز" تنفي وجود إضرابات عمالية

GMT 01:54 2013 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

معرض المأكولات السعودي يسجل صفقات بأكثر من 68 مليون دولار

GMT 16:37 2013 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

صدور"سنوقد ما تبقى من قناديل" للكاتب عبد الغفور خوى

GMT 18:25 2013 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

مختبر السرديات يناقش "هالة النور" لمحمد العشري

GMT 23:54 2022 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

توقعات كارمن شماس لبرج الحوت عام 2023

GMT 07:20 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

استمتع بالطعام مجانًا في مطعم صيني إذا كنت وسيمًا

GMT 16:54 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

5 أماكن سياحية مصرية تمنحك متعة لا تُنسى في الطقس البارد

GMT 13:31 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

هوندا تُطلق سيارتها الكهربائية بشكل جديد هذا العام

GMT 19:08 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

تعرفي على طرق مختلفة لترتيب المطبخ الصغير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates