كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف؟!

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف؟!

 صوت الإمارات -

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف

بقلم : يوسف الديني

عالمنا اليوم يعيش لحظة من اللايقين السياسي حرجة، لكي لا نبالغ ونقول غير مسبوقة، لكن الجزء الغربي منه متمثلاً في الولايات المتحدة وأوروبا يحظى بنصيب الأسد من تلك الحالة، ويجب أن يحظى بالاهتمام الأكبر لدينا في منطقة الشرق الأوسط والخليج تحديداً، أخذا في الاعتبار العلاقة التبادلية والتأثير بين الدول الفاعلة في العالم، خصوصاً مع الصعود المتنامي لأهمية المنطقة ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية، فذلك يرشح تحديات ضخمة، وفي المقابل هناك فرص كبيرة على مستوى السنوات المقبلة بحاجة إلى رؤى استراتيجية واستباقية.

لا حديث اليوم في مراكز الأبحاث وخزانات التفكير سوى عن هذا التمدد الكاسح للفكر اليميني المتطرف ولأحزابه وممثله في أوروبا، إضافة إلى حالة الانقسام الكبير التي تعيشها الولايات المتحدة مشحونة بترهل وشيخوخة الحزبين المهيمنين على الحياة السياسية، ولولا قوة وصلابة المؤسسات وديناميكية المجتمع الأميركي لكانت التوقعات أكثر سوءاً.

في الشق الأوروبي لا تبدو الأوضاع سوى ترقب للحظة اليمين المرتقبة، لا سيما مع تراجع التأثير وضغط الاقتصاد وملف المهاجرين وتأثيرات الحرب الأوكرانية - الروسية وصعود الصين؛ ذلك أن انتصار الأحزاب الشعوبية مثل حزب «التجمع الوطني» الفرنسي، وحزب «البديل من أجل ألمانيا»، و«إخوان إيطاليا» في الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي هو حدث ضخم وجلل وانعطافة حادة نحو اليمين في الشارع السياسي، فالقادمون المحتملون ترمب الذي تعلو صورته قمصان أنصار حزب «رابطة الشمال اليميني» الإيطالي، وبيرني ساندرز، وجيريمي كوربين، ونايجل فاراج نجوم شباك لشعبوية لم تكن مفاجئة، لكنها تنمو بشكل متزايد ومتنامٍ في ظل حالة إنكار غربية وعدم طرح الموضوع على طاولة البحث والنقاش والدرس في منطقتنا بسبب انشغالها بأزماتها الخاصة.

الشعبوية الجديدة، إذا صح التعبير، ليست تلك التي نعرفها في الاتجاهات التقليدية السائدة في أميركا أواخر القرن التاسع عشر بوصفها جزءاً من احتجاج النقابات العمالية ضد عدم إشراكها في العملية السياسية، بل هي الآن تيار سياسي مكتمل الملامح تنازع الليبرالية الديمقراطية قيمها وأسلوبها، وربما تؤثر على إرثها العريق في العمل السياسي والمؤسساتي، كما أنها تقلص مساحة التعدد والتنوع للحد الذي يمكن معه ضعف وتلاشي أحزاب الوسط.

وفق مؤرخ الشعبوية أنطون جاغر، الشعبوية الممارسة هي مناهضة للسياسة بوصفها احتمالاً وفناً للممكن في عصر ما بعد السياسة الجماهيرية، كما أنها تشكك في النظام وليس في الأداء كما رأينا سابقاً دعوات مثل ساندرز لإصلاح «وول ستريت»، ومراجعة حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وتفكيك البنوك العملاقة وكل الاتجاهات العنيفة في نقد الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي أفرزها عالم ما بعد 2008 والانهيار للاقتصاد العالمي.

في مقابل اليمين والشعوبية هناك صعود للقوميات والهويات الوطنية في سائر أنحاء العالم والرغبة في الاعتماد على الذات، وإعادة التشكيل الجمعي لصياغة جديدة لمفهوم الأمة - الوطن، لكن ذلك يتخذ أشكالاً دوغمائية مثيرة للقلق، مثل تجربة مودي مع الهند، أو إردوغان تركيا أكثر من تعبيرها عن الهوية الجمعية والاستثمار في أبناء الوطن من دون تمييز، والأكثر تطرفاً وعنفاً ودموية قومية الاستئصال والمجازر التي تحاول إسرائيل فرضها بوصفها أمراً واقعاً على مرأى من العالم بمؤسساته الدولية والقانونية، ومن الدول الغربية التي تعيش سؤال الأسئلة مع موجات اليمين المتطرف حين يفكر في الاستئصال المتخيل عبر هذا الجنون في مقاربة ملف الهجرة بمقاربة تلامس حدود الفاشية، واستبدال معاداة السامية بـواسطة «الإسلاموفوبيا»، كما تفعل مارين لوبان في التخلص من إرث والدها وفق ملاحظة ذكية من موكول كيسافان في مقاله: «لماذا يسيء الغرب فهم الشعبوية؟».

المحتوى الساذج المتأرجح بين ثنائية الخير والشر، والتحريض المستمر الذي يجد سمعاً عند أنصار الشعبوية مع لحظة تراجع اقتصادي كبير، محاولة لمرحلة شرسة من الاستقطاب السياسي وتبعاته الأكثر تأثيراً، وهو عدم وجود رؤية خارج شعارات الشعبوية التي تحاول أن تقدم حلولاً زائفة لمشاكل أكثر تعقيداً في عالم مضطرب وفوضوي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف كيف نستعد لانبعاث اليمين المتطرف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates