أمن العراق والخليج بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي

أمن العراق والخليج: بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي!

أمن العراق والخليج: بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي!

 صوت الإمارات -

أمن العراق والخليج بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي

بقلم : يوسف الديني

في أول تصريح له في زيارته للمنطقة تحدث الرئيس جو بايدن لـ«الواشنطن بوست» بأن الشرق الأوسط أصبح أكثر استقراراً وأماناً، شارحاً ذلك بالمقارنات مع الفترة ذاتها إبان فترة الرئيس ترمب كما هو الحال دائماً في المقارنات الانتخابية، واللافت حينها أن المثال الذي ضربه بايدن للتأكيد على هذا التصريح الأقرب للدعاية الانتخابية منه إلى الواقع، هو العراق، مستدلاً بعدد الهجمات الصاروخية ضد المصالح الأميركية واستهداف الجنود والدبلوماسيين الأميركيين.

هذا المقياس نقطة كاشفة في فهم إشكالية كبرى في المقاربة السياسية لملفات المنطقة يمكن وصفها بـ«سياسات الاختزال»، ومنها هنا اختزال مسألة الاستقرار ليس بالحالة السياسية أو إدارة الحكم في بلد مثل العراق يعاني من تغليب «منطق الدولة» في ظل الأدوار الكارثية التي تلعبها الميليشيات المدعومة من طهران في الداخل والتي اقتضت من مقتدى الصدر أن يصرح بعروبة البلاد وسيادته... العملية السياسية مهددة في العراق بما لا سابق له، واحتمالية انفجار الأوضاع والعودة إلى مربع العنف مرشح أكثر من أي وقت مضى، ولعلنا نتذكر مشهد بدايات تشكّل جيش المهدي 2003 ثم تحول في مقاربات الصدر نفسه السياسية وهو الذي يطرح نفسه اليوم مكافحاً للفساد وداعياً إلى استعادة السيادة العراقية من طهران والولايات المتحدة على حد سواء.

«الحشد الشعبي» والقوات التابعة لنظام طهران هو لبّ الأزمة، سواء استهدفت الولايات المتحدة أو تم تكليفها بالتهدئة بسبب الاتفاق النووي الوشيك؛ فهي في النهاية ككل الأذرع الإيرانية خارج حدود إيران تعمل لصالح أجندة السياسة الخارجية وتلبس قناع المكون السياسي ولصالح «الحرس الثوري» في حالات التأزيم. كلنا يتذكر أن «عصائب الحق» وكتائب «حزب الله العراقي» هي من استهدفت الأكراد بالطائرات المسيّرة، بل قامت بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الكاظمي، ثم يتم اختزال الحالة العراقية اليوم وهي تمر بلحظة «انسداد تاريخي» في مسألة عدم استهداف المصالح والجنود الأميركيين!

الانسداد السياسي يعني بالضرورة تعاظم نفوذ إيران في العراق من دون قدرة الولايات المتحدة على إحداث فارق أو تغيير الحالة السياسية المتردية

بحسب ديفيد شينكر، الخبير في الملف الإيراني والمنطقة بمعهد واشنطن للسياسات، هناك سياسات لامبالاة من قِبل إدارة بايدن ستمنح إيران مجدداً اليد العليا في العراق، ولا أدل بحسب ورقته الأخيرة سوى غياب انخراط إدارة أميركية رفيعة المستوى في محاولات العراق لتشكيل حكومة بعد الانتخابات، وهو ليس مجرد إغفال غير مقصود، بل قرار اتخذ عن سابق تصور وتصميم، وبحسب ما نقله عن أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن كانت خطة الإدارة الأميركية تقضي بـ«ترك العراقيين ليحلّوا مشاكلهم بأنفسهم»!

حالة التخلي والاختزال في ملف حساس جداً كالعراق تباهت الإدارات الأميركية المتعاقبة في التعامل معه كمنجز ديمقراطي في المنطقة يجعل صفارات الإنذار والحذر من المقاربة الهشة للمنطقة، فأمن العراق والخليج والمنطقة مرتبط تماماً بمستوى وعمق حالة التخلي والاختزال، إضافة إلى عدم طرح مسألة السلوك الإيراني بشكل واضح يعالج المخاوف الحقيقة والجادة لحلفاء الولايات المتحدة... التوصل إلى اتفاق نووي سيضغط على الحالة العراقية، فالعراقيون الذين رفضوا هيمنة الملالي على بلادهم يتم التخلي عنهم حيث باتوا لا يشكلون أولوية الإدارة الحالية.

بالنسبة لدول الاعتدال في المنطقة، وعلى رأسها السعودية، فهي كما كانت لا ترى في الاتفاق النووي أنه هدية أوباما الثمينة من قبل، فهي اليوم أكثر صرامة في نقد حالة الاختزال الأميركية، بسبب إدراكها بأن عمق الأزمة هو في السلوك الإيراني.

الاتفاق النووي، إن تم، فهو يأتي في سياق رؤية سياسية نفعية تطمح إلى تحقيق مصالحها في المنطقة، مع ضمانة غير واضحة وهي منع إيران من امتلاك السلاح النووي طيلة فترة الاتفاق المقدرة بـ15 سنة وبرقابة دولية، وبالتالي تنتفع إيران من إعادة فتح أسواقها أمام الشركات العملاقة وما تمثله من إنعاش للاقتصاد الإيراني.

المقاربة الأميركية التي دشنها أوباما ويحذوها بايدن اليوم، هي أن الانتعاش الإيراني سيكفل الضغط على المحافظين والمتشددين، صقور الملالي، وتتم إعادة تكراره اليوم في الخطاب الاستراتيجي المصاحب للمفاوضات في محاولة لتضخيم تأثيرات انتعاش الأسواق الإيرانية على خنق تيار الصقور، إلا أن المسكوت عنه هو أن الاتفاق النووي من جهة أخرى اعتراف بحجم إيران وتأثيرها في المنطقة، ورغبة أميركية حفزها تولي أوباما في التخفف من ضغط ملفات المنطقة، وتقليص حجم التدخل العسكري الأميركي إلى أقصى حدوده.

لم ولن يكون الاتفاق النووي شيئاً ذا بال، لو تم امتلاكه من دولة غير ثورية، بمعنى تلك الدول التي ليس لها طموح توسعي بقدر الحفاظ على مصالحها، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، ومن هنا يمكن تفسير الفزع من الاتفاق النووي، فهو لا يرى في إيران غير وجهها الثوري المصدّر للثورة والأزمات وتقويض الدول وإحياء المعارضات بأنواعها، بل والتحالف مع مكونات متجذرة كالإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي... ليس الأمر كما يبدو مجرد اتفاق مبدئي وبعده يتناول القهوة من ستاربكس والبيغ ماك من ماكدونالدز وتعم البهجة الإقليم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمن العراق والخليج بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي أمن العراق والخليج بين مقاربة بايدن وأوباما للاتفاق النووي



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates