حل «القاعدة» موسم الانشقاقات وحروب الشرعية

حل «القاعدة»: موسم الانشقاقات وحروب الشرعية

حل «القاعدة»: موسم الانشقاقات وحروب الشرعية

 صوت الإمارات -

حل «القاعدة» موسم الانشقاقات وحروب الشرعية

بقلم : يوسف الديني

بعيداً عن منصات الإعلام وشاشات الأخبار تعيش التنظيمات الإرهابية المتطرفة حالة من التشظي والانقسامات عقب مقتل الظواهري كان آخرها بروز «هيئة تحرير الشام» وخطابات تأسيسية لاستعادة الشرعية من قبل أبو محمد الجولاني فيما يشبه «مانفيستو» إعادة بناء دولة في إدلب وجسر الشغور. الأكثر إثارة ما قام به القيادي البارز أبو ماريا القحطاني «ميسر بن علي الجبوري» الذي خدم في الشرطة العراقية سابقاً وتطوع في «فدائيي صدام» حيث أصدر رسالة طويلة في حسابه على تلغرام، المنصة الرقمية التي تنشط فيها التنظيمات، وجاء في الرسالة مطالبة بحل تنظيم «القاعدة» عقب مصرع أيمن الظواهري في 31 يوليو (تموز) الفائت وذلك بحسب رؤيته بسبب أن المرشح الرئيسي لخلافته موجود في إيران، ودعا إلى نموذج بديل للجهادوية التي تتلبس حالة الدولة وتعمل على مشروعها الخاص بعيداً عن استقطاب إيران ومشروعها.

نصيحة الجبوري لقيت ردود فعل ونقاشات وصخباً كبيراً على حسابات «القاعدة» بسبب أن رسالته تعبر عن انشقاق مؤثر لشخصية قيادية انتمى إلى التنظيم وعمل فيه لأكثر من عقد ونصف عقد، وهو ما يلقي بظلاله على سيناريوهات مفتوحة على مستقبل تنظيم «القاعدة» في ظل عودة نشاط «داعش» والأكثر تأثيراً هو محاولات «هيئة تحرير الشام» تكرار تجربة «داعش» ببناء أجهزة تتلبس شكل الدولة ومسمياتها ولكن ليس على طريقة دولة الخلافة وإنما دولة مستقلة.

شخصية أبو ماريا لافتة للانتباه ومادة خصبة للباحثين في الحروب الأهلية بين التنظيمات المقاتلة والجماعات الإرهابية بسبب تكوينه العسكري والشرعي، حيث انتقل في بداياته إلى تنظيم «القاعدة في العراق» وعمل مع أبو مصعب الزرقاوي في جماعة «التوحيد والجهاد» وشارك في معارك الفلوجة المبكرة قبل إصابته في الموصل عام 2004 وسجنه ثم الإفراج عنه بعد سنتين ليعين في منصب مزدوج مسؤولاً شرعياً ومنسقاً للعلاقات بالقبائل، وفي أول إعلان لدولة الخلافة في العراق عمل مستشاراً في مناصب رفيعة، وبعد اعتقاله الثاني قرر رفض مناصب تنظيم «داعش» والانتقال إلى سوريا وارتبط بأبي محمد الجولاني الذي أسس «جبهة النصرة».

الدور البارز للجبوري كان في إدارة الصراعات بين الجماعات الجهادية على مستوى النقاشات حول الشرعية حتى إنه لقب بـ«قاهر الخوارج» في إشارة إلى جهوده في التحذير من «داعش» ودفع شبهات المتحولين إليها والدفاع عن مسيرة وسمعة «القاعدة» باعتبارها الراعي الأول للحركية الجهادية لكنه عاد مؤخراً وربما مع منتصف 2017 لينتقد تنظيم «القاعدة» والظواهري بسبب عدم وضوح موقف الظواهري من تنظيم «داعش» وأن تنظيم «القاعدة» يعيش أيامه الأخيرة ويكاد يخرج من المشهد لصالح التحول إلى مظلة وعلامة جهادية «Brand» تجمع تحتها العديد من التنظيمات الصغيرة المحلية في الصومال وشمال أفريقيا وأجزاء من أفغانستان وتقتات على السمعة السابقة في ظل غياب الرمز وبقاء الكثير من القيادات في كنف ملالي طهران.

قرابة 150 ألف متابع لقناة أبو ماريا تلقوا نصيحته التي سجلها على جزأين دعا فيها إلى أن يحل تنظيم «الإخوان المسلمين» أنفسهم وكذلك «القاعدة» بسبب ما وصفه بخيبة الأمل والفشل وأن كل آمال القاعديين سراب بسبب أن سيف العدل تحت الإقامة الجبرية في طهران ولا يمكن أن يمنح شباب «القاعدة» بيعتهم إلى «غائب منتظر» في إيران حسب وصفه.

ردود الفعل الرسمية من منظري التطرف غير المنخرطين في العمل القتالي، وتحديداً المقدسيين أبو محمد وأبو قتادة بالأردن، اقتصرت على تمرير الخبر من دون التعليق عليه، ما يشير بحسب ويليام ماكانتس صاحب منصة Jihadica الشهيرة إلى تراجع تنظيمي وارتباك آيديولوجي كبير، خصوصاً مع أن كل الردود على الجبوري من معرفات وشخصيات مجهولة.

التوقيت مهم جداً في قراءة اشتداد أوار هذه الحروب الأهلية على الشرعية بين التنظيمات الإرهابية وشخصياتها القيادية، هناك ما يشبه إعادة تموضع Repositioning في أفغانستان ومحاولة اختطاف الشرعية في ظل حالة الفشل مع طالبان وملاسناتها مع المجتمع الدولي من جهة وتحديات انفلات الوضع مع صعود تنظيم «داعش»، إضافة إلى عودة جزئية لنشاط «هيئة تحرير الشام»، خصوصاً في إدلب وجسر الشغور.

التاريخ الطويل لانبعاث وتجدد نشاط التنظيمات المتطرفة ما بعد الانسحاب من مناطق التوتر ينعش استراتيجية ما يمكن تسميته «تبادل الأدوار» بين التنظيمات المقاتلة، خصوصاً في طريقة تعاطيها السياسي مع الأحداث المتغيرة الذي يخضع عادة إلى الواقعية الحذرة مع المتغيرات على الأرض.

هناك مشكلة في قراءة الانحسار والعودة سواء للتنظيمات الإرهابية أو حتى جماعات الإسلام السياسي مرتبطة بغياب الحضور الإعلامي وتصدر منصات الأخبار، لكن المشكلة في جذرها الأعمق هي في النظر إلى التنظيمات ونشاطها وليس إلى الأفكار والدوافع، وكلاهما لا يعيش حالة قارة ومستقرة بل تتشكل هذه الحركية بحسب الظروف والمناخات وبقاء العوامل التي تسهم في ولادتها ونشأتها وصعودها، علاوة على تأثرها بالمناخ العام في بلدان غير مجاورة للمناطق الملتهبة؛ ذلك أن المقاتلين المنخرطين في العمل المسلح منذ تحولهم إلى كتلة مفارقة ومتمايزة عن أية ظاهرة مشابهة منذ لحظة تشكلهم الأولى قبل عقود في أفغانستان، لا ينظرون إلى الحدود إلا كعوائق أمنية للانتقال بسلاسة في تحقيق الهدف العام، وهو التجنيد والفاعلية القتالية أو الانتظار حتى تحين الفرصة مع الجهوزية الكاملة آيديولوجياً وعسكرياً مما يعرف في أدبيات التنظيمات الإرهابية بـمرحلة الإعداد.

والحال أن كل القراءات التفاؤلية عن أفول أو نهاية الإرهاب أو حتى كمونه، لا تنظر إلى الصورة الكاملة للظاهرة التي تتجاوز الأطر السياسية والأمنية، ولا يمكن فهمها بشكل كامل إلا بقراءة عميقة للجريمة المنظمة بأبعاد فكرية تقدم عليها مجموعات من الأشخاص بكامل إرادتها، بل وتتعدى كل الضغوط والتحديات للوصول إلى تلك المجتمعات في مناطق التوتر والانخراط في سلوك جمعي لممارسة العنف وإصباغها بشعارات ومبررات ساذجة تأخذ طريقها إلى المحبطين من واقعهم ولديهم اضطراب في سلم القيم ومفهوم الهوية. وللحديث بقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حل «القاعدة» موسم الانشقاقات وحروب الشرعية حل «القاعدة» موسم الانشقاقات وحروب الشرعية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates