ما بعد زيارة بايدن شرق أوسط متجدد

ما بعد زيارة بايدن: شرق أوسط متجدد

ما بعد زيارة بايدن: شرق أوسط متجدد

 صوت الإمارات -

ما بعد زيارة بايدن شرق أوسط متجدد

بقلم : يوسف الديني

تضارب وجهات النظر في الداخل الأميركي عقب زيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة، جزء من فوضى «التأويلات السياسية»، وهي ظاهرة مثيرة للانتباه؛ حيث الانشغال عن الخطوط العريضة للزيارة، وهدفها الرئيسي المتمثل في إعادة موضعة الحضور الأميركي في الشرق الأوسط، إلى التفاصيل الصغيرة الشكلانية حول الزيارة، وبالتالي أنتج ذلك تضارباً كبيراً في تقييم نجاح الزيارة، في الصحافة الأميركية وتقارير مراكز الأبحاث.

الإشكالية في الأساس -إذا ما حاولنا القراءة السياسية للتقييم- هي في معضلة ثنائية «الاتصال والانفصال» في السياسة الأميركية ما بعد مرحلة دونالد ترمب، وما مثله من شعبوية جارفة وإعادة تعريف شخصيته كممثل لتيار عريض في الداخل الأميركي، حتى تحول إلى ما يشبه العلامات السياسية الفردانية المتجاوزة للحزب Re Branding، وبدا ذلك واضحاً في تعليقاته على «تويتر» حول قضايا الجندر، وتقييم الزيارة، وصولاً إلى مرض الرئيس.
الأكيد أنه من المبكر قراءة النتائج الكاملة؛ حيث لا تزال في حيّز ردود الفعل الأولية منها إلى تقديرات الموقف أو التحليلات المعمقة من قبل مراكز البحث والاستطلاع وخزانات التفكير؛ لكن المؤشرات على أنها لم تحقق إنجازات لافتة بالنسبة لجمهور حزبه، عطفاً على الجدل الذي سبق الزيارة.
في السعودية، القصة مختلفة تماماً؛ فهناك إجماع؛ ليس في الداخل السعودي أو المنطقة؛ بل في حجم التعليقات القادمة من الولايات المتحدة، والتي يمكن قراءتها بين السطور، حول نجاح سعودي كبير، والأهم بدء تكوّن مفهوم جديد عن التحول السعودي الكبير، وأهمه -كما تعبر التقارير الغربية- أن دول الاعتدال بقيادة السعودية أصبح لديها منطقها الخاص، وبدأت تتصرف بناء على أولوياتها، بحسب تعبير أحد تقارير مركز «معهد كارنيغي للسلام» الدولي: «لم يعد الشرق الأوسط مجرد ساحة مفتوحة على مصراعيها أمام تجاذبات القوى الدولية العظمى».
السعودية اليوم حصدت من الزيارة الأخيرة مكتسباً بات قابلاً للتصدير والاستلهام والتعميم من بقية دول المنطقة، يخص مفهوم السيادة، ويتجسد في «التصرّف وفق ما تمليه المصالح الخاصة» وفي التوقيت الذي تراه، وكان هذا واضحاً على مستويين: المستوى الأول في مسألة فك الارتباط بين ملف الطاقة والسيادة السياسية؛ حيث لم يستطع بايدن انتزاع أي وعود من الخليج بزيادة الإنتاج. وفي ملف آخر يعكس حجم الأوزان السياسية وثقل المملكة، وهو عدم الرغبة في خوض حرب مع إيران، أو ربط مسائل متصلة بسياسات الأجواء اللوجستية مع قصة يراد طرحها بشكل اعتباطي ومرتجل، كالملف الفلسطيني أو دعاوى التطبيع.
على مستوى الشعارات، كانت السعودية واضحة ومحددة حول تباين القيم، ولذلك نقلته على المستوى الرمزي والعملي إلى مستوى نجاح جديد، يراعي التفاصيل الصغيرة، «افتتاحية» القمة: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، والتي تحولت إلى رمز بصري في أيقونة وزارة الخارجية، وهو ما قاد عملياً إلى ردة فعل كثر الحديث عنها سابقاً، عن محورية «القيم الأميركية» في السياسات الخارجية، وهو ما عجزت -بحسب تعبير المقيمين في الولايات المتحدة- إدارة بايدن عن طرحه؛ بل على العكس بات واضحاً مسألة تقديم المصالح على القيم، في مقاربة زيارة إسرائيل، وحالة شيرين أبو عاقلة كمثال كاشف. وكان الموقف السعودي والإقليمي واضحاً في ضرورة تبني موقف واضح ليس في الحالات والملفات الخاصة؛ بل في الصورة الأكبر «النزاعات الدولية»، وعدم التحيّز أو المقاربات المزدوجة.
على مستوى الاستراتيجيات العامة للعلاقات الدولية، لم تعكس الزيارة من طرف بايدن ما تحدث عنه من «ضبط إيقاع» للشرق الأوسط المضطرب؛ بل عبرت الزيارة عن حالة استجابة وردة فعل تجاه تحديات فرضتها الأزمة الروسية- الأوكرانية، والصعود الصيني، والمنافسة الشرسة مع التنين.
وإذا كان من نجاح على مستوى التواصلية السياسية، فإن النجاح الكبير لقمة جدة كان في قطع شريان «التكهنات»، وما يتبعها من قصص واستيهامات ومبالغات باتت وقود التضليل للصحافة الغربية التي تسعى للربحية، بعد امتلاكها من شخصيات تدرك حجم الاستثمار وقيمة المحتوى الذي يستهدف بلداً بحجم المملكة، من دون أمل في التأثير؛ خصوصاً مع حجم المناعة السعودية على كل المستويات. لا شيء غامضاً اليوم في المنطقة التي تدرك أولوياتها جيداً حتى ما يمكن استغلاله لاحقاً. إذا ما انخفضت أسعار النفط بات المتابع العادي يدرك أنه ليس بسبب رهانات سياسية، وإنما سيكون في الغالب بسبب مخاوف الركود، كما أن التغنّي بشعارات «المناخ» من دون أن يكون خطة دولية جادة لإنقاذ الكوكب، سيظل بلا تأثير، مثل إراقة الحبر على «مصافحة القبضة»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد زيارة بايدن شرق أوسط متجدد ما بعد زيارة بايدن شرق أوسط متجدد



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates