بين السيادة والتحالفات تحولات عميقة للأوزان السياسية

بين السيادة والتحالفات: تحولات عميقة للأوزان السياسية

بين السيادة والتحالفات: تحولات عميقة للأوزان السياسية

 صوت الإمارات -

بين السيادة والتحالفات تحولات عميقة للأوزان السياسية

بقلم : يوسف الديني

الأوزان السياسية مفتاح مهم اليوم لفهم العودة إلى السعودية من قبل القوى الدولية، وهذا مما لا تخطئه عين المراقب للإيقاع السريع على مستوى العلاقات الدولية، والتحركات الدبلوماسية الحثيثة صوب الرياض.

اليوم، تمضي السعودية بخطوات وثّابة في سباق الاستقرار ودولة الرفاه عبر حصد المزيد من النجاحات الحقيقية على مستوى التأثير في اقتصادات الدول الكبرى والأسواق العالمية من خلال اقتناص كل الفرص لبناء شراكات استراتيجية تصب في صالح الاقتصاد الوطني، الذي تشير كل الأرقام الدولية إلى تعافيه بشكل متسارع بعد أزمة «كورونا»، وقدرته في ظل الطلب المتزايد على النفط على بعث رسائل مطمئنة للأسواق الدولية، لكن الأهم هو أن إعادة موضعة ثقل ووزن السعودية السياسي مرتبطة بقدرتها على التأثير وبتحولها إلى نموذج للتوازن والعقلانية السياسية في الأزمات، بدا ذلك واضحاً في مقاربتها المتجددة دائماً في الملفات الإقليمية والعلاقة بالجيران، ومد اليد والدعوة للحوار، إضافة إلى إعادة التقييم السريع للمناطق التي تعيش تحولات سياسية من إيران إلى لبنان إلى العراق وتركيا، هناك دائماً حيوية وفاعلية على خلق توازن استراتيجي بحسب المعطيات الجديدة، مع ثبات في الموقف السعودي العام للركائز المتصلة بالسيادة والتحالف المبني على الثقة المتبادلة.
هناك انتصار للنجاحات الداخلية والاستقرار على تحديات التحولات العالمية، ولعبت ملفات الطاقة والمناخ والاقتصاد والقدرة على تخفيف الضغط لمعضلات الإمدادات، دوراً مهماً، إلا أنَّ القصة السعودية اليوم تبدأ من الداخل، وكان آخرها النجاحات الضخمة التي يحققها «جيل رؤية 2030» في السباقات الدولية، والرسائل التي يبعثها الشباب في المجتمع السعودي للعالم عن نفسه؛ تلك الرسائل تصل إلى صناع القرار والمستثمرين ومراكز الأبحاث بشكل أسرع نفاذاً، لأنها تعكس تحولاً غير مسبوق في ذهنية الشباب في موضوعات التعليم والأعمال الناشئة والمبادرات والمساهمة في الفنون، وفروع الثقافة، إضافة إلى ارتباط عميق بملفات الهويّة والإرث المعنوي، وهي دعائم لوطنية مرتبطة بمفاهيم ومحتوى يعززها وليس بخطاب عاطفي مرتبط بالمناسبات الموسمية.
هناك اليوم صعود لخطاب وطني مبني على مفردات الرؤية ومشاريعها ولغتها واشتراطاتها، أكثر من كونه مجرد مشاعر جياشة.
منطق الأوزان السياسية اليوم كان سبباً لإعادة موضعة السعودية (Positioning) كتجربة سياسية تستقطب الحلفاء، كما تعيد تقييم سياسات خارجية أخطأت فهم الركائز السعودية، من واشنطن إلى إسطنبول مروراً بطهران هناك حالة من تغييرات تقييم سياسي ضخمة انحازت إلى الواقعية السياسية ومنطق الأوزان أكثر من ركونها لمواقف أو شعارات لحظية تعبر عن ردة فعل، ومن هنا شكّل الثقل السعودي حبل نجاة سياسياً/اقتصادياً لكثير من الأنظمة المتأرجحة تحت استحقاقات قادمة، مثل انتخابات تركيا التي اقتضت سياسات أخرى إضافية، منها إعادة التفكير في ملف الإسلام السياسي أو الخروج من مأزق الانحياز لطرف في ليبيا، أو دعم أي طرف من دون آخر في مناطق التوتر، وهو ما سيفرض لاحقاً على طهران إن اختارت منطق الأوزان السياسية، إعادة النظر في مشروعها التقويضي العابر للحدود.
الأوزان السياسية أيضاً لها دورها في إعادة تدعيم التحالفات القائمة على منطق الدولة، وأبرزها التحالف بين دول الاعتدال، وفي مقدمتها السعودية ومصر، هذه التحالفات تسهم في الحد من النزاعات الإقليمية، وتأسيس رؤية مشتركة لحل الملفات العالقة، وأيضاً التنافسية في دعم سياسات السوق والتجارة الحرة، وريادة الأعمال، والاهتمام بملفات التعليم وجودة الحياة ومشاريع البنى التحتية والأمن الغذائي، وكلها استحقاقات باتت لا تقل أهمية عن الجوانب الدفاعية.
اليوم درس «الأوزان السياسية» الذي تقدمه السعودية واضح وجلي، سواء للدول الكبرى التي تحاول الأحزاب الحاكمة تمرير أجندتها الداخلية أو رؤاها للنزاعات الدولية، أو حتى لدول المشاريع الشمولية كإيران التي يسعى مشروعها لتهديد استقرار الدول، هذه الدول تدرك أنها قد أوراقها التفاوضية والقدرة على التأثير والفعل السياسي الذي يتطلب قوة اقتصادية ورؤية صادقة وبعيدة المدى، إذا لم تدرك استحقاقات الأوزان السياسية والتحولات في منطقة الشرق الأوسط.
ما تهدف إليه دول الاعتدال وفي مقدمتها السعودية، هو بناء علاقات إقليمية وسيادية قائمة على الاحترام المتبادل، كما يتطلب ذلك حسماً مضنياً في الموقف من التدخلات السيادية وملفات الإرهاب والعنف والأمن الحدودي، وخطابات التحريض والاستهداف والمعارضات الممولة تحت رافعات حقوقية.
خلاصة القول، تملك السعودية أوراقاً تفاوضية عالية القيمة، ويكفي مساهمتها الفاعلة في النهوض بالعديد من الدول التي مسّتها رياح التغيير في الربيع العربي أو بعده، لأسباب اقتصادية من دون أي إملاءات سياسية، وهذا بدوره ألقى بظلاله على ثقل كفتها ووزنها السياسي الذي يمكن أن نحصد بعض نتائجه اليوم، وإن كان بشكل براغماتي للأسف بسبب حرب أوكرانيا وروسيا، وفي النهاية يتقدم الواقع دائماً بخطوة ليفرض إيقاعه الجديد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين السيادة والتحالفات تحولات عميقة للأوزان السياسية بين السيادة والتحالفات تحولات عميقة للأوزان السياسية



GMT 02:30 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السادة الرؤساء وسيدات الهامش

GMT 02:28 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين (10)

GMT 02:27 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

من يفوز بالطالب: سوق العمل أم التخصص الأكاديمي؟

GMT 02:26 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

روبرت مالي: التغريدة التي تقول كل شيء

GMT 02:24 2022 الأربعاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

السعودية وفشل الضغوط الأميركية

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates