إيران وقناع الدولة استراتيجية التضحية بالأذرع

إيران وقناع الدولة... استراتيجية التضحية بالأذرع

إيران وقناع الدولة... استراتيجية التضحية بالأذرع

 صوت الإمارات -

إيران وقناع الدولة استراتيجية التضحية بالأذرع

بقلم : يوسف الديني

كيف يمكن قراءة السلوك الإيراني في مقاربة طهران للمنطقة باعتبارها اللاعب الرئيسي في التأزيم من خلال الاستثمار في الأذرع الميليشياوية من «حزب الله» في لبنان إلى المئات من التنظيمات في العراق، ثم الحوثيين في اليمن الذين يتلبسون شكل الدولة؟

في البداية، إيران تقيّم أذرعها من حيث الأهمية، والمقامرة بوجودها بحسب الأهمية، لديها الحوثي في سلم الترتيب، ثم التنظيمات العراقية، ثم «حزب الله». وبفهم هذه التراتبية يمكن معرفة لماذا تنشط الأذرع بطريقة انتحارية تهدد وجودها، في حين يحاول ذراع كـ«حزب الله» أن يتواءم مع حالة عدم توسيع الجبهات والانتقال إلى حرب شاملة كما هي الحال بطهران.

حالة التبرؤ من عمليات الأذرع وارتداء قناع الدولة وخلع الثورة من قبل طهران أمر مرهون باللعب على الوقت الطويل، وهي استراتيجية حائك السجاد الذي يفضل الصبر والانتظار، في مقابل استراتيجية الوجبات السريعة المعبرة عن ردّات فعل القوى الغربية تجاه استهداف جنودها وقواعدها.

ومن هنا، لفهم هذه المعادلة يمكن أن نقرأ نتائج حالة التنصل من تبعات الأذرع الميليشياوية على إيران الداخل، فهي اليوم استطاعت خنق الاحتجاجات الجماهيرية ورفع مستوى الحس القومي حتى لدى المجموعات والنخب التي لا تنتمي إلى آيديولوجيا «الملالي»، سواء من أحزاب اليسار أو شخصيات النخبة في الغرب الذين يشكلون قوة ضغط في تقديم إيران لاعباً أساسياً في المنطقة.

وفي المقابل استطاعت طهران تحفيز الوضع الاقتصادي بوتيرة نمو معقولة، كما أنها تحاول الاستثمار في شعارات الممانعة والمقاومة من خلال نتائج عمل الأذرع وتفاعلها مع الأزمة في غزة، وبالتالي تضخيم صورتها حتى في الداخل، أو بحسب تعبير مدير الأبحاث في معهد واشنطن باتريك كلاوسن في ورقته «تسويق العدوانية لردع الداخل»، فـ«كل عمل سياسي مردّه داخلي».

على الضفة الأخرى، ما زال الارتباك الغربي، وفي مقدمة ذلك مقاربة إدارة بايدن التي بدأت تعلو الأصوات في الداخل الأميركي بنقدها وصولاً إلى تثويرها ضد ضربة لإيران، في تصاعد كبير لدرجة أن ثمة من يعود لنظريات المؤامرة حول تمكين طهران من المنطقة، لكن الواقع أن اعتقاد الإدارة الأميركية بأن ممارسة الضغط على طهران عبر العقوبات الاقتصادية أثبتت فشلها، فالاقتصاد الإيراني لم يقترب حتى من حالة الخطر، بل على العكس تماماً بسبب ازدياد الصادرات النفطية في مقابل انخفاض معدل الاعتماد عليه داخلياً.

وبحسب توقعات «صندوق النقد الدولي» التي أشارت إليها الورقة، فإن عام 2024 سيكون العام الثالث على التوالي الذي ينمو فيه «الناتج المحلي الإجمالي» الإيراني بشكل أسرع من ذلك في الولايات المتحدة! بل من المتوقع أن يستمر الأمر على هذا المنوال في عام 2025، والمفارقة وفقاً للتقرير أنه من المتوقع أن ينمو الدخل القومي الإيراني التراكمي بنسبة 12.1 في المائة في الفترة بين عامي 2022 و2024 مقابل 6.1 في المائة للولايات المتحدة.

وبهذا يصبح أداء إيران متجاوزاً لاقتصادات أوروبا واليابان التي تنمو بوتيرة أبطأ من الاقتصاد الأميركي خلال هذه المدة الزمنية، وإن كان الجميع في إيران وخارجها يدرك أن هذا النمو النسبي ينعكس على «الحرس الثوري» الإيراني والمجموعات المرتبطة بالنظام وليس على الشعب الإيراني، وهو العامل الوحيد الذي قد يؤدي مع الوقت إلى تذمر عامة الإيرانيين في الداخل، لكن الأكيد أن السيطرة على وضع الاقتصاد، وضبط الحالة الداخلية أمنياً، والكثير من الوقت مع استمرار ارتداء قناع الدولة ومنطقها... ستقلص من احتمالية أي استجابة من طهران للضغط الدولي، كما أن قدرتها على المراوحة بين الشعارات المقاومة وتعرض شخصيات قيادية في «حرسها الثوري» ونظامها إلى اغتيالات، يعني المزيد من التضحية بالأذرع الأقل فالأقل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وقناع الدولة استراتيجية التضحية بالأذرع إيران وقناع الدولة استراتيجية التضحية بالأذرع



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان
 صوت الإمارات - عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 09:01 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

يبشرك هذا اليوم بأخبار مفرحة ومفيدة جداً

GMT 17:54 2017 الأربعاء ,11 تشرين الأول / أكتوبر

زيت النخيل مفيد لكن يظل زيت الزيتون هو خيارك الأول

GMT 04:49 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

وحيد إسماعيل يعود لصفوف الوصل

GMT 19:51 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

شركة "سامسونغ" تحدد موعد إطلاق أول هواتفها القابلة للطي

GMT 22:19 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

تعرف إلى خطة مدرب الشارقة لمواجهة الوحدة

GMT 03:33 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

لقاء ودي بين محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي

GMT 02:31 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تحمى طفلك المريض بضمور العضلات من الإصابة بفشل التنفس ؟

GMT 03:01 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

معرض جدة الدولي للكتاب يسدل الستار على فعالياته الثلاثاء

GMT 11:49 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

بلدية العين تنفذ حملات تفتيشية على 35 مقبرة

GMT 21:50 2014 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

جينيف سماء ملبدة بغيوم الحنين والبهجة

GMT 22:54 2013 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"سامسونغ" تُطلق ذراع تحكم بالألعاب لهواتف أندرويد

GMT 10:58 2013 الثلاثاء ,23 تموز / يوليو

"كلاكيت" رواية جديدة للكاتب محمد عبد الرازق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates