حضرة صوفية في جلسة سياسية

حضرة صوفية في جلسة سياسية

حضرة صوفية في جلسة سياسية

 صوت الإمارات -

حضرة صوفية في جلسة سياسية

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

الحفاظ على تحالف ما يُسمّى محور المقاومة، مع بعضه، هو بحدّ ذاته «عقيدة» يجب الحفاظ عليها، بصرف النظر عن حقيقة أو زيف هذا الشعار، بعيداً عن معنى المقاومة، وبعيداً عن حقيقة الإيمان العميق بفكرة السلم والسلام.

إيران الحالية، تتشبَّث بمثل هذا الخطاب، الملحمي، تحت قيادة نخبة من المؤمنين بمقولات مغلقة، تجعل فكرة «المقاومة» و«نصرة المستضعفين» رأس حربتها، لتبرير وتسويغ وتسويق التدخل في شؤون الدول العربية وتفاصيلها الداخلية، وإباحة هذا التدخل تحت هذا الشعار «المقدّس».

الواقع أنَّ هذا «وجه» ضمن وجوه كثيرة للنظام الإيراني، والقصة أكثر تعقيداً من اختزالها بمثل هذه المقولات العاطفية الحماسية الخطابية المغلقة.

لا يوجد خطاب سياسي اجتياحي «فجّ» يعبّر عن أغراضه الحقيقية الصلعاء، هكذا، لا بد من «غِلالة» رقيقة من الكلمات اللطيفة والشعارات النظيفة... هكذا كان الاستعماريون القدماء، يفعلون، فهم ليسوا قوات احتلال واستيطان وسيطرة على الموارد، والجغرافيا، لا، هم قوة مساعدة لتقدّم وتحضّر الشعوب الواقع عليها فعل الاستعمار والانتداب... الاتحاد السوفياتي أيضاً لم يكن قوة استباحية توسعية، تنافس القطب الغربي، لا، هم قوة أخلاقية لنصرة الطبقات المسحوقة ضد قوى الإمبريالية الرأسمالية المتوحشة... وهكذا على دربٍ طويل من الأغشية الأخلاقية لفعل سياسي دنيوي بحت.

في اللقاء الأخير، قبل أمس الخميس، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لدى استقباله الرئيس السوري بشار الأسد، إنَّ المقاومة هي الهوية المميزة لسوريا، ومكانة سوريا الخاصة في المنطقة - حسب المرشد الإيراني - متميزة بسبب تلك الهوية، ويجب الحفاظ على هذه الميزة المهمة.

هذه الهوية أيضاً، كما يقول السيد خامنئي، أسهمت دائماً في تحقيق الوحدة الوطنية السورية! ولستُ أعلم كيف يتصّور رجل الحوزة الدينية، قبل أن يكون رجل السياسة، الذي يعرف اللغة العربية جيداً، ويتذوق شعرها، معنى الوحدة السورية الكاملة!

من التعليقات المهمة في هذا اللقاء، قول خامنئي: «في الاجتماع الأخير للقادة العرب بالمنامة، كانت هناك نواقص كثيرة تجاه فلسطين وغزة».

وهذا بالضبط، هو موضع الخلاف بين العرب وإيران، وهو إباحة إيران لنفسها، تحت اسم المقاومة وقميص فلسطين، التدخل في صميم الشؤون العربية، وتوجيه هذه السياسات، لما يراه ويرى رجال نظامه أنه الصواب والحق!

لن أتحدث عن جهود العرب، خصوصاً السعودية ومصر، بالدماء والسياسة والمال والدبلوماسية، عبر عقود وعقود، من أجل فلسطين، وقبل ولادة النظام الإيراني الثوري الديني، فهذا حديث مكرور، ويشبه اللغة الاعتذارية المرفوضة، اعتذارٌ لِمن وعن ماذا؟!

حسبما ورد في وكالة «تسنيم»، قال الرئيس السوري بشار الأسد في هذه الجلسة: «بعد أكثر من 50 عاماً تقدّم خط المقاومة في المنطقة، وأصبح الآن نهجاً دينياً وسياسياً».

إذا رغبنا في فهم الأمور صراحة، يجب علينا إلغاء «المجاز» السياسي وقراءة الكلام من دون أغطية البلاغة ورمزيات التصوف السياسي اللغوي.

الحديث باختصار عن «تمكين» لمصالح فريق سياسي على حساب فريق آخر، مفردات المقاومة والممانعة... إلخ، هي رماحٌ مرفوعٌ فوقها أوراق القداسة الخادعة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حضرة صوفية في جلسة سياسية حضرة صوفية في جلسة سياسية



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 19:13 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 16:12 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد وبن زايد يهنئون رئيس بنما بذكرى الاستقلال

GMT 13:59 2015 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

تصاميم على شكل الماس لحقائب "إن إس باي نوف"

GMT 10:32 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

لوني شتاءك بأجمل موديلات الأحذية الـ Pumps

GMT 01:32 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عيش الرفاهية في فنادق ومنتجعات الجميرا الفخمة

GMT 01:28 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

«بنتلي» تفوز بلقب الشركة الأكثر تقديرًا في بريطانيا

GMT 23:18 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

الزمالك يهزم بتروجيت في دوري كرة الطائرة المصري

GMT 19:14 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات رئيسية لترتيب خزانة ملابسكِ الخاصة

GMT 11:52 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

6 أفكار أنيقة مميزة لزينة حفلات الزفاف

GMT 07:51 2013 السبت ,27 تموز / يوليو

جمال كامل فرحان يصدر رواية "كان ردائي أزرق"

GMT 04:48 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

رواية "الجنية" تمزج الواقع بالخيال بشكل واقعي

GMT 19:29 2013 الأربعاء ,22 أيار / مايو

خيبة المثقف في"طائف الأنس" لعبدالعزيز الصقعبي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates