المشعوذون القدامى والجُدد

المشعوذون القدامى... والجُدد

المشعوذون القدامى... والجُدد

 صوت الإمارات -

المشعوذون القدامى والجُدد

بقلم:مشاري الذايدي

عندما يستقيل الإنسان من عقله، توقّع منه كلَّ غريب، فالعقل هو الذي يعقل المرء عن الخضوع لغرائزه العمياء وعواطفه الهوجاء.

لا تعوِّلْ على تقدّم العلوم وتدفّق المعلومات على كل البشر في رفع سويّة الوعي العام... على العكس ربما يُسهم هذا التشابك الشامل بين بني الإنسان اليوم في سهولة تفشّي فيروسات الجهل وبكتيريا الخرافات، مخدومةً هذه المرّة بحفنة من توابل الديجيتال على منصات «تيك توك» أو «إكس»، إلخ.

قبل أيام نشرت «بي بي سي» تحقيقاً صحافياً استغرق بعض الوقت بالتعاون مع جهات أخرى حول حكاية القسّ النيجيري «النصّاب» والواعظ التلفزيوني المعروف باسم تي بي جوشوا.

هذا الرجل أفلحَ في جذب ملايين الناس إليه عبر سلسلة من الحِيل الكثيرة لإغواء الناس إلى سحر خرافاته.

زعم أنَّه يشفي من الأمراض المستعصية ويحلّ المشكلات المعضلة، بل وصل به الحال به إلى أنه زعم أنه يُحيي الموتى!

في 2004 حظرت هيئة البثّ النيجيرية المحطات من البث المباشر لمعجزات القس المزعومة عبر شاشات التلفزيون الأرضي، مما دفع جوشوا إلى إطلاق قناة «إيمانويل تي في» عبر القمر الصناعي ثم عبر الإنترنت.

الغريب أنَّ حِيل الدجّالين من هذا النوع متشابهة بغضّ النظر عن الدين الذي ينتمون إليه، فجوشوا المسيحي هذا، كانَ يوهم المرضى بأنه قادر على شفائهم بعصير مبارك، ويأمرهم بترك الأدوية المصروفة لهم، لكن تبيّن أنه في السرّ كان يأمر أتباعَه بجلب الأدوية نفسها وسحقها في هذه العصائر «المباركة»!

قبل سنوات قليلة كان هناك نصّابٌ خليجي يدّعي أنَّه يشفي الأمراض المستعصية، وحين مُنع من وسائل الإعلام، دشّن قناة فضائية خاصّة له، وفتح فروعاً له في لندن وباريس وعواصم أخرى، وكوّن شبكة كبرى وثروة أكبر، وكان من زبائنه أسماء -خصوصاً من السيدات- من الطبقات الاجتماعية المميّزة.

كيف ينساق إنسانٌ بكامل إرادته خلفَ هؤلاء الدجّالين، في كل وقت، ولا قيمة للتوعية المستمرة في إكسابهم حصانة من فيروسات الدجل؟!

السؤال الأخطر: هل الدجل محصور في صورة مشعوذ أو مدّعٍ لصفة دينية، مسلماً كان أو مسيحياً أو هندوسياً، يقول إنَّه يشفي المرضى بالبركات؟! أم أنَّ الدجل قد يتَّخذ صفة حديثة؟!

ثمّة صورة حديثة من الشعوذة القديمة، على صورة مَن يُقال عنهم «الكوتش لايف» أو أصحاب «التطوير الذاتي» مثلاً؟!

والسؤال الأخطر من هذا الأخطر هو: هل ينحصر الدجل هذه الأمثلة أم هناك أيضاً مَن يحترف «الشعوذة الفكرية» و«النصب السياسي» عبر تقديم تحليلات «مباركة» تُغني –فيما زعموا- عن تناول الأدوية العقلية الصحّية الحقيقية؟!

هذه الأدوية الصحّية ليست على هيئة حبوب تُبلع، بل على هيئة قوانين منطقية تحفظ سلامة العقول واستقامة التفكير... ويا حافظ العقول احفظ عقولنا.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشعوذون القدامى والجُدد المشعوذون القدامى والجُدد



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates